رأي

الحياة فرصة واحدة.. بقلم نوال عمليق

ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻮﺍﻗﻒ .. ﻭﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﺮﺻﺔ .. ﻭﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﺑﺤﻠﻮﻫﺎ ﻭﻣﺮﻫﺎ .. ﻓﻨﻤﻀﻲ ﻭﻧﺮﺣﻞ .. ﻭﻻ‌ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ..

قد تكونَ بدأتَ بدايةً خاطئة، وُضِعْتَ في مكانٍ ما لم تُفَكِّر فيه ولم تلتفت إلى عواقبِهِ ونتائجِهِ، الدليلُ على ذلك أَنَّكَ رُبَّمَا لا تَعرفُ أحدًا في هذا الكَوْنِ غَيَّرَ مَسَارَ حياتِهِ بعد نظرٍ وفِكْرٍ ورَويَّةٍ، وأَخَذَ يتأملُ في حالِهِ ومآلِهِ ثم تَبيَّنَ خَطَأ ما هو عليه؛ فَغَيَّرَ مَسَارَ حياتِهِ، أنت لا تَعْلَمُ مِن هؤلاءِ البَّشَرِ إلَّا أنهم يَمْضُونَ فيما وُجِدُوا فيه جَادِّينَ في تحصيلِ ما تَوَهَّمُوه، مع أنَّ هذا لا يكونُ إلَّا خيالًا وسَرَابًا.

كثيرٌ مِن الأمورِ، تبدأُ بدايةً خاطئةً، فيجبُ على الإنسانِ أنْ يتوقفَ:

ينبغي عليك أنْ يتوقفَ؛ لأنكَ لم تَبْدَأ بدايةً اختيارية، وإنَّمَا فُرِضَ عليكَ ذلك فَرْضًا، ولم تتوقف مِن أَجْلِ أنْ تُرَاجِعَ، واللهُ ربُّ العالمينَ قد أرسلَ إلينا نَبيَّهُ الكريم -صلى اللهُ عليه وآلِهِ وسلم- يُذَكِّرنَا بالحقائقِ، بِضَعْفِ الإنسانِ، فالإنسانُ ضعيفٌ، وخُلِقَ الإنسانُ مِن ضَعْفٍ، ويَحْيَى في الضَّعْفِ ويموتُ ضعيفًا، ويُبْعَثُ يومَ القيامةِ بِلَا حَوْلٍ ولا حِيلة.

الإنسانُ لا يستطيعُ أبدًا أنْ يُواجِهَ نَفْسَهُ بِضَعْفِهِ، هل تَجِدُ مُتَكبرًا قَط يُقِرُّ بِضَعْفِ نَفْسهُ وأنه لا حَوْلَ له و لا حيلة، مع أنَّ هذه حقيقةٌ لا يستطيعُ أنْ يفعلَ شيء، بل إنهُ لو حَاوَلَ أنْ يُثْبِتَ لِنَفْسِهِ قوتَهُ و قدرتَهُ بشيءٍ مِن ذَاتِهِ بأنْ يرفعَ يَدَهُ مَثَلًا هكذا لَيْلًا طويلًا!! لا يستطيعُ، فإذا كان لا يستطيعُ السيطرةَ على عضوٍ مِن أعضائِهِ، فكيف بجَسدِهِ كلِّهِ؟ فكيف بمُستقبلِهِ؟ فكيف بمستقبلِ الناسِ مِن حولِهِ؟

ينبغي علينا أيُّها الأَحبَّة أنْ نَتَرَوَّى قليلًا، فإنَّ الحياةَ فرصةٌ واحدةٌ لا تتكررُ، وإذا مَضَت فَلَن تَعُودَ، والذي يَمْضِي مِنْهَا مِن غيرِ مَا نَفْعٍ ولا ثَمَرَةٍ ولا نتيجةٍ يُحَصِّلُهَا الإنسانُ، هذا هَدَرٌ ضَائِعٌ، بل إنهُ يكونُ في الجُملةِ على مَن ضَيَّعَهُ.

لمَاذَا لَا تُغَيِّرُ حَيَاتَك؟!

لمَاذَا لَا تَتَوَقَّف مِن أَجلِ أَن تُرَاجِعَ مَا كَان؟ وَمِن أَجلِ أَنْ تَنظُرَ فِيمَا هُوَ آت؟!

مِن أَجلِ أَنْ تُبَدِّلَ مَسَارًا خَاطِئًا سِرتَ فِيهِ وَأَنتَ مُمْعِنٌ فِي السَّيرِ فِيهِ، وَكُلُّ لَحظَةٍ تَمضِي فِي هَذِهِ الطَّرِيق فَإِنَّهَا تُوَصِّلُكَ إِلَى الخَرابِ وَالدَّمَارِ وَالبَوَارِ!!

تَوَقَّف وَتَأَمَّل فِي أَخلَاقِكَ وَطِبَاعِكَ, فَإِنَّكَ تَجِدُ الغَضُوبَ إِذَا مَا رَاجَعتَهُ وَقُلتَ لَهُ: هَذَا لَا يَجمُلُ بِكَ, أَنتَ رَجُلٌ عَاقِلٌ مُتَّزِنٌ، وَإِذَا مَا غَضِبتَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدرِي مَا يَخرُجُ مِن فَمِك، لَوْ أَنَّكَ نَظَرت فِي مِرآةٍ فِي حَالِ غَضَبِكَ؛ لَأَبغَضَّتَ نَفسَكَ، كَالشَّيطَانِ فَائِرَ الرَّأسِ, مُنتَفِضَ البَدَنِ, لَا تَكَادُ تَستَقِرُّ عَلَى حَالٍ, اتَّقِ اللهَ!!

سَيَقُولُ لَكَ: هَذَا طَبعِي فَقَد خُلِقتُ غَضُوبًا.

نَعَم؛ وَقَد نَزَلَ الشَّرعُ مِنَ السَّمَاءِ لِيُغَيِّرَ الطِّبَاعَ، فَحُجَّتُكَ غَيرُ مَقبُولَة.

يَنبَغِي عَلَينَا؛ أَنْ نَجتَهِدَ فِي تَغيِيرِ مَا نَحنُ فِيهِ بَعدَ أَنْ نَنظُرَ فِيهِ بِرَوِيَّةٍ وَرِفقٍ، وَأَنْ نَعلَمَ أَنَّ المُستَقبَلَ الحَقِيقِيَّ هُوَ مَا يَأتِي لَا مَا مَضَى، وَلَا مَا نَتَخَيَّلُهُ وَنَتَوَهَّمُهُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى