قال تعالى : ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) سورة الإسراء آية (1)
نكتب باستمرار عن ليلة الإسراء و المعراج ، نحاول في هذه السنة الكتابة بإيجاز عن أهم الدروس المستفادة من ليلة الإسراء و المعراج ، هي عديدة نذكر أهمها :
- بيان المُصدق و المُكذَب ذلك أن الذهاب إلى ” بيت المقدس ” يستغرق شهرين ذهاباَ و إياباَ .
- تعويضُ الله سبحانه و تعالى للرسول صلى الله عليه و سلم لصدّ النَاس عنه ، بعد حادثة أذى أهل الطائف له ، و منعه من دخول المسجد الحرام إلا بجوار ” مِطعم بن عديّ ” ، فعَوضه الله سبحانه و تعالى بفتح أبواب السماء له ، بيان أهمية الصلاة و مكانتها .
- التوحيد و الإخلاص و عبادة الله سبحانه و تعالى ، ليلة الإسراء و المعراج هي مُعجزة من المُعجزات الربانيّة تضمنت مُعجزات أخرى سرعة البُراق ، لقاء الأنبياء عليهم السلام و ترحيبهم النبي عليه أفضل الصلاة و السلام .
- قيام الرَّحلة الإسراء و المعراج على أصول ثلاثة التّسبيح و التّحميد و التّكبير ، و هي ذات الأسس التي قامت عليها الصلاة ، الدلالة على العُبودية المُطلقة و الخالصة لله سبحانه و تعالى ، و هي أسمى المراتب و أعلى المقامات التي يصلُ إليها الإنسان فهي عزة و رفعة و عطاء و إكرام مرتبة سامية .
- الدلالة على كمال الشريعة المُحمدية بدأت ليلة الإسراء و المعراج بالمسجد الحرام و هو مقرُّ شريعة إبراهيم عليه السلام ثم المسجد الأقصى و هو مقرُّ شرائع بني إسرائيل و وحيهم .
- رأي الرسول صلى الله عليه و سلم في ليلة الإسراء و المعراج الملائكة “جبريل عليه السلام ” على هيئته و صورته الحقيقية و له ستَّ مئة جناح ، و رأي الأنبياء عليهم أفضل السلام ، القدرة الربانيّة و البُرهان المشهود على البداية و النهاية رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم الجنّة و النّار .
- التفاؤل و عدم اليأس ـ و أنّ بعد كل ” محنةٍ لابُدَّ من منحةٍ ” ، تكريم لسيدنا محمد باطلاعه على الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله في ليلة الإسراء و المعراج ، و الارتقاء بالأمة العربية و الرفع من مكانتها .
- ليلة الإسراء و المعراج تعدّ نقطة تحول في طريق الدعوة إلى الله سبحانه و تعالى ، إثبات نبوة النبي عليه السلام و الصلاة و صدقها ، جزاء الصبر و تكريما له بعد تعرضه للأذية من قريش ، و وفاة ” السيدة خديجة بنت خويلد ” زوجته رضى الله عنها و عمه ” أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي ” رضى الله عنه ، فهذا بمثابة الدعم النفسي للرسول الله صلى الله عليه و سلم .
- الرفع من قدر و مكانة الرسول صلى الله عليه و سلم ، جعله الله سبحانه و تعالى خير البشرية و إمام البرية ، خاطبه في القرآن الكريم ليس باسمه المجرد بل ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) و ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ﴾ و لم يُذكر باسمه إلا في أربع مواضع في القرآن الكريم ، و قد جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء قال الله تعالى : ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ سورة الفتح آية (29) ، و في ليلة الإسراء و المعراج وصفه الله سبحانه و تعالى بصفة العبادة ، قال الله تعالى : ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ الإسراء آية (1) .
قال ” أحمد شوقي ” في قصيدة نهج البردة في مدح ” الرسول صلى الله عليه و سلم ” :
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً اِذ مَلائِكُهُ * وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم * كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَرٍ * وَ مَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم * عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ * وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ
يا رَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها * وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا * وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفاً وَلا تَسُمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ * فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
اعداد : فاطمة الثني