القاهرة.. طرابلس في أنسب أوقات التحرّك
أمين مازن
لم يخفِ الكثيرون ارتياحهم للزيارة التي قام بها في اليومين الماضيين إلى طرابلس الوفد الرسمي المصري وما اتسم به من مكونات مثّلت الأمن والسياسة والدفاع, ومجيئها رداً على زيارة سابقة بادر بها نفس المستوى حين جاءت في سياق الخطوات التي شجعت على مسيرة قطار التهدئة, والدفع نحو مزيد الاستمرارية وما ذلك إلا لأن الطبيعي أن تكون الأمور دائماً على هذا النحو أما ما يطرأ من تكدّر فلن يكون له أبداً القدرة على الاستمرار, و قد كنتُ على الصعيد الشخصي أحد الذين استشعروا الإرتياح وهم يشهدون هذه الزيارات المتبادلة بين طرابلس غرباً والقاهرة شرقاً لما في مثل هذا التوجه من دفع نحو التعاون المثمر على جميع الصُعد و دفع بالضرورة لمخاطر التقاطع الهدَّام.
والأمر في هذا الصدّد و إن لم يغفل عديد العوامل التي ليس خارجها دواعي الأخُوَّة وواجبات القومية وقل ما شئتَ من عبارات العواطف بالإضافة إلى الإكراه الجغرافي الذي يستحيل معه التمرّد على إملاءات الجيرة وما تفرضه من ترجيح كلتا الكفتين على أي كفة أخرى باعتبارها الأفضلية التي لا يرتقي إليها من الأفضليات ما يمكن أن يساويها, ذلك أنها أفضلية المصلحة التي يستوي فيها عادة أكثر من موقف و لا سيما ذلك الذي تمليه المخاوف الناتجة عما لا طاقة للأفراد به حيث تستوي الجيرة بالقرابة وما من أحد يمكنه غض النظر عن تأثيرها لارتباطها بالنخوة التي لا قيمة للحياة من دونها وليس من أحد مهما كان حظه من الرداءة أن يغض النظر عنها دوما حتى وإن فعل ذلك بعض الوقت.
بقي أن نحمد الله على ما منَّ به من نعمة التفطّن منذ الإنتساب إلى أسرة التعبير فلم أكن يوماً في عداد الذين يسهمون في التأجيج في أي مرحلة من المراحل و انتهاج سبيل الاحتفاظ بخط الرجعة والحذر من الإنزلاق نحو وظيفة الأبواق التي ليس لها من دور سوى تضخيم الصوت ولا تزيد يوماً على الصدى الذي يصدع الأذان و يفتن الهانئين جراء الحيد عن سبيل الرشد و ترّهات قوم أعمتهم الضلالة فخيل لهم أنهم جاؤوا شيئاً و قد جاؤوا شيئاً إِدًّا.