أحضُر بين الفينة والفينة اللقاء الأسبوعي الذي ينظمه حزب السلام والازدهار باستضافة أحد المختصين الليبيين، فيتحدث في الموضوع المحدد ويعقب ذلك حوار بين المتحدث والحاضرين، وقد بلغ حتى الثالث من يونيو –أي اللقاء– الرقم الثامن والستين، وكانت المتحدثة السيدة الدكتورة سالمة عبد الجبار التي بدأت مشوارها الثقافي من المحراب الجامعي في ثمانينيات القرن الماضي عند دمج الأدباء والفنانين في رابطة واحدة إن لم تخنِ الذاكرة، ولم تساير الجهود الرامية إلى ضرب الطلبة بالكتاب والفنانين، ففضلت المضي نحو دراستها العليا وقد حلّت بمواقع كثيرة دون أن تهجر المحيط الجامعي، وهو توجه استمسك به أكثر من خريج وخريجة، وقد كان موضوع حديثها بعنوان “التعايش السلمي في ليبيا دلالات وابعاد”، وعلى ذات المنوال الذي تحدثت فيه منذ أسابيع بعنوان الجامعة وصناعة التقدم، وإذا كان رئيس الحزب المهندس خالد الغويل قد أكد أن كل ما يلقى في القاعة يبث مباشرة ويدرج في الصفحة وأن منبر الحزب مفتوح للجميع، وغير مكترث ببعض الاحتجاجات المتعلقة ببعض الأسماء من بعض الأسماء بالطبع، وإذا كنت قد أدليت بما لدي ولا أريد الإعادة ما دام كل ما قيل لن يضيع، فإن واجب المتابعة التي دأبنا عليها في هذا الفضاء تستوجب تحية الجميع على جهدهم وانحيازهم إلى خيار التفتح على الكل والتخلص من الانتقائية، ليس فقط لأن التسامح أو المصالحة من الأمور المطروحة رسميا، وإنما الاستحقاق يفرض هذا الخيار على الجميع وبالذات أولئك الذين يتوهمون سلامة خيارهم أن يعلموا حق العلم أن الوطن وطن الليبيين كافة ولن يُبنى من دون جهود الناس كافة، ولا سبيل لإخراجه من محنته دون حشد الناس كافة، وإن الذين يتحسسون من وجود غيرهم أو يستكثرون حضورهم أن يعلموا حق العلم أن الكثير ممن يستكثرون عليهم الدعوة والمشاركة قد لا يقبلون الحضور، وأن فكرة مشاركة الغير في الصلاة وعدم تقديه للإمامة لا تعني القبول، ففي البيوت أيضا تجوز الصلاة، وتدبير الجماعة المناسبة أيضا ممكن الحدوث، أما انقضاء حقبة وأكثر من عمر الزمن وحدوث الكثير مما سرَّ وضرّ، ووُجدت شروط كثيرة للمقارنة بين مشاهير الماضي والحاضر ونحن نتطلع إلى المستقبل الأفضل، كل ذلك دون التقليل مما افتتح به المهندس خالد تعليقه على العرض وبالأحرى المحاضرة، من أن الاتجاه إلى المستقبل هو ما يوحد الجهود ويقطع الطريق على الخلافات الناشئة عن تناول الماضي، أم الحاضر فالخلاف حوله لا بد أن يحدث لاختلاف الرؤى بشأن الأولويات، والمهم في النهاية هو اللقاء والمداومة عليه وقديما قيل “المعرفة دوس”.