رأي

الكيل بمكيالين

 

 

إذا كان علم السياسة الدولية هو تسخير كل الامكانيات السلمية لتحقيق أهداف ومصالح لدولة ما أو لمجموعة دول لتفادي نذر الحروب المدمرة بعدة مبادرات سلمية منها عقد العقود والمعاهدات وفض الإشكالات الطارئة بالحوار وارسال الرسل والمبعوثين وكذلك القبول بالوساطات والمصالحة بين الطرفين ومع مرور الزمن تحولت السياسة غالبا لحرب قذرة بوسائل الإعلام والضغط والتحالف مع دول أخرى وإنزال العقوبات وحتى تقديم الرشى والمال للمعارضين لتغيير أنظمة الحكم لصالح تلك الدول , بل تداخلت السياسة بعالم الكذب والتزوير والاحتيال والتهديد الشخصي والتعامل بوجهين أحيانا.

اليوم نعيش عالما تتقلب فيه المعايير السياسية وفق المصالح والأهواء ويجري النكث بالعهود والمواثيق جهارا نهارا كما تجري عمليات قذرة في الخفاء كثيرا لتحقيق غايات ومصالح  سريعة كما تلفق إتهامات لدول بعينها بأنها تمارس القرصنة والإرهاب وغيرها وتجني من ورائها فوائد بتشويه تلك الدول وقد وظفت منظمات حقوقية دولية وأممية لتسليط التهم على كل دولة لا تسير بنهج الدول الفاعلة والقوية  بحيث تنبذ في المجتمع الدولي وبتم معاقبتها وحصارها إقتصاديا حتى ترضخ لطلباتها الخفية .

المؤسسات والمنظمات والجمعيات الحقوقية كلها تمارس عملياتها الرقابية بتوجيه أو تسلط من الدول الفاعلة بدرجة كبيرة ولكن المنظمات الحقوقية الأممية غالبا لا تتحرك إلا بتوجيه أو إجبار من الدول الفاعلة والممولة لها وغالبا يتم إختيار قادتها ومدرائها بعناية بعد التأكد من موالاتهم لها مثلها مثل السكرتير العام للأمم المتحدة والمبعوثين الدوليين.

وبتوضيح من واقعنا المعاش في ليبيا كم أنتهكت من دماء لأبرياء مدنيين وأنتهكت حقوق للأنسان في الشرق والجنوب الليبي دونما حسيب أو رقيب ولم نسمع حتى كلمة عتاب لمجرمي حفتر وهم ينكلون بالجثث ويعدمون بالرصاص الحي أبرياء أمام القنوات الفضائية دونما صوت يصدر أو مواقف تسجل لهم  معترضة على هذه الجرائم والإنتهاكات المستمرة والتي كان الفاعلون يرددونها مرارا وتكرارا على حق التهجير والقتل وسفك دماء أطفال وعجائز وشيوخ علم ولم تجدي تلك المناشدات من حكومة الوفاق ومن قبلها في رد المعتدين والشروع في القبض على الجناة وأخيرا ومع بعض الإستحياء أتهم فقط المجرم محمود الورفللي  وطلب للعدالة الجنائية دونما الإشارة لمن أعطاه تلك التوجيهات والأوامر العسكرية العليا, واليوم وبعد قرابة العشرة أشهر من الغزو القرمطي على العاصمة صمت المجتمع الدولي بلا إدانة أو ردع أو مساءلة  لجرائم قتل المدنيين والأطفال وتهجير السكان وحرق الأسرى وتدمير البيوت على رؤوس الآمنين  وآخرها جريمة  إغتيال طلبة الكلية العسكرية أمام العالم أجمع .

وكل هذه المنظمات الدولية الشهيرة وغيرها الرسمية التابعة لمجلس الأمن والأمم المتحدة  كلها تكيل الكيل بمكيالين  وترى الوقائع في البلاد الصغيرة والكبيرة وفق مصالح تلك الدول الفاعلة تماما.

 

محمد بن زيتون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى