
في ظل الأزمات والاضطراب الأمني في العاصمة طرابلس ، يواجه طلاب التعليم الأساسي والمتوسط تحديات غير مسبوقة عند أداء امتحاناتهم. لا تقتصر المعاناة على الاستعداد للامتحانات النهائية في مراحل التعليم الأساسي والمتوسط والتعليم العالي فحسب، بل تشمل أيضًا الخوف والقلق الناتج عن الأوضاع الأمنية المتدهورة خاصة في مناطق النزاع ، حتى بات إجراء الامتحان ليس مجرد اختبار للمعرفة، بل اختبارًا للصمود والتحدي .. ومع إعلان وزارة التربية والتعليم ضرورة إجراء الامتحانات في موعدها للعام الدراسي لعام 2024م 2025م رغم ما شهدته العاصمة أحداث سياسية لها تأثير سلبياً على نفسية الطلاب وصعوبة التركيز ليس في العاصمة فقط بل في جميع المدن الليبية.في هذا التحقيق، سنسلط الضوء على تجارب الطلاب في هذه الظروف القاسية، ونتناول كيفية تأقلمهم مع بيئة مضطربة أمنياً ومدى تأثير ذلك على نتائج الامتحانات ونفسيتهم. وتم تحديد الأثر على الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور لنرسم صورة حقيقية عن الواقع التعليمي في زمن المرحلة الانتقالية لبناء دولة ليبيا الغد، وكيف يمكن لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام أن تدعم هؤلاء الشباب في مسيرتهم نحو مستقبل أفضل ، ولمعرفة ذلك كان لنا هذا الاستطلاع عن سير الامتحانات النهائية في أجواء اضطراب أمني وأجواء حرب ومظاهرات !!
هل أثرت الأوضاع الأمنية في طرابلس على استعداد الطلاب للامتحانات النهائية ؟
ما هي التحديات الرئيسية التي وأجهها الطلاب أثناء فترة الامتحانات في ظل الظروف الراهنة؟
ما هي الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لضمان إنجاز الامتحانات على الوجه المطلوب؟
هذه الأسئلة التحقيق الصحفي تهدف إلى استكشاف التحديات التي يوجهها الطلاب والمعلمون في سياق عدم الاستقرار والاضطرابات الأمنية مع إظهار ألية سير و تنظيم والإشراف على الامتحانات في جميع مدارس مدن ليبيا ؟
الأستاذة نعيمة المجبري إدارية في مدرسة التعليم الأساسي ببلدية طرابلس المركز قالت لقد تم إتمام إجراء الامتحانات وتصحيح الأوراق وقد تم نشر تقرير على أن عدد التلاميذ المُتقدّمين لاِمتحانات شهادة إتمام مرحلة التّعليم الأساسي «الدور الأول»، للعام الدّراسي 20242025م في كل المدن الليبية ، وذلك وفق إحصائية المركز الوطني للامتحانات حيث كان عدد المتقدمون 222,464 في شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي والتعليم العام 162,724 . أما التعليم الخاص 52,910 بينما التعليم المنازل 5,750 وتعليم الكبار 853 و التعليم الديني 177 والصم وضعاف السمع 47 بينما منزلية التعليم 3 فقط .
وأوضحت أنه في لائحة تنظيم إدارة شؤون وزارة التربية والتعليم لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي شروط أداء الامتحانات والتشديد على عدم تجاوزها ، فقد حدّدتْ المادة 106 من لائِحة تنظِيم شؤون التّربية والتّعليم رقم 1013 لِسنة 2022م عدد من المحظورات داخل مقر لجنة تأدية الامتحان. منها الكتب ومذكرات المنهج الخاصة بالمادة الممتحن فيها و الهاتف النقال والآت التسجيل وأية وسيلة أخرى ترى لجنة الإشراف أنها تساعد على الغش ولو كانت الأجواء غير مستقرة أمنياً وللجنة الإشراف على الامتحانات أن تجرى أو تأذن بتفتيش التلاميذ للتأكد من عدم اصطحابهم للأشياء المحظورة إدخالها إلى مقر لجان الامتحان.
وفي سياق أخر أكدت ” المجبري ” إن الأوضاع الغير مستقرة ومشاهد التسليح في الطرقات قد أثر بالسلب على قدرتهم على الدراسة بفعالية ، فعند خروجهم من البيت وقد سهروا الليالي لحفظ الدروس المادة الممتحن فيها قد ترهبه مشاهدة حرق إطارات السيارات في الطرقات وأثار الرصاص على المباني وحرق المحال التجارية مما يجعل يشتت تركيزه ويبعث الخوف في نفسه أنه قد يصله ضرر وهو في قاعة الامتحان .
وأضافت لقد اضطر بعض الأهالي إلى النزوح إلى خارج العاصمة بحثا عن بيئة أمنة ولسلامة أبنائهم وهذا جعل صعوبة التكيف في مكان آخر يمتحن فيه الطالب بعيداً عن أقرانه وزملاء الدراسة، مما زاد من صعوبة الاستعداد للامتحانات.
الأستاذة أمنة المغربي معلمة بمدرسة سوق الجمعة أشارت إلى التحديات الرئيسية التي وأجهها الطلاب أثناء فترة الامتحانات في ظل الظروف الراهنة والتي من أبرزها القلق المستمر نتيجة الأحداث الأمنية التي قد تحدث في أي لحظة، مما يؤثر على قدرتهم على التركيز خلال الامتحانات.
إضافة إلى رؤية مظاهر التسليح كالسيارات الحربية تعد من مظاهر التلوث البصري الذي له تأثير سلبي على نفسية الطلاب والتي سببت صعوبة التركيز وتشتت الدهن وصعوبة حفظ الدروس.
وأضافت المغربي ليس لمظاهر التسليح التي تجول شوارع العاصمة ترعب الطلاب الممتحنين فحسب بل أيضاً على نفسية المعلمين خاصة من يعانون من أمراض مزمنة كالضغط والسكر واضطراب الأعصاب ومنهم من تعرض لأزمة قلبية وإجراء عملية القسطرة التي تجعلهم يتغيبون عن عملهم كما لا ننكر أن أغلب المعلمين ذهبوا إلى عملهم لإتمام الإشراف على سير الامتحانات النهائية حتى لا يتعطل الطلاب ويضيع عليهم العام الدراسي ..الأستاذة سهام الصعير معلمة في المعهد المتوسط عين زارة قالت رغم الأجواء الغير أمنة خاصة قرب منطقة الاستراحة الحمراء إلا إننا تأقلمنا مع هذه الاضطرابات الأمنية فعند اندلاع الحرب تعلن ادارة المدرسة عبر الانترنت الوتس أب أو صفحة المدرسة الرسمية في الفيس بوك عن تعطل الدراسة أو تأجيل الامتحانات وهذا ما أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم خاصة مع الأحداث الغير أمنة في طرابلس المركز في بعض المدارس لأجل الحفاظ على سلامة الطلاب والمدرسين .
وعند انتهاء الاضطراب الأمني والتأكد من استتباب الأمن يتم الإعلان عن استئناف الدراسة وإجراء الامتحانات وهذا في الأماكن المحددة الغير آمنة بينما باقي المدن الليبية فهي مستمرة في إجراء الامتحانات وتصحيح الأوراق وإظهار النتائج بموعدها.
وفي ذات السياق أكدت الأستاذة فطومة شعبان ناشطة في المجتمع المدني أن إدارة المدرسة التي في بيئة التوتر الأمني يجتمعون مع أعضاء هيئة التدريس ويعملون جلسات حوارية عند فتح مكالمة جماعية ويقدموا الدعم النفسي لبعضهم البعض وتوصى الأخصائية الاجتماعية في المدرسة بضرورة العمل على تهدئة نفسية الطلاب قبل الدخول في الامتحان وذلك من خلال الاستماع للطلاب ومساعدتهم في التعبير عن مخاوفهم وبث الطمأنينة أنهم تأكدوا من رجوع الأمان ولا داعي للخوف من احتمالية حدوث توثر أمني .كما بادر أغلب إدارات المدارس بتنظيم جلسات حوارية عبر المكالمة الجماعية عبر الإنترنت ( اللوتس اب أو الفايبر والماسنجر أو تطبيق الزوم ) لأجل التوعية حول كيفية إدارة الضغوط النفسية ويعملون بجد واجتهاد لأجل إنتاج بيئة تعليمية داعمة تشجع الطلاب على التفاعل والتواصل مع إدارة مدرستهم.
الأستاذة نادية عمر بن دريع معلمة في مدرسة ضواحي طرابلس أكدت أن التوتر الأمني في طرابلس له أثر على نفسية كل الطلاب والمعلمين حيت تسبب في انشغال الذهن على سلامة أقاربهم ف بطرابلس المركز وعين زارة أو السياحية أو السبعة كما أكدت نزوح بعض الأسر من طرابلس المركز إلى أقاربهم في الضواحي وقد امتحنوا في مدارس غير مدارسهم وهذا سبب صعوبة تأقلمهم وقد تعاطف بعض المعلمين وقاموا بالسماح بدخول أهالي الطلاب إلى قاعة الامتحان وتسبب ذلك في انتشار الغش في الامتحانات وهذا يحدث بسبب إجراء الامتحانات في ظل الفوضى الأمنية ..
الأستاذة أسامة المغراوي نقابة معلمي التعليم الفني المتوسط في سياق أخر أوضح أنه يوجد غياب جماعي للطلاب في بعض المناطق المتأثرة بالاضطرابات الأمنية و يعود هذا الغياب إلى عدة عوامل منها( الخوف من حدوث حرب فجائية حيث يتجنب العديد من أولياء الأمور السماح لأبنائهم الذهاب إلى الدراسة وإجراء الامتحانات وذلك بسبب المخاوف من الهجمات أو الاشتباكات كما يتغيب البعض بسبب تعرض منازلهم لضرر من الحرب مما يؤدي إلى النزوح والنتيجة عدم قدرة الطلاب على حضور الامتحانات وكذلك نقص الموارد حيث تعاني بعض المدارس والمعاهد خاصة في مدن الضواحي إلى نقص في الأساليب والموارد اللازمة لتوفير بيئة تعليمية وتدريبية جيدة كمواد الخام والبنية التحتية والإضاءة الجيدة داخل الفصول الدراسية والورش التدريب وعدم صيانة دورات المياه وضعف الإنترنت الذي من خلاله يتواصل الطلاب مع مؤسساتهم التعليم والاستفسار عن موهد الامتحانات والتواصل مع معلميهم لمناقشة ما يصعب فهمه وحفظه من المواد الدراسية .وأضاف ” المغراوي ” أن القلق والتوتر الناتج عن الظروف الأمنية يؤثر سلباً على رغبة الطلاب في الذهاب إلى مؤسساتهم التعليمية سواء مدرسة أو ثانوية أو معهد .. وأكد على ضرورة توفير بيئية الدعم النفسي لتلاميذ والطلاب وأولياء الأمور والمعلمين خلال هذه الأوقات الصعبة من المرحلة الانتقالية لبناء دولة ليبيا الجديدة وذلك عبر الصفحات الرسمية في وسائل الإعلام الرقمي ” الإنترنت” لوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم الفني والتقني بل والتعليم العالي وكذلك نشر برامج توعية وإرشاد في القنوات الإذاعة المرئية والمسمـــــوعة والصحف السمية .
من جهته أشار الأستاذ سمير المحجوب بمعهد الفني المتوسط سوق الجمعة أنه بالإمكان توفير بيئة آمنة للطلاب الذين يشعرون بالخوف أو القلق خلال موعد الامتحانات واندلاع التوتر الأمني بتوفير عدة استراتيجيات، أهمها ( توفير مساحة
آمنة عن طريق إنشاء غرف مخصصة للراحة والدعم النفسي حيث يمكن للطلاب التحدث بحرية عن مشاعرهم ، وتعزيز التواصل المفتوح بحيث يتم تشجيع الطلاب على التعبير عن مخاوفهم واهتماماتهم من خلال جلسات حوارية منتظمة مع المعلمين ، ضرورة تدريب المعلمين على كيفية التعرف على علامات القلق والخوف وكيفية التعامل معها بشكل فعال وضرورة تطبيق قواعد صارمة من خلال وضع سياسات واضحة لمكافحة التنمر أو أي سلوكيات سلبية تؤثر على سلامة الطلاب ، وتنظيم أنشطة تهدف إلى بناء الثقة فإقامة أنشطة جماعية تعزز من التعاون والثقة بين الطلاب، مما يساعد على تقليل مشاعر العزلة ، والتشديد على توفير الدعم النفسي وذلك بتقديم خدمات استشارية متاحة للطلاب في أي وقت، بحيث يشعرون أنهم ليسوا وحدهم ، مع ضرورة تطوير برامج تعليمية موجهة وتضمين مناهج دراسية تركز على مهارات التكيف في السلم والحرب مثل حل المشكلات وإدارة الضغوط ، وأهمية التواصل مع الأسر بحيث يتم إشراك أولياء الأمور في تقديم الدعم وتعزيز التواصل بينهم وبين المدرسة. وختم قائلاً عند توفر هذه الخطوات يمكن للمؤسسات التعليمية والتدريبية أن تخلق بيئة تعليمية تعزز من شعور الأمان والثقة لدى الطلاب وهذا يساعدهم على التغلب على مخاوفهم وقلقهم خلال الاضطراب الأمني.
الدكتورة نجاة مسعود ناشطة حقوقية قالت يمكن التخفيف من تأثير الظروف الأمنية على الطلاب من خلال عدة استراتيجيات منها تقديم الدعم النفسي من خلال أن تجتهد مكاتب الأخصائيين الاجتماعيين غي المدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الفنية المتوسطة بتوفير خدمات استشارية نفسية للطلاب لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط النفسية ، وضرورة تعزيز بيئة آمنة من خلال تحسين الأمان في المدارس وتوفير مساحات مخصصة لثقافة ولراحة والترفيه بهدف تفريع الطاقة السلبية وتنشيط الذهن والرياضة المدرسية لتنشيط الجسم فالأنشطة الترفيهية تعمل على
تعزيز الروابط الاجتماعية وتخفيف التوتر .وشددت على ضرورة توفير موارد تعليمية مرنة بحيث يتم تعديل المناهج وطرق التدريس لتكون أكثر ملاءمة للظروف الحالية ن مع أهمية زيادة الوعي من خلال تنظيم ورش عمل لتعليم الطلاب مهارات إدارة الضغوط والتكيف مع التغيرات ، وكذلك دعم المجتمع المحلي وتشجيعه على التفاعل مع المدارس وتقديم الدعم للطلاب وأسرهم وأكدت أهمية التعاون مع المنظمات غير الحكومية حيث تعمل الشراكة مع عدة منظمات على تقدم الدعم التعليمي والنفسي لتوفير الموارد الضرورية. وبتالي يمكن تقليل التأثير السلبي لظروف الصعبة «الحربية أو الكوارث الطبيعية» خلال سير الدراسة أو أثناء إجراء الامتحانات على حياة الطلاب وضرورة وضع خطط استراتيجية وملائمة لكل الظروف قبل بداية العام الدراسي حيث تعمل الإجراءات الاستباقية على توفير خطط بديلة لأي طارئ يتسبب في وقف الدراسة أو تأجيل الامتحانات وهذا من يساهم في تحقيق نجاح أكاديمي مستدام.
الأستاذ خالد عمران موظف إداري بمدرسة الضواحي قال رغم أن المعلمين يعملون في ظروف صعبة كالحرب في طرابلس ومعاناة مدن الضواحي من عدم توفر التكييف في الفصول الدراسية وقاعة المعلمين خاصة مع ارتفاع حرارة الجو وعدم توفر الإعاشة وصعوبة التنقل وعدم توفر الوقود في مناطق الجنوب إلا إن المعلمين والمدربين قد انجزوا عملهم في موعده وفقاً لما حدده المركز الوطنِي للامتحانات بالنسبة لمراحل النقل المتوسط والأساسي .وأكد انه تم صباح اليوم السبت عملية نقل وترحِيل أسئلة اِمتحانات شهادة إتمام مرحلة التّعليم الأساسي “الدور الأول” للعام الدّراسي 2024م 2025م. وأكد أنه تم صول كافة صناديق الأسئلة إلى مراكز التوزيع بمراقبات التّربية والتّعليم في مُختلف أنحاء البلاد ، وكل أعضاء هيئة التدريس ملتزمون بإتمام الاِمتحانات في موعدها ، وفقاً لقرار وزير التّربية والتّعليم رقم 984 لسنة 2024م بشأن تحديد مواعِيد الدّراسة والاِمتحانات. وختم بتَهْنِئة وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ والتَّعْلِيم بمُناسبة حُلول عيد الأضحى المُبارك أعاده الله علينا وعلى الأمّة العربية والإسلامِية بالخَير واليُمن والبَركات وفي هذا العيد الأغر نغتنم الفرصة لنهدي لكم أجمل التهاني وأطيبها ونؤكد باننا في وزارة التربية والتعليم نؤمن بأهمية القيم الإنسانية الرفيعة التي يحملها هذا العيد في طياته ونسعى لغرسها في نفوس طلابنا من خلال مناهجنا وبرامجنا التربوية .أعاده الله على الجميع بالخير وأن ينعم على بلادنا بالأمن والاستقرار والازدهار وكل عام وانتم بخير.