اجتماعي

الطابــــور الإلكتـروني مش ساكت

عبيـــر

في‭ ‬ليبيا،‭ ‬الطابور‭ ‬مش‭ ‬مجرد‭ ‬انتظار‭ .. ‬هو‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭. ‬من‭ ‬طابور‭ ‬المصرف‭ ‬إلى‭ ‬طابور‭ ‬الغاز‭ ‬والخبزة،‭ ‬وحتى‭ ‬طابور‭ ‬العزومات‭ ‬في‭ ‬الأعراس‭. ‬لكن‭ ‬الجديد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬الطابور‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬إلى‭ ‬الإنترنت‭!!‬

صار‭ ‬عندنا‭ ‬طابور‭ ‬إلكتروني‭… ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬رابط‭ ‬عشان‭ ‬تسجل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬معينة،‭ ‬يطلعلك‭: ‬‮«‬عدد‭ ‬المنتظرين‭ ‬أمامك‭ ‬3456‮»‬‭. ‬يا‭ ‬فرحة‭ ‬ما‭ ‬تمت‭! ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬يعرقك‭ ‬الحر‭ ‬والشمس،‭ ‬تتعرق‭ ‬الشبكة‭ ‬وتطفى‭ ‬عليك‭ ‬الكهرباء‭.‬

المفارقة‭ ‬أن‭ ‬الطابور‭ ‬الإلكتروني‭ ‬جاي‭ ‬يُسهّل‭ ‬الحياة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬عطانا‭ ‬نسخة‭ ‬ديجيتال‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭: ‬ناس‭ ‬تبيع‭ ‬الدور‭ ‬بـ»كرت‭ ‬شحن‮»‬،‭ ‬وناس‭ ‬عندها‭ ‬واسطة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭.‬

أصبحنا‭ ‬نعيش‭ ‬بين‭ ‬طابور‭ ‬مادي‭ ‬وطابور‭ ‬رقمي،‭ ‬والنتيجة‭ ‬وحدة‭: ‬إهدار‭ ‬الوقت‭ ‬والأعصاب‭. ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬الجملة‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬دورك‭ ‬جاي‮»‬‭ ‬تُترجم‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬سيتم‭ ‬الرَّد‭ ‬عليك‭ ‬بعد‭ ‬72‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬الانتظار‮»‬‭.‬

الغريب‭ ‬أن‭ ‬الليبي‭ ‬يتعايش‭ ‬مع‭ ‬الطوابير‭ ‬كأنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬شخصيته‭ ‬الوطنية‭: ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬ناس‭ ‬جدد،‭ ‬يتبادل‭ ‬النكت،‭ ‬يخطط‭ ‬لمشاريع‭ ‬مستقبلية،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يتزوج‭ ‬من‭ ‬طابور‭! ‬ربما‭ ‬غدًا‭ ‬نشوف‭ ‬إعلان‭: ‬‮«‬عرس‭ ‬فلان‭ ‬وفلانة‭… ‬التعارف‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬انتظار‭ ‬الدعم‭ ‬الإلكتروني‮»‬‭.‬

السؤال‭ ‬الأهم‭: ‬متى‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬التقنية‭ ‬مش‭ ‬مجرد‭ ‬نقل‭ ‬الطابور‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬للشاشة،‭ ‬بل‭ ‬تنظيم‭ ‬حقيقي‭ ‬يحترم‭ ‬وقت‭ ‬المواطن؟‭ ‬متى‭ ‬يصير‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬الإلكتروني‮»‬‭ ‬خدمة‭ ‬عادلة‭ ‬مش‭ ‬مجرد‭ ‬طابور‭ ‬أطول؟

إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭… ‬جهز‭ ‬نفسك،‭ ‬سواءً‭ ‬كان‭ ‬الطابور‭ ‬قدام‭ ‬المصرف‭ ‬أو‭ ‬قدام‭ ‬شاشة‭ ‬اللاب‭ ‬توب‭… ‬لأنك‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬دومًا‭ ‬واقف‭ ‬في‭ ‬الصف،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬جالس‭ ‬على‭ ‬الكرسي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى