في ظل الانشغال التام لا حديث إلا عن فيروس كورونا، يتزايد الاهتمام بمكافحة الأمراض الحيوانية محليًا وعالميًا. فمرض «حمى الوادي» المتصدع الفيروسي العابر للحدود يضع السلطات الصحية الليبية والنائب العام في حالة تأهب معتبرين ما وصله من مستويات غير متوقعة اشبه بجرس إنذار.
وحيث إن بداية اكتشافه كانت في 2019 نتيجة عمل مسح شامل في مناطق الجنوب بواقع ثلاث بؤر وبائية، اليوم يتزايد ووصل حتى مناطق الشمال بواقع ست بؤر وبائية.
وبعد اجتماع النائب العام مع المركز الوطني للصحة الحيوانية مع عدد من الجهات ذات العلاقة لدراسة وضع مرض الوادي المتصدع في البلاد.
طلبت الصحيفة لقاءً خاصًا مع مدير عام المركز الوطني للصحة الحيوانية (د. زكريا الختال) وهذا أبرز ما جاء فيه:
لقاء خاص ..
محمد الطاهر التراسي
يضـع السلطــات الصحيــة الليبيـــــــــــــــة في حالة تأهب
كل من يسبب اعتلال الأمن الصحي للبلاد سيكون عرضـــــــــــــة للملاحقــــة الجنائيــــة
وسط تحذيرات جمة من مرض حمى الوادي المتصدع؛ ماهي خصوصيته؟
حمى الوادي المتصدع هو مرض فيروسي حاد يسبب داءً خطيرًا للحيوانات الأليفة (الأبقار .الإبل .الماعز .الأغنام ) وهو من الأمراض المدرجة ضمن قائمة أمراض القانون الصحي لحيوانات اليابسة ويستوجب الإبلاغ عنه .
وله أعراض تشخيصية خطيرة وتأثيره سلبي على الحيوانات بارتفاع مستويات النفوق في الحملان وصغار الماعز والعجول بالإضافة إلى الإجهاضات في الإناث العشار كما يؤثر سلبا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
هل هو من بين الأمراض المشتركة، وما هي خطورته على الإنسان؟
نعم . حمى الوادي المتصدع يعد من الأمراض المشتركة التي تهدَّد الصحة العامة ذا خطورة عالية بين الإنسان والحيوان يمكن أن ينتقل إلى الإنسان مباشرة عن طريق عض البعوض، أو غير مباشرة عن طريق ملامسة الدم أو غيرها من السوائل والأنسجة عند الذبح والسلخ.
كيف ينتقل بين الحيوانات والإنسان؟
ينتقل بين الحيوانات عن طريق بعوضة من جنس البعوض الناقل لمرض الحمى الصفراء، أو الذباب الماص للدم، أو من خلال التزاوج بين الحيوانات أو اقترابها من بعض مثلاً وجودها في حظيرة واحدة .. وأما عن طرق إنتقاله إلى الإنسان فعن طريق حلب الأبقار أو الماعز، أو شرب الحليب غير المغلي أو عن طريق توليد الماشية أو الاقتراب منها أو وجود ناقل مثل جنس البعوض الناقل لمرض الحمى الصفراء.
في العام الماضي كانت الكفرة هي بؤرة الوباء، ما هو الوضع الصحي للبلاد هذا العام؟
هذا المرض تم تسجيله لأول مرة في عام 2019 في الجنوب الشرقي والغربي في مناطق (الكفرة – أوباري – وادي- الشاطئ ) نتيجة لدخول الحيوانات الحية بطريقة غير قانونية من دول الجوار .. ومازالت هذه المناطق تشكل بؤرة انتشار المرض وذلك لسببين :
الأول لأن البيئة مناسبة حيث غالبًا توجد حظائر الحيوانات، والسبب الثاني وجود ممرات عبور الحيوانات بطريقة غير قانونية.
كم عدد الحالات المسجلة إلى اليوم في الحيوانات؟ وهل تم تسجيل حالات من البشر مصابون بهذا المرض؟
أرقام مؤكدة لا يوجد لدينا، ولكن تعد ظهور أي حالة موجبة بؤرة، لهذا فإن المناطق التي ظهرت بها إصابة بؤر مرضية.
أما عن تسجيل حالات في البشر فإن المركز الوطني لمكافحة الأمراض يعمل حاليًا مع فرق الرصد والتقصي التابعة له في هذا المجال للتقصي إن وجدت حالات في البشر.
ما هي الإجراءات المتخذة من قبل المركز الوطني للصحة الحيوانية تجاه هذا المرض؟
من ضمن خطتنا العمل على عديد الإجراءات منها :
إبلاغ وزارة الزراعة والثروة الحيوانية عند تسجيل حالات موجبة من أجل التصدي لهذا المرض وعدم انتشاره وطلب الدعم المادي لتوفير الاحتياجات الضرورية المطلوبة بالمرحلة الحالية والبدء في برنامج الوقاية والمكافحة المرض وهي الرصد الوبائي للمرض ومكافحة البعوض عن طريق رش المبيدات والقضاء على النواقل الحشرية في الأماكن التي تتكاثر فيها، وكذلك الإبلاغ الفوري للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية حيث إن هذا المرض من ضمن قائمة أمراض القانون الصحي لحيوانات اليابسة الواجب الإبلاغ الفوري عنها وكذلك المنظمات الإقليمية والدولية ذات الاختصاص وطلب الدعم الفني..أيضا من ضمن إجراءاتنا التعميم على كافة منسقي قطاع الزراعة في البلديات للقيام بالإجراءات الاحترازية والوقائية للتقصي والمسح وتكثيف برامج التوعية والإرشاد لتعريف المواطنين بالأمراض الوبائية وخطورة هذه الأمراض وتأثيرها السلبي على ثروتهم الحيوانية وأيضاً على صحتهم وتوعية المزارعين لضرورة التعامل الايجابي مع هذه الإجراءات الوقائية.
كذلك نقوم إبلاغ المركز الوطني لمكافحة الأمراض حيث يعد من الأمراض المشاركة لاتخاذ تدابير الرصد والتقصي على اعتبار أن هذا المرض من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان .
ومن ضمن الإجراءات التي نعمل عليها إبلاغ إدارة الإصحاح بوزارة الحكم المحلي نظراً لأهمية السلخانات ودورها في الكشف المبكر عن الأمراض الحيوانية الوبائية والمعدية مما يسهم بشكل كبير في الوقاية منها ومكافحتها والسيطرة عليها، وتزويدنا بالتقارير البيطرية من خلال الكشف الصحي البيطري على السلخانات.
كما يعد إبلاغ جهاز الشرطة الزراعية بشأن منع دخول الحيوانات الحية من دول محظورة التوريد من أهم السياسات التي نعمل عليها لمكافحة المرض، وذلك حسب الشروط الصحية البيطرية والتوصيات
العالمية للصحة الحيوانية
ماهي أبرز التحديات التي تواجهكم ؟
إن من أبرز التحديات التي تواجهنا خاصة نحن المركز الوطني للصحة الحيوانية هو عدم توفير الإمكانات لمكافحة المرض؛ وكذلك استمرارية دخول الحيوانات الحية بطرق غير قانونية من مناطق الجنوب.
الطرق غير القانونية لدخول الحيوانات هي السبب الرئيس ، برأيك كيف يمكن حل هذه الثغرة ؟
بالفعل. إن أكبر التحديات التي تواجهنا والتي هي السبب في عبور هذا المرض هو دخول الحيوانات دون إجراءات الكشف والمسح وبطرق غير قانونية، لهذا نناشد الجهات ذات العلاقة التشديد على هذه المداخل للتقليل من نسبة انتشار المرض، والعمل لاحقا على مكافحته والوقاية منه من الداخل.
وخلال اجتماعنا مع النائب العام لدراسة الوضع الوبائي لحمى الوادي المتصدع أشار إلى أن تحقيقات النيابة العامة حددت مكمن المشكلة، ودللت المعلومات على قصور عمل الجهات الأمنية والعسكرية المعنية بحماية المسالك الحدودية، مما سهل إدخال المواشي من دول الجوار إلى البلاد دون الحصول على الأذونات اللازمة لاستيراد الحيوانات وخضوعها لإجراءات الحجر البيطري وتنفيذ مسوحات الرصد الوبائي للأمراض الحيوانية. مؤكدًا في الوقت نفسه أن أي تقصير أو إهمال أو ما يتسبب في اعتلال الأمن الصحي للبلاد سيكون محلا للملاحقة الجنائية.
ماهي الجهات التي تعتبرونها شركاء لكم في مواجهة هذا المرض؟
جميع الجهات الرقابية والضبطية وكافة المؤسسات الصحية نعتبرهم شركاء فعليين في مواجهة المرض مثل المركز الوطني لمكافحة الأمراض ووزارة الصحة والشرطة الزراعية وغيرهم من الجهات ذات العلاقة والتنسيق فيما بيننا في مكافحة المرض وتوافق رؤى
في تنفيذ تدابير مكافحة المرض وإجراء المسح وتعزيز إجراءات الحجر البيطري ودعم المركز الوطني للصحة الحيوانية في توفير متطلبات مكافحة المرض.
منذ فترة وجيزة كان لديكم اجتماعٌ مع جميع رؤساء ومديري السلطات الصحية والقضائية. حدثنا عن الأسباب التي دعت لهذا الاجتماع الموسع وماهي الاجراءات التي أفضى إليها ؟
الأسباب عديدة منها زيادة عدد الحالات ودخول مناطق أخرى كبؤر وبائية ففي 2019 كان هناك ثلاث بؤر في الجنوب، وحاليا يوجد 6 بؤر في الشمال.
الاجتماع ضم ادارة المركز الوطني للصحة الحيوانية مع النائب العام ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس ديوان المحاسبة، ووزير الداخلية، ووزير الحكم المحلي، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي، ورئيس جهاز الحرس البلدي، ومدير الإدارة العامة لأمن المنافذ، ورئيس مركز الخبرة القضائية والبحوث، ورئيس جهاز الشرطة الزراعية، ومدير عام المركز الوطني لمكافحة الأمراض، وبحضور عدد من الموظفين المعنيين بالصحة العامة.
ولقد شدَّد السيد الصديق الصور النائب العام على أن عدم التزام الموظفين المعنيين بحماية الحدود، وعدم تقدير من يعمل منهم في العمق الليبي للمشكلة القائمة وأبعادها، أدى إلى تفاقمها والحد من فاعلية عمل عناصر المركز الوطني للصحة الحيوانية في مجال تنفيذ خطط الترصد والمسح خلال أوقات ملائمة تسمح باستئصال الأمراض الحيوانية والأمراض المشتركة.
واتفقنا في الختام، على ضرورة استعجال تنفيذ تدابير مكافحة نواقل مرض حمى الوادي المتصدع وإجراء المسح الكاشف عنه وتعزيز إجراءات الحجر البيطري، وإعطاء اللقاحات للمواشي، ومباشرة الجهات الضبطية لإجراءات الاستدلال في مواجهة كل من يثبت مخالفته للتشريعات ذات العلاقة.
مشكلة التحصينات تعد من أهم التحديات التي تواجهكم ، من المسؤول عن توفير التحصينات؟
كما هو معلوم فالصحة الحيوانية تتعامل مع مربي الحيوانات مباشرة. مثلما هو الحال في وزارة الصحة البشرية التي تتعامل مع المواطن مباشرة وتقوم بتوفير احتياجات المواطن من أمصال وتحصينات. فان المركز من صميم اختصاصه حماية قطعان الثروة الحيوانية بأنواعها كافة من أخطار الأمراض المعدية والوبائية. ومن أهم طرق المكافحة هو التحصين ضد هذه الأمراض. ومن المؤسف القول إننا نفتقر إلى اللقاحات الحيوانية التي من شأنها مكافحة الأمراض الحيوانية والمشتركة وذلك بسبب عدم توفير المبالغ المالية اللازمة لتوريدها على الرغم من ارتباطها بالصحة العامة.
ما الذي تريد تقديمه من خلال صحفية فبراير من مقترحات يمكن العمل عليها لمواجهة هذا المرض ؟
ندعو كافة الجهات المعنية بالصحة إلى ضرورة الوقوف معنا من أجل الحد من انتشار المرض ومكافحته، ونرجو من المواطنين الذين يساهمون في نشر الوباء من خلال تهريب المواشي والحيوانات وإدخالها إلى البلاد بطرق غير قانونية إلى الالتزام بالضوابط والإجراءات الاحترازية والقانونية، ونذكرهم بأن كل من يقوم بمثل هذه الأعمال فهو يعرض نفسه إلى الملاحقة الجنائية طبقاً للقوانين الوطنية.
كما يجب على الدولة الإسراع بتوفير المعدات ومواد التشخيصية للمختبرات لإجراء التحاليل اللازمة ومراقبة حركة المرض بالمناطق المستهدفة، أيضاً العمل على توفير التحصينات للمركز الوطني لمكافحة الأمراض الحيوانية .