رتوش

العـنــزة

زكريا العنقودي

      ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬العنزة‭ ‬في‭ ‬سجنها‭ ‬الحديدي‭ ‬الذي‭ ‬طوقها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صاحبها‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬الجبل‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬وادي‭ ‬أوجنت‭ (‬المشبك‭) ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الغربية‭ ‬والذي‭ ‬بدوره‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬قويام‭ .‬

      ‬انفك‭ ‬السجن‭ ‬الحديدي‭ ‬بقدرة‭ ‬قادر‭ ‬ففرت‭ ‬العنزة‭ ‬تسابق‭ ‬الريح‭ ‬أعلن‭ ‬السجان‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬فكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استجاب‭ ‬إلى‭ ‬نداء‭ ‬السجان‭ ‬ذلك‭ ‬المسكين‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ (‬ارحومة‭) .‬

      ‬فانطلق‭ ‬وبشهامة‭ ‬الرجال‭ ‬لكي‭ ‬يقبض‭ ‬على‭ ‬الهاربة‭ ‬من‭ ‬سجنها‭ ‬كما‭ ‬انطلق‭ ‬وراءه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬والرجال‭ ‬وكان‭ ‬يجري‭ ‬وبسرعة‭ ‬فاقت‭ ‬الجميع‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ ‬الجميع‭ ‬ظنوا‭ ‬أنه‭ ‬يجري‭ ‬وبهذه‭ ‬السرعة‭ ‬لكي‭ ‬يلحق‭ ‬بالهاربة‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬يجري‭       ‬إلى‭ ‬أجله‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬‭ ‬لَا‭ ‬يَسْتَأْخِرُونَ‭ ‬سَاعَةً‭ ‬وَلَا‭ ‬يَسْتَقْدِمُونَ‭ ‬‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ ( ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬الغيب‭ ‬إلا‭ ‬هو‭ ) .‬

      ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الصخرة‭ ‬التي‭ ‬تنتظره‭ ‬ولكنه‭ ‬كان‭ ‬صادقاً‭ ‬في‭ ‬وعده‭ ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬في‭ ‬الميعاد‭ ‬حيث‭ ‬داس‭ ‬تلك‭ ‬الصخرة‭ ‬برجله‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الجبل‭ ‬والتي‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تهوي‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬قاع‭ ‬ذلك‭ ‬الجبل‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬أطاعها‭ ‬وهوى‭ ‬كي‭ ‬يصطدم‭ ‬رأسه‭ ‬بتلك‭ ‬الصخرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬متهمة‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬جمجمة‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬كسوراً‭ ‬بليغة‭ ‬مسببةً‭ ‬له‭ ‬نزيف‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬ولكن‭ ‬بشهامة‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬معه‭ ‬حملوه‭ ‬على‭ ‬أعناقهم‭ ‬إلى‭ ‬سفح‭ ‬الجبل‭ .‬

      ‬وجاءت‭ ‬سيارة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬الآمنة‭ ‬وهي‭ ‬تطلق‭ ‬صوت‭ ‬منه‭ ‬وباستمرار‭ ‬تجوب‭ ‬شوارع‭ ‬القرية‭ ‬،‭ ‬فخرج‭ ‬أغلب‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬لمعرفة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬فانتشر‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬بأن‭ ‬عنزة‭ ‬انفلتت‭ ‬من‭ ‬سجنها‭ ‬وخرج‭ ‬الشباب‭ ‬للحاق‭ ‬بها‭ ‬وكان‭      ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ( ‬ارحومة‭ ) ‬وقد‭ ‬وقع‭ ‬من‭ ‬الجبل‭ ‬وبهذا‭ ‬النداء‭ ‬خرجت‭ ‬أغلب‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬للنجدة‭ ‬ولكنه‭ ‬قد‭ ‬أُخذ‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬السيارات‭ ‬وتم‭ ‬وصوله‭           ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬جادو‭ ‬وأُحيل‭ ‬إلى‭ ‬طرابلس‭ ‬معلناً‭ ‬الطبيب‭ ‬بأنه‭ ‬توجد‭ ‬كسور‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬مما‭ ‬سببت‭ ‬له‭ ‬نزيف‭ ‬حاد‭ ‬،‭ ‬وبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬أُعلن‭ ‬عن‭ ‬وفاته‭ ‬،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الهاربة‭ ‬وإرجاعها‭ ‬إلى‭ ‬سجنها‭ ‬المعهود‭ ‬آمنة‭ ‬مطمئنة‭ .‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬ارحومة‭ ‬وأمثال‭ ‬ارحومة‭ ……‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى