
انعقد مؤخرًا ملتقى «السرد» بدولة الكويت في الفترة 12، 13، 14 أكتوبر 2025، بمشاركة روائيين ونقاد من الدول العربية وشهدت جلسة الافتتاح تكريم الناقد المغربي د.سعيد بنكراد كشخصية شرفية للملتقى، وقد كانت المشاركة الليبية حاضرة باسم الروائية الليبية الكبيرة عائشة إبراهيم صاحبة رواية )صندوق الرمل( التي وصلت الى قائمة جائزة «البوكر» فتم خلال الفترة الماضية توجيه الدعوة لها من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب في الكويت للمشاركة في ملتقى «السرد»، الذي انعقد ضمن فعاليات إعلان الكويت عاصمة للثقافة العربية.
الندوة التي شاركت فيها الروائية عائشة إبراهيم كانت بعنوان: )السرد والهامش المهمل- التاريخ من زاوية سردية(. بإدارة الكاتب والمترجم الكويتي عبدالوهاب سليمان، وبمشاركة الروائية التونسية أميرة غنيم، والروائية العمانية ليلى عبدالله.
وقد تحدثت عائشة في مداخلتها عن الرواية كوثيقة تاريخية مكملة للتدوين التاريخي الرسمي كونها تضيء الجوانب المظلمة أو المسكوت عنها أو التي أغفلها المؤرخون في وثائقهم الرسمية، جاء هذا الحديث من واقع تجربتها في رواية صندوق الرمل، حيث أشارت فيها إلى أن التاريخ الليبي غطى مرحلة الاستعمار الإيطالي لليبيا من جوانب الجهاد وأحداث المعارك وأسماء القادة والمؤثرين، والتحالفات الوطنية التي ساهمت في تعزيز حركة الجهاد، وكذلك المشهد الإيطالي بكل ما فيه من صراع سياسي وتجاذبات في تلك الفترة، لكن تظل قصص الإنسان ضحية هذه الحملة الاستعمارية مجهولة للقارئ، لذلك غاصت رواية صندوق الرمل في قصص الضحايا سواء من الجانب الإيطالي الذين وقعوا تحت تضليل الآلة الإعلامية الإيطالية ظناً منهم أن الحملة هي فقط مجرد نزهة بحرية في الشاطئ الرابع، أو من الجانب الليبي لتضيء الرواية قصة المنفيين والمنفيات من الليبيين في الجزر الإيطالية، ومعاناتهم في تلك السجون البائسة مع القهر والبرد والجوع والعراء. كانت شخصية بطلة الرواية «حليمة» كاشفة للهامش المهمل من التاريخ، وهي طبعًا شخصية ليست تخييلية وإن كان الاسم جاء هكذا اختيارياً، لكنها شخصية تعبر عن مئات الضحايا الذين قضوا في تلك المرحلة ونقلت على لسانها المعاناة التي تعرض لها أولئك السجناء والسجينات.
كما أشارت الكاتبة في مداخلتها إلى خصوصية المرأة الروائية في تعاملها مع الهامش المهمل من التاريخ وقالت أن المرأة ككائن مهمش في المجتمعات العربية لديها قدرة أكثر حساسية في التقاط التفاصيل التي تثري النص الروائي، وأشارت إلى روايتين هما: (ثلاثية غرناطة) للروائية المصرية رضوى عاشور وكيف استطاعت نقل التاريخ الأندلسي بعد سقوط غرناطة من خلال شخصيات هامشية من أبرزها شخصية مريمة وسليمة، ورواية الفتى المتيم والمعلم للكاتبة التركية أليف شافاق، حيث استطاعت هذه الرواية أن تنقل تاريخ الدولة العثمانية في مرحلة قاربت على قرن كامل، من خلال شخصية هامشية هي شخصية «جهان» مربي الفيل والمعلم سنان المعماري، وغطت الرواية الأحداث التاريخية والسياسية زمن السلطان سليمان القانوني، وما رافق تلك الفترة من صراعات ومؤامرات إضافة إلى المعمار الهندسي الذي اشتهرت به تلك الفترة.
وفي كلمة لها لصحيفة «فبراير» قالت الروائية عائشة إبراهيم:
إن الملتقى كان فرصة مهمة للتواصل والتفاعل الفكري بين الكتّاب من الدول العربية، وعرض التجارب المتنوعة في مجال النقد والسرد الروائي والقصصي. سواء أثناء المداخلات في الندوات، أو ما يتيحه الهامش من فرص للتعارف والمناقشات الأدبية والثقافية.
وقد شهدتْ هذه الأمسية حضورًا فاعلاً من جمهور المهتمين والمثقفين، وتابعتْ الصحف العربية هذه الأمسية باهتمام من بينها صحيفة «الأهرام» التي نشرت ما يلي:
)ومن جهتها، قالت الروائية الليبية عائشة إبراهيم أن الرواية يمكن تكون وثيقة مكملة، إذا أعادت صياغة الواقع من منظور إنساني وتضئ الجوانب المعتمة التي أهملها التاريخ( هذا وتواصل الروائية الليبية عائشة إبراهيم مسيرتها المميزة حيث أعلنت الفترة الماضية عن قرب صدور روايتها الجديدة «حرير شائك» والتي حتمًا ينتظرها بشغف المتابعون لنتاجها الروائي المختلف.



