كتب : عبدالسلام الفقهي
شهدت قاعة «المجاهد» بالمركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، محاضرة عن حياة وأعمال الشيخ الخطاط أبوبكر ساسي المغربي، القتها الشاعرة فريال الدالي. تناولت خلالها نشاطه في مجال الخط العربي وجهوده في ترسيخ مبادئ هذا العلم.
استهلت الدالي حديثها بتطرقها إلى حياة الشيخ المولود سنة 1917، ورحلته مع القرآن الذي تشرب أحكامه وأسس حفظه على عديد مشائخ طرابلس، أبرزهم الشيخ مختار حورية الذي عُرِفَ عنه تفرده في تحفيظ كتاب الله من تلقين وتدريس أحكامه، وكان أبوبكر ساسي إضافة لذلك يتنقل بين الزوايا استزادة وتوسع في معارفه الدينية من زاوية جامع ميزران إلى سيدي عطية وغيرها.
واضافتْ انه عندما أتم الشيخ حفظ القرآن في عمر التاسعة عشر، استمر مداومًا على ريادة بيوت الله والكتَّاب في كل من مسجدي (أحمد باشا، والناقة)، كما كان على موعد لرحلة أخرى في دروب المعرفة، وذلك بالاتجاه صوب المدرسة الأزهرية بمصر سنة 1936، مدفوعًا بتشجيع إخوته خصوصًا شقيقه أحمد العائد من الأزهر آنذاك.
علوم الخط
وتابعت المحاضرة بالقول إ الشيخ أبوبكر ساسي علاوة على انتظامه في الدراسة الأزهرية إلا أن شغفه بالخط العربي، قاده للبحث عن رواده، َوفنانيه مثل الخطاط سيد إبراهيم الذي يعد من أهم الأسماء بالخصوص ولقب بعميد الخط العربي، وحال اطلاعه على نماذج من أعمال الطالب أبوبكر ساسي، نالت إعجابه فعمل على إدخاله لمدرسة تحسين الخطوط الملكية سنة 1937، والتي عدل اسمها إلى مدرسة تحسين الخطوط العربية في عهد جمال عبدالناصر.
وأوضحت أن الشيخ الراحل قسم جدوله الدراسي صباحًا في الأزهر، ومساءً في مدرسة تحسين الخطوط حتى تخرج منها سنة 1941، لكنه واجه لاحقًا ظروفًا صعبة مع إكمال دراسته الأزهرية، حيث كانت الحرب العالمية الثانية حائلًا بينه وطريق عودته إلى ليبيا، خصوصًا وهو غير مشمول في المنحة الأزهرية أو ما عرف بـ(الجراية)، حتى أنه قسم رغيف الخبز على عدة أيام بحسب ما رواه للمحاضرة أثناء استذكار تلك التجربة.
واردفتْ أن الشيخ تمكن بعد فترة العودة إلى ليبيا متنقلًا من مدينة. إلى أخرى حتى وصل طرابلس سنة 1943، وكان قد وجدها مدينة أخرى تجمع بين روحها الإسلامية والطراز المعماري الإيطالي. وقد تلقى صدمة موت والدته اثناء ايام عودته من مصر، وبعد فترة إحباط تنازعته الرغبة بين خيار العودة إلى مصر أو البقاء في ليبيا وقرّر بعد ذلك البقاء خصوصا مع ظهور طلائع الحراك الوطني المنادي بالاستقلال والحرية.
واضافتْ أن الشيخ دفع في اتجاه إصدار كراسات تعنى بتدريس الخط العربي، وكانت مادتها من إنجاز خطاطين مثل سيد إبراهيم، ومع حلول سنوات الاستقلال عين خطاطً للقصر الملكي، إضافة إلى مشاركته في كتابة مناشير ولافتات الجولات التي قام بها حزب «المؤتمر» أثناء زيارته للمدن والقرى، كما أسهم في كتابة العناوين الرئيسة في الصحف آنذاك، ولم تتوقف محاولاته اعتماد معهد لتعليم الخط العربي في العهد الملكي، لتتواصل مع وزارة التعليم والاتفاق مبدئيًا على إعداد دورة لتعليم الخط العربي التي ستحدَّد لاحقًا امكانية تأسيس المعهد من عدمه، ورغم نجاح الدورة إلا أن الامتناع حتى منتصف السبعينيات وتحديدًا سنة 1976باعتماده تحت اسم (ابن مقلى) لتعليم الخط العربي.
تجدر الاشارة إلى أن المحاضرة أقيم على هامشها معرضٌ شمل صورًا شخصية للشيخ وبعض المواد المنشورة في الصحف حول نشاطه، وكذلك نماج من فنونه الخطية .