الرئيسيةتقارير

الليبية..الغياب عن خارطة الطيران الدولى!

عبير على أبو عافية

في‭ ‬بلدٍ‭ ‬يمتدُ‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬متوسطي‭ ‬يفوق‭ ‬1900‭ ‬كيلومتر،‭ ‬ويملك‭ ‬خمسة‭ ‬مطارات‭ ‬دولية،‭ ‬وعدة‭ ‬شركات‭ ‬طيران‭ ‬وطنية،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ليبيا‭ ‬لاعبًا‭ ‬جويًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬مزمنة،‭ ‬وتراجع‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬والتغطية‭ ‬والخدمة،‭ ‬يهدّد‭ ‬بغياب‭ ‬ليبيا‭ ‬عن‭ ‬خارطة‭ ‬الطيران‭ ‬الدولية،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬مؤهلات‭ ‬بشرية‭ ‬وجغرافية‭.‬

مرت‭ ‬فترة‭ ‬نافست‭ ‬طرابلس‭ ‬كمركز‭ ‬للنقل‭ ..‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬والقاهرة‭ 

الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬الليبية‭: ‬النشأة‭ ‬والتحول

تأسستْ‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬الليبية‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ )‬الخطوط‭ ‬الملكية‭ ‬الليبية‭(‬،‭ ‬لتُعاد‭ ‬هيكلتها‭ ‬لاحقًا‭ ‬بعد‭ )‬69‭( ‬باسم‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬العربية‭ ‬الليبية‭. ‬خلال‭ ‬السبعينيات‭ ‬والثمانينيات،‭ ‬لعبتْ‭ ‬دورًا‭ ‬حيويًا‭ ‬في‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬العواصم‭ ‬الأفريقية‭ ‬والعربية،‭ ‬وكانت‭ ‬آنذاك‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬أسطول‭ ‬طائرات‭ ‬نفاثة‭ ‬في‭ ‬القارة‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬2001،‭ ‬تم‭ ‬فصل‭ ‬الشركة‭ ‬إداريًا‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬لتكون‭ ‬شركة‭ ‬مساهمة‭ ‬ضمن‭ ‬المؤسسة‭ ‬الليبية‭ ‬القابضة‭ ‬للطيران،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬بقي‭ ‬اسميًا‭ ‬دون‭ ‬تطبيق‭ ‬فعلي‭ ‬لمبادئ‭ ‬السوق‭ ‬الحر‭ ‬والمنافسة‭.‬

شركات‭ ‬الطيران‭ ‬العاملة‭ ‬حاليًا

يوجد‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أربع‭ ‬شركات‭ ‬طيران‭ ‬رئيسة‭:‬

1‭. ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬الليبية‭ ‬أقدم‭ ‬وأكبر‭ ‬مشغل‭ ‬وطني‭.‬

2‭. ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬الأفريقية‭ ‬تأسستْ‭ ‬عام‭ ‬2001‭.‬

3‭. ‬طيران‭ ‬البُراق‭ ‬خاص،‭ ‬أُنشئ‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬

4‭. ‬طيران‭ ‬النفط‭ ‬يتبع‭ ‬المؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنفط،‭ ‬مختص‭ ‬بنقل‭ ‬موظفي‭ ‬القطاع‭ ‬النفطي‭.‬

ملاحظة‭:‬‭ ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬جزئيًا‭ ‬وبشكل‭ ‬غير‭ ‬منتظم‭ ‬بسبب‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬والحظر‭ ‬الأوروبي‭.‬

عدد‭ ‬الطائرات‭ ‬والأسطول‭ ‬الجوي‭ ‬بيانات‭ ‬2025‭ ‬الشركة‭ ‬عدد‭ ‬الطائرات‭ ‬العاملة‭ ‬فعليًا الطرازات‭ ‬الأساسية

الخطوط‭  ‬الليبية‭  ‬5

الخطوط‭ ‬الأفريقية‭ ‬4

‭ ‬طيران‭ ‬البراق 3

طيران‭ ‬النفط 2

‭ ‬بعض‭ ‬الطائرات‭ ‬خارج‭ ‬الخدمة‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬قطع‭ ‬الغيار،‭ ‬والصيانة‭ ‬المعطلة،‭ ‬والعقوبات‭ ‬الغربية‭.‬

الرحلات‭ ‬والوجهات

في‭ ‬ظل‭ ‬الحظر‭ ‬الأوروبي‭ ‬المفروض‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬تقلّصت‭ ‬الوجهات‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬وبعض‭ ‬العواصم‭ ‬الإقليمية‭:‬

‭- ‬تونس‭ – ‬قرطاج،‭ ‬وصفاقس

‭- ‬تركيا‭ – ‬إسطنبول

‭- ‬مصر‭ – ‬القاهرة،‭ ‬برج‭ ‬العرب‭.‬

الأردن‭ – ‬عمان‭.‬

‭- ‬السودان‭ – ‬الخرطوم‭.‬

السعودية‭ (- ‬رحلات‭ ‬عمرة‭ ‬موسمية‭ ‬إلى‭ ‬جدة‭ ‬والمدينة‭.‬

أما‭ ‬الرحلات‭ ‬الداخلية،‭ ‬فهي‭ ‬تشمل‭ ‬المطارات‭ ‬التالية‭:‬

طرابلس‭ ‬معيتيقة،‭ ‬بنغازي‭ ‬بنينا،‭ ‬مصراتة،‭ ‬سبها،‭ ‬طبرق،‭ ‬الأبرق،‭ ‬غات،‭ ‬وغدامس،‭ ‬لكن‭ ‬بوتيرة‭ ‬منخفضة‭.‬

قبل‭ ‬2011،‭ ‬كانت‭ ‬ليبيا‭ ‬تُسيّر‭ ‬رحلات‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬وجهة‭ ‬دولية،‭ ‬منها‭ ‬لندن،‭ ‬باريس،‭ ‬ميلانو،‭ ‬فرانكفورت،‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬دمشق،‭ ‬والخرطوم‭.‬

الفترة‭ ‬الذهبية‭ ‬للطيران‭ ‬الليبي‭ ‬1999‭ ‬2010‭.‬

خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الألفية،‭ ‬شهد‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬الليبي‭ ‬تطورًا‭ ‬ملموسًا،‭ ‬تمثل‭ ‬في‭:‬

امتلاك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬طائرة‭ ‬حديثة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬Airbus‭ ‬وCRJ‭.‬

استلام‭ ‬خطوط‭ ‬الطيران‭ ‬الليبية‭ ‬أولى‭ ‬طائرات‭ ‬A320‭ ‬الجديدة‭ ‬ضمن‭ ‬صفقة‭ ‬مع‭ ‬إيرباص‭.‬

توسع‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬بواقع‭ ‬48‭ ‬رحلة‭ ‬يوميًا‭.‬

إطلاق‭ ‬مشروع‭ ‬مطار‭ ‬طرابلس‭ ‬العالمي‭ ‬بتكلفة‭ ‬فاقت‭ ‬2‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬طرابلس‭ ‬آنذاك‭ ‬كمركز‭ ‬محتمل‭ ‬للنقل‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ينافس‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬والقاهرة‭.‬

فترة‭ ‬الانتكاسة‭ ‬والانحدار‭ ‬2011‭ ‬2025‭.‬

بدأ‭ ‬الانهيار‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬ثورة‭ ‬2011،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬بعد‭ ‬تدمير‭ ‬مطار‭ ‬طرابلس‭ ‬العالمي‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬حيث‭:‬

‭- ‬فُرض‭ ‬الحظر‭ ‬الجوي‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬الليبية‭.‬

‭- ‬تدمير‭ ‬وسرقة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬طائرات‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬المسلحة‭.‬

‭- ‬توقّف‭ ‬مشروع‭ ‬المطار‭ ‬الدولي‭ ‬رغم‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬نسبة‭ ‬إنجاز‭ ‬فاقت‭ ‬45‭%.‬

‭- ‬انقسام‭ ‬المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬للطيران‭ ‬المدني‭ ‬بين‭ ‬شرق‭ ‬وغرب‭ ‬البلاد‭.‬

الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬تراجع‭ ‬الخطوط‭ ‬الليبية

1‭. ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني

التوترات‭ ‬الأمنية‭ ‬وانقسام‭ ‬السلطة‭ ‬بين‭ ‬حكومتي‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬أربكا‭ ‬إدارة‭ ‬المطارات‭ ‬والرحلات‭.‬

2‭. ‬الحظر‭ ‬الأوروبي

نتيجة‭ ‬لضعف‭ ‬السلامة‭ ‬الجوية‭ ‬والصيانة،‭ ‬ما‭ ‬منع‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬الليبية‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬الأوروبي‭.‬

3‭. ‬الفساد‭ ‬الإداري،‭ ‬وسوء‭ ‬التسيير

من‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬التراجع‭ ‬هو‭ ‬تعيين‭ ‬إدارات‭ ‬غير‭ ‬كفؤة،‭ ‬وضعف‭ ‬التدريب،‭ ‬وغياب‭ ‬الشفافية‭ ‬المالية‭.‬

4‭. ‬تهالك‭ ‬الأسطول‭ ‬ونقص‭ ‬الصيانة

5-‭ ‬غياب‭ ‬عقود‭ ‬الصيانة‭ ‬الدولية،‭ ‬وصعوبة‭ ‬استيراد‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬بسبب‭ ‬الحظر‭ ‬الأمريكي‭.‬

6‭. ‬انعدام‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية

غياب‭ ‬أي‭ ‬خطة‭ ‬وطنية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭.‬

7‭. ‬غياب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية

بيئة‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬طاردت‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬شركة‭ ‬Lufthansa Technik‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬صيانة‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬مع‭ ‬ليبيا‭ ‬قبل‭ ‬2011

أرقام‭ ‬وحقائق‭ ‬مهمة

تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الركاب‭ ‬من‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬سنويًا‭ ‬في‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬في‭ ‬2023‭.‬

انخفض‭ ‬عدد‭ ‬الرحلات‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬رحلة‭ ‬يوميًا‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬رحلة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬تم‭ ‬تسريحهم،‭ ‬أو‭ ‬إحالتهم‭ ‬للراحة‭ ‬القسرية‭.‬

مطار‭ ‬طرابلس‭ ‬العالمي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مغلقًا،‭ ‬رغم‭ ‬الوعود‭ ‬المتكرّرة‭ ‬بإعادة‭ ‬تشغيله‭.‬

شركات‭ ‬التأمين‭ ‬الدولية‭ ‬ترفض‭ ‬تغطية‭ ‬الطائرات‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬الأوروبية‭.‬

توصيات‭ ‬وإجراءات‭ ‬ضرورية

1‭. ‬إعادة‭ ‬توحيد‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للطيران‭ ‬المدني‭ ‬الليبي‭ ‬لتكون‭ ‬مرجعية‭ ‬فنية‭ ‬واحدة‭.‬

2‭. ‬استكمال‭ ‬مشروع‭ ‬مطار‭ ‬طرابلس‭ ‬العالمي‭ ‬بتعاون‭ ‬دولي

3‭. ‬تأهيل‭ ‬الطواقم‭ ‬الفنية‭ ‬وتدريبها‭ ‬عبر‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬عالمية‭.‬

4‭. ‬السعي‭ ‬لرفع‭ ‬الحظر‭ ‬الأوروبي‭ ‬عبر‭ ‬تطبيق‭ ‬أنظمة‭ ‬السلامة‭ )‬IOSA‭ ‬وICAO‭(.‬

5‭. ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬طيران‭ ‬اقتصادي‭ ‬داخلي‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬بأسعار‭ ‬تنافسية

رغم‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬الليبي،‭ ‬فإن‭ ‬امتلاك‭ ‬ليبيا‭ ‬لموقع‭ ‬استراتيجي،‭ ‬وشعب‭ ‬يتطلع‭ ‬للسفر‭ ‬والانفتاح،‭ ‬يبقي‭ ‬الأمل‭ ‬قائمًا‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬مجددًا‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬مشروط‭ ‬بقرارات‭ ‬جريئة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬مستقلة‭ ‬ومهنية‭ ‬تعيد‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬بريقه‭ ‬المفقود‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى