الرئيسيةزووم

الدستور .. جدل المسودة .. اشكالـيات البنود

سالمه الشعاب

‭)‬الدستور‭( ‬هو‭ ‬الميثاق‭ ‬العام‭  ‬الذى‭ ‬يحدد‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬للدولة‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬الملجأ‭ ‬لحل‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬تعترض‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬وسلامة‭ ‬أرضيها‭ ‬ويضمن‭ ‬وحدتها‭ ‬وهو‭ ‬ضامن‭ ‬للسلم‭ ‬الأهلى‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬ثرواتها‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬لجنة‭ ‬الدستور‭ ‬من‭ ‬الشرق،‭ ‬والغرب،‭ ‬والجنوب‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المحاصصة‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭  ‬الهيئة‭ ‬وبعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬مسودة‭ ‬أثارت‭ ‬عديد‭ ‬الملابسات‭ ‬أولها‭ ‬المادة‭ ‬رقم‭ )‬6‭(‬التى‭ ‬تعد‭ ‬الشريعة‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬التشريع‭ ‬وبذلك‭ ‬يعتبر‭ ‬مسودة‭  ‬الدستور‭  ‬هو‭ ‬لخدمة‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الملابسات‭ ‬التى‭ ‬جعلت‭ ‬منها‭ ‬مشروعًا‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬حلولًا‭ ‬قطعية‭ ‬لكل‭ ‬المشكلات‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬تأجيلها‭ ‬وبذلك‭  ‬الدستور‭ ‬يجتاح‭ ‬إلى‭ ‬دستور‭ ‬آخر‭ ‬لحل‭ ‬المعضلات‭ ‬التى‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬مشكلات‭ ‬البلاد‭ ‬ويخرج‭ ‬بها‭ ‬لبر‭ ‬الامان‭ ‬

وللتعرف‭ ‬على‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور،‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭  ‬يتم‭ ‬عرضها‭ ‬للاستفتاء؟،‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬الدستور‭ ‬زينب‭ ‬الزائدي‭ ‬

مسودة‭ ‬الدستور‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬وما‭ ‬عليها‭ ‬؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تعرض‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬للتصويت‭ ‬؟

انجزتْ‭ ‬هيئة‭ ‬الدستور‭ ‬يوم‭ ‬29‭-‬7‭-‬2017‭  ‬مسودة‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استحقاق‭ ‬الدستور‭ ‬وهى‭ ‬هيئة‭ ‬منتخبة‭ ‬لانجاز‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬وتم‭ ‬تسليمه‭ ‬للشعب،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدنى‭ ‬وللبرلمان‭ ‬ولكل‭ ‬الجهات‭ 

هناك‭ ‬مَنْ‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور‭ ‬جاءت‭  ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬مما‭ ‬آثار‭ ‬ضجة‭ ‬كببرة‭ ‬؟

بالنسبة‭ ‬لما‭ ‬انجزته‭ ‬الهيئة‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬إنساني‭ ‬لن‭ ‬يصل‭ ‬للكمال‭ ‬ففى‭ ‬فترة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬نشتغلوا‭ ‬على‭ ‬الدستور‭ ‬كل‭ ‬مناطق‭ ‬ليبيا‭ ‬ولكن‭ ‬أهم‭ ‬نقطة‭ ‬إنه‭ ‬صادق‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬43‭ ‬عضوًا‭ ‬من‭ ‬اصل‭ ‬‮٤١‬‭ ‬عضوًا‭ ‬وهذا‭ ‬يمثل‭ ‬الجانب‭ ‬القانونى‭ ‬حيث‭ ‬انه‭ ‬اكتمل‭ ‬النصاب‭ ‬المطلوب‭ ‬41‭ ‬عضوًا‭ ‬وهنا‭ ‬الشعب‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يستفتى‭ ‬عليه

ما‭ ‬مصير‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور‭ ‬؟

مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬جاء‭ ‬باتفاق‭ )‬43‭( ‬عضوًا‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬التأسيسية،‭ ‬فهناك‭ ‬مَنْ‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬يطعن‭ ‬ويشكك‭ ‬فى‭ ‬الدستور‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النقد‭ ‬موضوعيًا‭ ‬الآن‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬ننتظر‭ ‬فى‭ ‬عرض‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬للاستفتاء‭                        

المحامية‭ / ‬ثريا‭ ‬الطويبي‭ ‬سألناه‭ ‬عن‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور،‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاستفتاء‭ ‬عليها‭ ‬؟

هناك‭ ‬تحفظات‭ ‬على‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور‭   ‬المسماة‭ ‬توافقية،‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬حقيقتها‭ ‬مسودة‭ ‬مغالبة‭ ‬بالتحديد‭ ‬فى‭ ‬المادة‭)‬6‭( ‬هى‭ ‬مادة‭ ‬محصنة‭ ‬من‭ ‬التعديل‭ )‬و‭( ‬هي‭ ‬تعد‭ ‬تمكينًا‭ ‬للفكر‭ ‬الإسلاموي‭ ‬وهى‭ ‬الحكم‭ ‬بالشريعة‭ ‬والتى‭  ‬هى‭ ‬القرآن‭ ‬والسنة‭ ‬الاحاديث‭ ‬وآراء‭ ‬الفقهاء‭ ‬والمذاهب‭ ‬وكل‭ ‬الاختلافات؛‭ ‬حيث‭ ‬ستتحكم‭ ‬جماعة‭ ‬الفكر‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬رأيه‭ ‬الدينى‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬تغيير‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬الا‭ ‬التى‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬شريعتهم‭ ‬واستبعدت‭ ‬القوانين‭ ‬المدنية‭ ‬لغرض‭ ‬فرض‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭ ‬فى‭ ‬الظاهر‭ ‬ومتشدده‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬وان‭ ‬كانوا‭ ‬اعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يفهموا‭ ‬خطورتها‭ ‬حيث‭ ‬انهم‭ ‬سيورطونا‭ ‬فى‭ ‬مستنقع‭  ‬يصعب‭ ‬الخروج‭ ‬منه

طلعت‭ ‬بغنى‭ / ‬رئيس‭ ‬المؤسسه‭ ‬الليبية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬

فى‭ ‬بداية‭ ‬عمل‭ ‬لجنة‭ ‬الدستور‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬السيد‭ ‬سالم‭ ‬كشلاف،‭ ‬والسيد‭ ‬عماد‭ ‬المسلاتى‭ ‬والدكتور‭ ‬صالح‭ ‬شاكر‭ ‬أعضاء‭ ‬لجنة‭ ‬الدستور‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬اللجنة‭)‬20-20-20‭( ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬و‭ ‬الغرب‭ ‬والجنوب‭ ‬سنة‭ ‬والمدة‭ ‬المحدده‭ ‬120‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬الاول‭ ‬كانت‭ ‬اللجنة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المحاصصة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬وقد‭ ‬حاول‭ ‬المبعوثون‭ ‬الدوليون‭ ‬وجعلوهم‭ ‬يستمروا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬صلالة‭ ‬فى‭ ‬عُمان‭ ‬حتى‭ ‬خرجت‭ ‬مسودة‭ ‬الدستور‭ ‬وبعدها‭ ‬تم‭ ‬التفاهم‭ ‬فى‭ ‬مطعم‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬البيضاء،‭ ‬و‭ ‬فاهم‭ ‬اصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬ليخرجوا‭ ‬مسودة‭ ‬مليئة‭ ‬بالعيوب‭ ‬اولا‭ ‬لم‭ ‬يحددوا‭ ‬اسم‭ ‬البلد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتضمنها‭ ‬الدستور‭  ‬كالنظام‭ ‬المالى‭ ‬غير‭ ‬معروف‭ ‬كانه‭ ‬حالة‭ ‬تقسيم‭ ‬لبلاد‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المحاصصه‭ ‬حيث‭ ‬قاموا‭ ‬بحسبة،‭ ‬وهى‭ )‬مواطن‭ +‬جغرافيا‭(  ‬فتمت‭ ‬الحسبه‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬الليبي‭ ‬يساوى‭ ‬8‭ ‬‮«‬شكاير‮»‬‭ ‬أكياس‭ ‬تراب‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭  ‬و‭ ‬7شكاير‭ ‬من‭ ‬الشرق؛‭ ‬فمبدأ‭ ‬المواطنه‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬فى‭ ‬الدستور‭ ‬وكل‭ ‬المشكلات‭ ‬التى‭ ‬تواجههم‭ ‬يتم‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬القوانين‭ ‬والمفروص‭ ‬ان‭ ‬الدستور‭ ‬اعلى‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التى‭ ‬تثير‭ ‬اللغط‭ ‬مثلا‭ ‬الدساتير‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬البلد‭ ‬شكل‭ ‬الدولة‭ ‬ونوع‭ ‬الحكم‭ ‬وسمحوا‭ ‬للعسكريين‭ ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بالتصويت‭ ‬معروف‭ ‬انه‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬العسكريين‭ ‬يمتثلوا‭ ‬لاوامر‭ ‬قائدهم‭ ‬ومصطلح‭  ‬الديمقراطبه‭ ‬ام‭ ‬يذكر‭ ‬إلا‭ ‬مرتين‭ ‬وقاموا‭ ‬و‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬خلال‭ ‬اربعة‭ ‬اشهر‭  ‬وهذا‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬الا‭ ‬ستمرار‭  ‬و‭ ‬ايضا‭ ‬موضوع‭ ‬القوانين‭ ‬الدستوريه‭ ‬مره‭ ‬فى‭ ‬العالم‭  ‬و‭ ‬اى‭ ‬مشكلة‭ ‬تعترضهم‭ ‬بتم‭ ‬تحويلها‭ ‬الى‭ ‬القوانين‭.‬

