
شهدتْ قاعة «تُرِبُوليس» بفندق باب البحر ، صباح الخميس 25 سبتمبر الماضي، حفل الإطلاق الرسمي للحملة التوعوية التثقيفية حول سرطان الثدي، التي تنظمها مؤسسة )ليبيا للجميع للتنمية والثقافة والتدريب( بإشراف ورعاية الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان، وبالتعاون والشراكة مع وزارة الدولة لشؤون المرأة و وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، و وزارة الصحة .
شهدتْ هذه المراسم حضور رفيع المستوى ضمّ معالي وزيرة الدولة لشؤون المرأة الدكتورة حورية الطورمال، والسيد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان الدكتور حيدر السائح، والسيدة وكيل وزارة الثقافة والتنمية المعرفية الاستاذة، وداد الدويني، والسيد رئيس مفوضية المجتمع المدني بليبيا الاستاذ فرج الفزاني، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة وعمداء البلديات، وممثلي الوزارات السيادية في الدولة ولفيف من الشخصيات النسائية الرائدة في المجتمع الليبي.
افتُتِحت الفعاليات بتلاوة مباركة لآيات من الذكر الحكيم، تلتها وقفة مع النشيد الوطني، قبل أن تلقي السيدة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الأستاذة منال العائب، كلمتها الترحيبية التي عبرت فيها عن اعتزاز المؤسسة باحتضان هذه المبادرة الوطنية، وأكدت أن الحملة تمثل صرخة أمل ورسالة قوة لكل امرأة ليبية، مشددة على أهمية الكشف المبكر كخطوة مفصلية في الوقاية والعلاج، داعية إلى الالتفاف حول المصابات ومساندتهن نفسيًا واجتماعيًا خلال رحلة العلاج.
من جانبه شدد الدكتور حيدر السائح، رئيس هيئة مكافحة السرطان، على أن صحة المواطن تأتي في صدارة أولويات الهيئة، مؤكدًا أن الدعم مستمر ومتواصل، مضيفاً أن الدولة ومؤسساتها لن تدخر جهدًا في الوقوف إلى جانب المرضى في مختلف مراحل علاجهم .
أما الدكتورة حورية طورمال، وزير الدولة لشؤون المرأة، فقد أكدت في كلمتها أن صحة المرأة هي الأساس لسلامة الأسرة والمجتمع بأسره، داعية النساء إلى الاستفادة من خدمات الكشف المبكر المجانية المتاحة خلال «الشهر الوردي»، باعتبار الوقاية والتشخيص المبكر مفتاح النجاة والأمان الصحي.
وفي السياق ذاته، أثنت السيدة وداد الدويني، وكيل وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، على جهود مؤسسة ليبيا للجميع والشركاء الداعمين للحملة، مشيرة إلى أن الثقافة والمعرفة يشكلان ركيزة جوهرية في تعزيز الوعي الصحي، وأن وزارة الثقافة تساند كل مبادرة من شأنها رفع مستوى الإدراك المجتمعي تجاه القضايا الصحية.
كما رحب السيد عبدالله راجح، رئيس اللجنة العليا للحملة، بالحضور، معربًا عن امتنانه لكل شركاء الحملة والداعمين، ومشيرًا إلى أن نجاح الحملة لن يقف عند حدود التوعية الصحية فقط، بل سيمتد إلى تقديم الدعم النفسي والإجتماعي للمرضى؛ بحيث تكون المبادرة شاملة ومتكاملة، حاملة في جوهرها رسالة إنسانية سامية.
تخلل الحفل عرض برومو توعوي مؤثر بعنوان: «الصمت»، من إعداد وزارة الدولة لشؤون المرأة، سلط الضوء على معاناة المريضات وأهمية كسر حاجز الخوف بالصوت والفعل.
كما قدّم السيد راجح شرحًا تفصيليًا لبرنامج الحملة، موضحًا أن أنشطتها ستتوزع بين محاضرات علمية، وورش عمل، وحملات ميدانية تستهدف المدارس والجامعات والمراكز الصحية، إلى جانب أنشطة إعلامية ومجتمعية واسعة النطاق.
وفي أجواء من التفاعل، فُتح باب النقاش أمام الحاضرين للإجابة عن أسئلتهم وتبادل الآراء، قبل أن تختتم الفعاليات بالتقاط الصور التذكارية، وافتتاح بوفيه على شرف الضيوف.
بهذا الانطلاقة، تؤكد مؤسسة ليبيا للجميع وشركاؤها أن الحملة التوعوية التثقيفية حول سرطان الثدي ليست مجرد نشاط عابر، بل مشروع وطني طويل الأمد، يرمي إلى نشر الوعي الصحي وتعزيز ثقافة الكشف المبكر، وإشاعة الأمل في قلوب آلاف النساء الليبيات، لتكون كل خطوة نحو العلاج والوقاية خطوة نحو حياة أجمل وصحة أكثر أمانًا.
إنّ الحديث عن سرطان الثدي لم يعد ترفًا، أو موضوعًا موسميًا يُطرح في أكتوبر فقط، بل أصبح قضية حياة تمس كل امرأة، وكل أسرة، وكل مجتمع.
ففي السنوات الأخيرة، ازدادتْ نسب الإصابة بسرطان الثدي بشكل ملحوظ في ليبيا كما في العالم أجمع، إلا أن الجانب المشرق في هذه الصورة القاتمة هو الوعي المتزايد بأهمية الكشف المبكر، والذي يعد المفتاح الحقيقي للشفاء التام، إذ تؤكد الإحصائيات الطبية أن نسبة الشفاء تتجاوز الحد الأكبر عند اكتشاف الورم في مراحله الأولى.
لكن رغم حملات التوعية التي تجوب وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تزال الكثير من النساء يشعرن بالخوف، أو الإهمال، أو الحرج من إجراء الكشف الدوري. بعضهن يعتقدن أن المرض «بعيد»، وأخريات يتهربن من فكرة «المواجهة»، بينما هناك فئة ثالثة اتخذتْ القرار الشجاع بالخضوع للكشف المبكر، لتروي لنا اليوم تجربتها بكل صدق وشجاعة.
فما الذي يدفع المرأة لإجراء الكشف؟ وما هي مخاوفها؟ وكيف كانت تجربتها داخل مراكز الفحص؟
في هذا الاستطلاع نقترب من آراء مجموعة من السيدات اللواتي خضن التجربة، ونعرض أصواتًا من الواقع، تعكس وعيًا متناميًا وتحديًا جميلًا للمرض والخوف معًا.
سمية د.م «38 سنة» تقول بابتسامة هادئة:
أتابعُ كل عام حملات أكتوبر الوردي، لكنَّني كنتُ أعتقد أنني صغيرة على الفحص. إلى أن فقدتْ إحدى قريباتي بسبب اكتشاف متأخر للمرض. حينها قررتُ أن لا أوجل أكثر، ذهبتُ لمركز الفحص، والخدمة كانت ممتازة. كانت التجربة مطمئنة أكثر مما تخيلت، والنتيجة سليمة الحمد لله. نصيحتي لكل امرأة: لا تنتظري الخوف حتى يدفعك، بل افحصي لتطمئني.
نجاة .س «45 سنة»
كنتُ خائفة جدًا من فكرة الجهاز ومن النتيجة. لكن الطبيبة شرحتْ لي كل شيء بهدوء، وتم الفحص خلال دقائق. اكتشفت وجود كيس صغير غير خطير، وتمت متابعتي بانتظام. اليوم أقول بثقة إن الكشف المبكر أنقذ حياتي من احتمال الخطر.
هالة.ع «29 سنة»
الوعي الآن أكبر، وأنا من الجيل الذي لا يخجل من الاهتمام بصحته. ذهبتُ للفحص الجماعي الذي نظمته إحدى الجمعيات في طرابلس، وكانت تجربة رائعة ومجانية. أتمنى أن تُكثَّف هذه الحملات في المناطق الريفية أيضًا.
أم محمد «54 سنة»
ترددت كثيرًا، لكن بعد جلسة توعية في مركز نسوي اقتنعت. الحمد لله النتيجة كانت سليمة. لكنني أدركتُ أن الفحص لا يعني المرض، بل يعني الوقاية. من المهم أن تكون المراكز أكثر قربًا من النساء في الأحياء الشعبية.
مسعودة .ك 40 سنة – طرابلس
كانت التجربة مريحة جدًا، الأطباء متعاونون والمكان مجهز. الفحص استغرق دقائق فقط. كنتُ متوترة قبلها، لكن بعد النتيجة شعرتُ براحة نفسية كبيرة.
أنصح كل امرأة أن تقوم بالفحص سنويًا حتى لو لم تشعر بأي أعراض.
فاطمة .أ 47 سنة
أُصبتُ بصدمة عندما أخبروني بوجود كتلة صغيرة. لكن لأنني أجريت الكشف في وقت مبكر، تم استئصالها بسهولة وتعافيت تمامًا. لو كنتُ تجاهلت الفحص، لا أعرف ما كان سيحدث اليوم. الفحص المبكر أنقذني من معاناة كبيرة.
أمل .س 33 سنة
ذهبتُ للفحص ضمن حملة مجانية نظمتها وزارة الصحة. كانت الممرضات مشجعات جدًا، وشرحن كل خطوة. خرجت وأنا أشعر بالفخر لأنني واجهت خوفي. أتمنى أن تكون هذه الخدمة متوفرة طوال العام وليس في أكتوبر فقط.
مريم .م 26 سنة – سبها
في مدينتنا لا تتوفر الأجهزة دائمًا، لذلك سافرتُ إلى طرابلس. التجربة كانت مهمة جدًا بالنسبة لي. أدركتُ أن التوعية في الجنوب ما زالت ضعيفة، وأتمنى أن تصل الحملات لكل المناطق، لأن المرض لا يفرّق بين المدن.
عزيزة .ح سنة
كنتُ أعتقد أن المرض يصيب فقط من لديهم تاريخ عائلي، لكن الطبيبة أوضحت لي أن أي امرأة مهددة بعد سن الأربعين. خضعت للفحص وأنا مطمئنة، والنتيجة سليمة. اليوم أشجع بناتي وصديقاتي على الفحص دون خوف.
نهلة .ز 37 سنة
التجربة لم تكن سهلة نفسيًا في البداية، لكنني وجدت دعمًا رائعًا من الطبيبات والممرضات.
كانت لحظة الانتظار مليئة بالتوتر، لكن حين ظهرت النتيجة سليمة بكيت من الفرح. تلك اللحظة جعلتني أقدّر قيمة الوعي أكثر من أي وقت.
سالمة .ع 42 سنة
أنا ناجية من سرطان الثدي منذ خمس سنوات، واكتشفته مبكرًا بفضل الفحص. اليوم أعمل متطوعة في حملات التوعية، وأقول دائمًا: لا تنتظري الأعراض، فالكشف لا يعني المرض، بل يعني الأمان.”
جمانه .ف 30 سنة
ذهبت مع صديقاتي في يوم جماعي للفحص، وكانت الأجواء مشجعة ومريحة.
أحب أن أقول لكل امرأة: لا تؤجلي صحتك بسبب مشاغل الحياة.الفحص يستغرق دقائق فقط، لكنه قد يطيل عمرك سنوات.
الدكتورة أسماء بن موسى – اختصاصية أورام
الكشف المبكر لا يقتصر على الفحص بالجهاز فقط، بل يبدأ بوعي المرأة بجسمها، وملاحظتها لأي تغير في شكل أو ملمس الثدي. ننصح بالفحص الذاتي الشهري، وبالفحص الطبي السنوي بعد سن الأربعين.”
الدكتورة هنادي الشريف – اختصاصية أشعة
نسبة الإقبال على الفحص ارتفعتْ مؤخرًا بفضل الحملات التوعوية، لكن ما زلنا بحاجة إلى نشر ثقافة أن الكشف لا يعني الخطر، بل هو وسيلة للوقاية والطمأنينة.
وراء كل فحص حكاية، ووراء كل ابتسامة وردية امرأة واجهت خوفها لتمنح نفسها فرصة حياة أفضل.
إن الكشف المبكر عن سرطان الثدي ليس خيارًا ثانويًا، بل واجب إنساني وصحي على كل امرأة تجاه نفسها وأُسرتها.
فلنُحول أكتوبر إلى نقطة بداية دائمة للوعي، لا نهاية لحملة.
ولتكن رسالتنا لكل امرأة ليبية:
لا تنتظري الألم لتتحركي، بل تحركي لتمنعي الألم. صحتك أمانة بين يديك.
وفي النهاية يتضح أن الخوف لم يعد عذرًا مقنعًا، وأن الجهل لم يعد مبررًا في زمن تتوافر فيه المعرفة والفرص.
الكشف المبكر عن سرطان الثدي ليس مجرد إجراء طبي، بل هو موقف شجاع من امرأة تحب حياتها وتحرص على مستقبلها.
فلنحوّل أكتوبر الوردي إلى سلوك دائم، لا إلى شهر عابر.



