
أن يكون الفساد المالي مجرد حالات تسجل وتحال إلى جهات القضاء هذا شيء متداول عند بعض الدول ولو كان بنسب مختلفة ومتفاوتة.. لكن أن يصبح الفساد ظاهرة منتشرة وغير مشرعنة فهذه خصوصية دول الفساد..
لم يعد هناك مجالا للشك بأن الفساد في القطاع الصحي الليبي أصبح دلالة من دلالات الفساد التي تجاوزت حد الخيال.. إلا أن السؤال الجدلي في هذا السياق هو.. أي الفساد أضخم؟.. هل العلاج بالداخل وهو القطاع العام أم بالخارج وكلاهما يحتفظ لنفسه أرقامًا مهولة؟.
أما عن المصحات الخاصة فهي لا تختلف على المقابر .. لأنها فعلا أصبحتْ جزءًا لا يتجزأ من أسبابها..
فالميت يخرج من المصحات إلى المقابر بعد أن يدفن فيها حيًا .. إلا أن يمن الله عليه برحمة النجاة منها .. هذا بعدما يدفع كل ما يملك من أجل النجاة بل يتجاوز ما يملك إلى مصروفات الباب الخامس المستجد وهو باب السلف والدّين..
المقابر بها رحمة الله والملائكة الذين يسبحون ويستغفرون .. أما المصحات فيسكنها المرضى الذين تحاصرهم شياطين الأنس وعباد المال ممن تجاوزوا حد المعقول في نهبهم إلى نبتة الزقوم التي تتشابه فيها رؤوسهم فهي كرؤوس الشياطين..
يقولون إن المرض نصف علاجه دواء والنصف الآخر استشفاء بالحالة النفسية ..
إلا أن هذه الروشيتة المعنية براحة البال ليست موجودة في الصيدليات التي يسكنها أيضًا نوع آخر من الشياطين وهي في حاجتنا لها أسوأ من تجار سوق الكريمية الذين تركوا النيل بحوضه العميق والطويل واستوقفتهم الحياة على حواف أرزاقنا جنوب العاصمة ..
قضية الفساد في قطاع الصحة لم تعد مجرد ملف تكدست عليه الآلام والغبار فوق طاولة المؤسسات الرقابية بل أصبح نارا تأكل جسد كل مواطن ليبي وإن كان الشعور موزعا حسب قدرة المرض..
مَنْ يراقب المصحات؟!
هل هناك حرس بلدي يختص بهذه المؤسسات الصحية التي تسرق منك كل ما تملك وزيادة وأنت في صمت وخوف وعجز..
ماذا عن تجاوزاتها في المخلفات الطبية وسرقة أجهزة وأدوية المستشفيات العامة وادراجها في منظومة حساباتهم بأرقام خيالية..
ماذا عن فواتيرهم المغشوشة المكشوفة؟!!
ماذا عنا كبلد.. هل سنبقى هكذا مائدة مستديرة لكل السراق والمرابين والمجرمين..؟!
اسئلة مشرعة وإجابات وان وجدت إلا أنها مجرد أهات في صفحات وشاشات الاعلام فقط . كونوا بخير.