
يُعَدّ العام الدراسي مرحلة جديدة من التعلم وبناء المعرفة، حيث يعود الطلاب إلى مقاعد الدراسة مليئين بالأمل والطموح لتحقيق النجاح. ومع بداية كل عام تتجدد المسؤوليات، سواء على الطالب في الاجتهاد والمثابرة، أو على الأسرة في توفير الدعم، وكذلك على المدرسة في تهيئة بيئة تعليمية مناسبة.
ويُعتبر الكتاب المدرسي الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، فهو المصدر الأول للمعلومات والمحتوى الذي يعتمد عليه المعلم والطالب معًا. من خلاله يتعرّف الطالب على الدروس والمفاهيم، ويكتسب المهارات التي تُسهم في بناء مستقبله العلمي والعملي. لذلك فإن توافر الكتاب المدرسي في الوقت المناسب وجودته من أهم عوامل نجاح العام الدراسي ورفع مستوى التحصيل العلمي للطلاب.
ولكن وللأسف مازالت ليبيا منذ سنوات تواجه تأخرًا متكررًا في تأمين الكتب المدرسية للمراحل التعليمية الأساسية «الابتدائية، الإعدادية، الثانوية».
في عدة مواسم دراسية، بدأ العام الدراسي دون توفر الكتب، لعدة أسباب
من خلال البيانات والتقارير، يمكن حصر أبرز أسباب الأزمة في:
الشؤون الإدارية والتنظيمية تأخر في الإجراءات المتعلقة بالعقود، الإفصاح، المطابقة بين العروض، وضع شروط واضحة للعطاءات المالية بالرغم من تخصيص ميزانيات للطباعة، هناك تأخر في صرف المبالغ أو خلط في الإجراءات المصرفية مما يعيق التنفيذ.
الفساد و المحسوبية شبهات في إدارة العقود، تمييز في منحها، تدخلات شخصية. وهذا أدى إلى محاكمات وسجن لبعض المسؤولين.
تذبذب الخطة اللوجستية وسلسلة التوريد و مشاكل في الطباعة، النقل، التخزين، والتوزيع المخازن أحيانًا تكون فارغة أو غير جاهزة.
وهذه الأزمة لها بكل تأكيد عدة تداعيات مهمة منها تعطيل العملية التعليمية: فالطلاب يدخلون المدارس دون كتب، مما يضر بتعلمهم ويزيد من عبء المعلمين الذين يحاولون تغطية المنهج جزئيًا دون المصادر الرسمية.
أعباء على الأسر: تُجبر العائلات في بعض الأحيان على شراء نسخ بديلة أو صور ضوئية، مما يضيف تكلفة مالية غير متوقعة.
انخفاض المساواة التعليمية: التأخر أو النقص في توفير الكتب يؤثر بشكل أكبر على الطلاب في المناطق المهمشة التي قد لا تملك بدائل جيدة أو إمكانية الوصول إلى الإنترنت لتنزيل نسخ إلكترونية.
ثقة المواطن في الجهات الحكومية: و الفضائح والمحاكمات الناتجة عن سوء الإدارة تزيد من ضعف ثقة الأهالي في إدارة التعليم.
. الإجراءات الحكومية والمجتمعية المتخذة حيث قامت الحكومة بتشكيل لجان خاصة لمتابعة طباعة وتوريد الكتب، وتحديد شروط ضمن العطاءات مثل الالتزام بالمهل النهائية، وجود بنود جزائية للعقود المخالفة.
تدخل جهات رقابية مثل هيئة الرقابة الإدارية وسلطات التحقيق، وتم إيقاف بعض المسؤولين احترازيًّا للتحقيق في المزاعم المرتبطة بالعقود.
وهو ماجعل من الحكومة الحالية تتجه إلى توطين عملية الطباعة داخل ليبيا لتقليل التكلفة، تأخر الاستيراد، والمخاطر المرتبطة بها. تم توفير روابط لتحميل الكتب إلكترونيًّا كحل مؤقت، حيث لم تصل النسخ المطبوعة بعد.
وحسب تقرير من مركز المناهج التعليمية، تم توريد حوالي 92% من الكتاب المدرسي والمِهني ليتم استكمال البقية قبل بداية العام الدراسي.
وزارة التربية أكدت أنه، لن يكون هناك تأخير هذا العام وتسليم الكتب سيكون في وقته بعد اتفاقيات لطباعة محلية لبعض النسخ و ضمان تنفيذ العقود في الوقت المحدد وجودة الطباعة والتوزيع.
الى جانب التأكد من نزاهة الشفافية في جميع المراحل «إعداد المناهج، الطباعة، المناقصات، التوزيع».ومعالجة الفوارق الجغرافية والمناطق النائية من حيث التوزيع والبُنى التحتية.
وتحسين البُنى اللوجستية «مخازن جيدة، نقل مناسب، مراكز توزيع فعالة».
ولهذا وضع المختصين بعض المقترحات التي قد تساعد في حل دائم ومنظم للأزمة منها ، مراجعة وإصلاح آلية المناقصات وضع معايير شفافة لاختيار المطابع.
إشراك جهات رقابية مستقلة لضمان النزاهة والمساواة و توطين الطباعة داخل ليبيا و بناء قدرة وطنية للطباعة والمطبوعات المدرسية، مما يقلل الاعتماد على الخارج والتكاليف المرتبطة بالنقل والجمارك.
الى تخصيص الموازنات المطلوبة في الوقت المناسب، وضمان الصرف بدون تأخير و تحديد مواعيد ثابتة لتوريد وتوزيع الكتب إلى المخازن ثم إلى المدارس.
كذلك استخدام موارد النقل المناسبة، وضمان وجود مستودعات محلية لضمان التوزيع السريع.
إلى جانب توفير نسخ إلكترونية قابلة للتحميل للطلاب الذين لا يستلمون الكتب فورًا.و دعم المدارس في الاستعانة بالمواد التعليمية البديلة مؤقتًا.
وتمكين الرقابة المجتمعية والإعلامية للمساهمة في الكشف السريع عن أي مخالفات.
ففى طرابلس وصلت حوالي 93٪ من الكتب المدرسية إلى مخازن وزارة التربية ، بينما البقية لا تزال في الطريق من الميناء. وتم استلام أولى شحنات الكتب إلى المخازن الرئيسية في طرابلس، مع شحنات لاحقة تُوزَّع تدريجياً إلى المخازن الفرعية.
إلى جانب تفويض مطابع محلية بالعاصمة لأداء جزء كبير من الطباعة، تحت إشراف وزارة التربية والتعليم.
وتوزيع الدفعة الخامسة من الكتاب المدرسي بدأ من المخزن الرئيسي بطرابلس إلى المخازن الفرعية، لتشمل مناطق مثل زوارة وغيرها، لضمان وصول الكتب قبل بداية العام الدراسي.
التصريحات الرسمية المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن معظم المدارس في طرابلس قد تسلَّمت الكتب، والتوزيع مستمر لبقية المناطق الفرعية.
بعد تجميد أو تعليق عددا من المسؤولين، من بينهم مدير مخزن الكتب المدرسية بطرابلس، بسبب مخالفات وإخلالات في العقود وسوء إدارة الطباعة والتوريد.
تم استرجاع مبالغ من عقود الطباعة نتيجة استئناف في الأسعار أو مراجعة للعقود «مثلاً، توفير LD 409 مليون»
و تُركّز السلطات على تأمين الكتب قبل بداية العام الدراسي الجديد، المُقرّر في 21 سبتمبر 2025، وتصريحات من وزارة التربية تفيد بأن العمل يسير وفق الخطة لضمان الالتزام بالموعد.
الخلاصة
أزمة الكتاب المدرسي في ليبيا ليست مجرد تأخير فحسب، بل هي مزيج من عدة عوامل: إدارية، مالية، لوجستية، سياسية وأمنية. وقد بدأت خطوات إيجابية من الحكومة والجهات الرقابية لمعالجة هذه الأزمة، لكن النجاح الكامل يتطلب تنفيذ فعّال، شفافية مستمرة، وتعاون بين السلطات والمجتمع.
فساد ومحسوبية وشبهات في
إدارة العقود
الوزارة: لن يكون هناك تأخير وتسليم الكتب سيكون
في وقته