والمفروض‭ ‬إن‭ ‬الدستور‭ ‬اعلى‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬ايضا‭ ‬وضعوا‭ ‬مادة‭ ‬ان‭ ‬ليبيا‭ ‬دينها‭ ‬الإسلام‭ ‬والشريعة‭ ‬مصدر‭ ‬الحكم‭ ‬اى‭ ‬شريعة‭ ‬ووضعوا‭ ‬لجنة‭ ‬يتراسها‭ ‬شخص‭ ‬يكون‭ ‬دارس‭ ‬شريعة‭ ‬و‭ ‬ليس‭ ‬قانونًا‭ ‬واللجنه‭ ‬4و3‭ ‬و‭ ‬الرئيس‭ ‬يضم‭ ‬صوته‭ ‬للفئة‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬معه‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تتضارب‭ ‬القوانين‭ ‬مع‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬هذه‭ ‬اللجنه‭ ‬تفصل‭ ‬بينهم‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬الدستور‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬لصالح‭ ‬فئه‭ ‬معينه

إسماعيل‭ ‬منصور

محامٍ‭ ‬وباحث‭ ‬قانونى

‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬وخذلان‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير

شكّلت‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬ليبيا،‭ ‬حيث‭ ‬خرج‭ ‬الشعب‭ ‬مطالبًا‭ ‬بالحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬واستعادة‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬طمسها‭. ‬وكان‭ ‬العلم‭ ‬ذا‭ ‬الألوان‭ ‬الثلاثة‭ ‬والنشيد‭ ‬الوطني‭ ‬‮«‬يا‭ ‬بلادي‮»‬‭ ‬رمزين‭ ‬بارزين‭ ‬لهذه‭ ‬الثورة،‭ ‬حيث‭ ‬رفعهما‭ ‬الثوار‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬وأصبحا‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬التحرر‭ ‬والانتماء‭. ‬لكن‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬المقترح‭ ‬جاء‭ ‬مخيبًا‭ ‬للآمال‭ ‬عندما‭ ‬تجنب‭ ‬النص‭ ‬الصريح‭ ‬على‭ ‬هذين‭ ‬الرمزين،‭ ‬تاركًا‭ ‬أمر‭ ‬تحديدهما‭ ‬للقانون،‭ ‬في‭ ‬خروج‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬الأعراف‭ ‬الدستورية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭.‬

تثير‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬الليبي‭ ‬جدلاً‭ ‬حول‭ ‬غموضها‭ ‬وعدم‭ ‬امتثالها‭ ‬للممارسات‭ ‬الدستورية‭ ‬الشائعة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الرموز‭ ‬الوطنية‭. ‬إذ‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ينظم‭ ‬القانون‭ ‬علم‭ ‬الدولة،‭ ‬ونشيدها،‭ ‬وشعاراتها،‭ ‬وأعيادها‭ ‬الرسمية،‭ ‬ويصدر‭ ‬بأغلبية‭ ‬ثلثي‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‮»‬

أي‭ ‬أن‭  ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينظم‭ ‬علم‭ ‬الدولة‭ ‬ونشيدها‭ ‬وشعاراتها‭ ‬وأعيادها‭ ‬الرسمية،‭ ‬مع‭ ‬اشتراط‭ ‬موافقة‭ ‬أغلبية‭ ‬الثلثين‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭.‬

لكن‭ ‬المأخذ‭ ‬الرئيس‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصياغة‭ ‬هو‭ ‬تجنب‭ ‬النص‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والنشيد‭ ‬الوطنيين،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬متبع‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدساتير‭ ‬لضمان‭ ‬ثبات‭ ‬الرموز‭ ‬الوطنية‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬السياسية‭ ‬المتكررة‭.‬

وفي‭ ‬التجارب‭ ‬الدستورية‭ ‬المقارنة،‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬يُدرج‭ ‬العلم‭ ‬الوطني‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬الدستوري،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬دساتير‭ )‬مصر‭ ‬وتونس‭ ‬والجزائر‭( ‬وغيرها،‭ ‬حيث‭ ‬تحدد‭ ‬الألوان‭ ‬والمعاني‭ ‬بدقة،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬ويمنع‭ ‬أي‭ ‬جدل‭ ‬مستقبلي‭ ‬حولها‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬تحديد‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الدستور‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬صراعات‭ ‬سياسية‭ ‬قديمة‭ ‬وحديثة‭ ‬وربما‭ ‬مستحدثة‭ ‬تعيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التباينات‭ ‬القائمة‭ ‬حول‭ ‬رموز‭ ‬الدولة‭ ‬منذ‭ ‬2011‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬اشتراط‭ ‬أغلبية‭ ‬الثلثين‭ ‬لاعتماد‭ ‬القانون‭ ‬المنظم‭ ‬لهذه‭ ‬الرموز‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬ضمانة‭ ‬للاستقرار،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬يعرقل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬توافق،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬سياسية‭ ‬منقسمة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأجدى‭ ‬أن‭ ‬يُنص‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والنشيد‭ ‬الوطنيين‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬مع‭ ‬ترك‭ ‬التفاصيل‭ ‬الأخرى‭ ‬للقانون‭.‬

بالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬بصيغتها‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬الغاية‭ ‬الدستورية‭ ‬المطلوبة،‭ ‬بل‭ ‬تُبقي‭ ‬مسألة‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬عرضة‭ ‬للأخذ‭ ‬والرد،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الخلافات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬حسمها‭.‬

عبدالحكيم‭ ‬الشعاب

كلنا‭ ‬يعلم‭ ‬ويتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬هو‭ ‬التداول‭ ‬السلمي‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬عبر‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬ولهذا‭ ‬قام‭  ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الانتقالي‭ ‬في‭ ‬الاعلان‭ ‬الدستوري‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2011‭.‬

وفي‭ ‬مادته‭ ‬30‭ ‬التي‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬المفوضية‭ ‬العليا‭ ‬للانتخابات‭ ‬للإشراف‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬بالكامل‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬بدأت‭ ‬المفوضية‭ ‬أعمالها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صدر‭ ‬قانون‭ ‬رقم‭ ‬8‭ ‬لتنظيم‭ ‬أعمالها‭ ‬ومهامها‭ ‬وبالفعل‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬عملية‭ ‬لانتخابات‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني،‭ ‬والبرلمان‭ ‬الليبي‭.‬

وهي‭ ‬تجربة‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬حوالي‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭ ‬ثم‭ ‬تواصلت‭ ‬انتخابات‭ ‬الهيئة‭ ‬التأسيسية‭ ‬للجنة‭ ‬الدستور‭ ‬والانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬البلدية‭ ‬وغيرها‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬خلال‭ ‬2024‭ ‬أو‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬مطلع‭ ‬2025‭  ..‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الانتخابات‭ ‬الوطنية‭ ‬وهي‭ ‬البرلمانية‭ ‬والرئاسية‭ ‬لازالت‭ ‬القوانين‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬كانتخابات‭ ‬قائمة‭ ‬نتيجة‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬والتجاذبات‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬والاجسام‭ ‬السياسية‭ ‬الليبية‭ ..‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستعداد‭ ‬المفوضية‭ ‬فهي‭ ‬على‭ ‬جاهزية‭ ‬عالية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬ورئاسية‭ ‬قادمة‭ .. ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬نهاية‭ ‬2024‭ ‬تجربة‭ ‬واضحة‭ ‬وناجحة‭ ‬لكل‭ ‬الليبيين‭ ‬وقد‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬ويسر‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تأمين‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬وانجازها‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬اللوجستية‭ ‬كانت‭ ‬بشكل‭ ‬سليم‭ ‬وعلى‭ ‬جاهزية‭ ‬عالية‭ ‬وقد‭ ‬اثبتت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المفوضية‭ ‬وأيضا‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬استعدادهم‭ ‬لخوض‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬انتخابية‭ ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬النوايا‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬صناديق‭ ‬الانتخابات‭ .. ‬

ما‭ ‬ننتظره‭ ‬هو‭ ‬توافق‭ ‬سياسي‭ ‬ومنح‭ ‬المفوضية‭ ‬الاذن‭ ‬في‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬القادمة‭ ‬وهي‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الوطني‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره‭ ‬الليبيون‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬برلمانية‭ ‬أم‭ ‬رئاسية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى