
محلاها مدينتي يوم الجمعة، كنتُ على «الموطو»، وكانت كل الشوارع والأزقة بوسط البلاد فاضية .
عشتُ عمري ولا أرى طرابلس إلا أمامي، لم أرها في أي اتجاه آخر لكن عندما اقف على البحر وهذه المرة «باب بحر» يحدث العكس .. عند بحرها أرها خلفي وأمامي، جنوبي وشمالي، وكأنها كل الاتجاهات، وكأنني نقطة في قلب المتوسط والبحر يحيط بي من كل جانب .
دخلتُ لـ«سوق الحوت» انقبضتْ نفسي بالباب، فقد فقدتُ وجود عمي «علي مبارك» القيادة الإدارة والسسيتم النظافة الحوت الطازة وكاميرا الهاتف مفتوحة طوال اليوم وعلى صفحته بالفيس يبث مباشرة ويوثق كل شيء كل يوم ويومه ..
المهم توكلتُ على الله، ودخلت وقررت أن «حوتاتي» من أول بائع يساعدني الحظ بثقتي فيه، كان ذاك التاجر عمي «الدالي» ولد بلاد من سوق الحمعة، تبادلنا الحديث عرف جيراني عرفت جيرانه، قالي : تفضل كان الكوالي خشين همست له نبي هذا، لأنه حوت تحبه الوالدة ..تبسم وقال ولا يهمك، جمع لي زوز كيلو من اخشن السمكات، وحط ع الميزان سمكة أخرى .. كان الكيلو بـ)23( اعطيته الحساب كاملاً 46 فاعاد لي ستة دينارات.
محلاهم الليبيين ..
شكرته على حسن المعاملة واضفتُ قائلاً، عمي الدالي كمل جميلك السوق زحمة وأنا خلوقي ضايقات نبي حوتة كسكسي، والمناني والديندشي ما نقدر عليهم.. لمبوقة هذا موسمها وماشي حالها وحوتة تنفع لكل شي ..غير نبيها فرش ويساعدوني في السوم.
ردا قائلاً ولا يهمك .
غادر محله لأجلي متجهًا لبائع آخر، كانت اللمبوقة متوسطة الحجم والكيلو 18 .. حدث الدالي البائع يوصيه بي هذا من سيدي خليفة، أنا نعرف جيرانه، وراهو يعرف فلان وفلان من سوق الجمعة، رد البائع طلعه من راسك وخليه هذا زبوني توا، ونعرف كيف نعامله، اختار من اللمبوقة الاخشن، واضاف على الميزان حوتة أخرى، اعطيته حسابه )36( ع زوز كيلو فاعاد ليّ هو الآخر ستة دينارات وقالي تفضل أي وقت أنت وصلت .
قلتلكم محلاهم الليبيين ..
غادرتُ مبكرًا ولم اكمل جولتي كما جرت العادة، كانت الكثير من لمسات عمي علي باقية، فكثير من الباعة أوفياء له وامنوا بما انجزه لصالح السوق .. لكني صراحة لم اتجاوز حزني لغيابه .
امتطيتُ« الموطو» والتقطتُ آخر الصور .. وغادرتُ بصدر طاووس متجهًا لبيتي وكأنني نقطة في البحر وكل المتوسط يحيط بي.