النكبة وبواكير التذكر.. أمين مازن
شاءت الأقدار أن تحل الذكرى الرابعة والسبعون لنكبة فلسطين وأنا أحل بمسقط الرأس «هون» ايفاءً لبعض الالتزامات الأسرية السارة ولله الحمد، فاستعيد تلك الأيام التي كنتُ قد أنجزتُ فيها السلكة الأولى للقرآن الكريم، ذلك الحدث الذي لم يشأ الأهل أن يدَعوه يمر دون أن يولموا بالمتيسر عندما توفرت لدى الجدة آخر شاة من شياه الجد مثّلت نصيب الوالدة الراحلة، عندما أعاد الشركاء، مضطرين، ما لديهم من الغنم لتوالي سنين الجفاف، و كنتُ يومئذ أتجاسر على قراءة المُتاح من المطبوعات التي يتناولها الكبار وقد حملت إحداها من العناوين الصهيونية واليهودية، لا أدري كيف بقي أمامي بعض الوقت لاقرأ ما لا أفهم، فيما كانت الأنباء التي يتبادلها الأهلون متناولة سفر شباب تلك الأيام الذين سافروا للجهاد في فلسطين، وقد عاد منهم من عاد ممنوعاً من السفر وآخرون أُعيدوا قسراً ويُعاد عنهم الكثير من أخبار الخيانة و سوء السلاح. أسماءٌ كثيرة كانت تتردَّد حول المتطوعين، علي محمد منصور، علي السنوسي منصور، محمد نعجة، إدريس الشغيوي، دخيل البريشني…الخ.
كان أكثر الرواة قدرة صالح سالم في الحديث عن المعركة غير المتكافئة وفوارق الاستعداد الواضحة والتي ما لبثت أن أملت جملة المتغيرات وأشهرها الاغتيالات السياسية التي راح ضحيتها مشاهير تلك الأيام ممن طالما ذكر أسماءهم الراديو الإيطالي الوحيد الذي طالما تحلّق حوله من كانوا يمثلون الصفوة المرتبطة بالعالم والمتتبعة لأخباره لهول آثاره كسباق التسلّح وبروز الفارق بين معسكري الشرق والغرب ومشاريع التحالف التي تتحدث عنها الأخبار المُذاعة، تلك التي تطورت مع تطور النمو الذي طال الحياة والأجيال وصار يرافق رحلتنا التي امتدت حتى وصلنا هذه المرحلة من العمر، والذي استطعنا بحمدالله أن نصمد أمام إملاءاته الرامية إلى استشعار العجز والاستسلام لليأس وكراهية الحياة، وظل الإيمان بأن الآتي أحسن، وأن الرهان على تحسين النَّوعية وتقوية اللُحمة بين هذه المجموعات المتداخلة والمتساوية في العدد والقدرات عند الاحتكام إلى ما أسلفت عما ينبغي تحسينه، عسى أن يكون حلول الخامس عشر من مايو، أو الثامن عشر لا فرق، محفزاً على القراءة وحسن الفهم والاستعداد لاتخاذ ما يناسب المرحلة من المواقف والتضحية إن لزم الأمر.