الرئيسيةرتوش

بالجغبوب نخلة.. وكأنها عروس تغسل شعرها !

الصحراء‭ ‬الليبية‭ ‬غنية‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي،‭ ‬ولوحات‭ ‬فنيّة‭ ‬طبيعية‭ ‬جميلة‭ ‬يجهلها‭ ‬الكثير،‭ ‬فقط‭ ‬تحتاج‭ ‬منا‭ ‬الى‭ ‬اهتمام،‭ ‬لإظهار‭ ‬هذه‭ ‬اللوحات‭ ‬الطبيعية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحتوي‭ ‬من‭ ‬كنوز‭ ‬وتاريخ‭ ‬عريق،‭ ‬وواحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬غير‭ ‬مدروسة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬والسياحية،‭ ‬ويستوجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها‭ ‬كمنطقه‭ ‬لازالت‭ ‬بكر‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إليها‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬يُعتمد‭ ‬عليها،‭ ‬وهذا‭ ‬الآمر‭ ‬يستوجب‭ ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬بحثي‭ ‬لدراستها،‭ ‬وارتأيت‭ ‬بأن‭ ‬أستذكر‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللوحات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬ازدانت‭ ‬بها‭ ‬بلادي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإظهار‭ ‬صور‭ ‬لوطن‭ ‬رائع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون،‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬يريدونه‭ ‬المأجورين،‭ ‬وأسعى‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬رائعة،‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬مأثر‭ ‬منطقة‭ ‬رائعة،‭ ‬وغنية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تزخر‭ ‬به‭.‬

معروفة‭ ‬لدى‭ ‬الأجنبي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الليبي،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬تاريخي‭ ‬كبير،‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬الليبية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬والحياة،‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬ليبيا،‭ ‬وتأسيس‭ ‬المدن‭ ‬والقرى،‭ ‬وبحكم‭ ‬تضاريسها،‭ ‬كان‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬والإبداع‭ ‬الفني‭ ‬والتصوير‭ ‬الفوتوغرافي‭ ‬ملهما،‭ ‬وكذلك‭ ‬بالأغنية‭ ‬الليبية،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بدراسة‭ ‬جيدة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬جلها‭ ‬دارسات‭ ‬وأبحاث‭ ‬أثرية،‭ ‬وتاريخية،‭ ‬وأنثروبولوجية‭.‬

هناك‭ ‬في‭ ‬أطراف‭ ‬الصحراء،‭ ‬وعلي‭ ‬مشارف‭ ‬بحر‭ ‬الرمال‭ ‬العظيم‭ ‬توجد‭ ‬هذه‭ ‬الواحة‭ ‬الليبية‭ ‬الجميلة،‭ ‬الغنية،‭ ‬بما‭ ‬حباها‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬كنوز‭ ‬طبيعية،‭ ‬انتمت‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬وحدها،‭ ‬رغم‭ ‬قساوتها‭ ‬الظاهرة،‭ ‬تعج‭ ‬بأشجار‭ ‬النخيل‭ ‬المثمر‭ ‬منذ‭ ‬الأف‭ ‬السنين،‭ ‬والدليل‭ ‬وجود‭ ‬بقايا‭ ‬هذه‭ ‬الأشجار‭ ‬المتحجرة‭ ‬وهي‭ ‬تحاكي‭ ‬عصور‭ ‬مضي‭ ‬عليها‭ ‬ألاف‭ ‬السنين،‭ ‬فتحت‭ ‬ذراعيها‭ ‬للمشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬المشرف،‭ ‬بدروب‭ ‬طويلة‭ ‬مرت‭ ‬بها،‭ ‬ومراحل‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬القوافل‭ ‬العابرة‭ ‬للصحراء‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬متعاقبة،‭ ‬كانت‭ ‬ولازالت‭ ‬مجهولة‭ ‬وتستحق‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬حطاياها‭ ‬وهضابها‭ ‬وصحاريها،‭ ‬لفتح‭ ‬الأفق‭ ‬وإنارة‭ ‬الدرب‭ ‬لاستكشاف‭ ‬معالمها‭ ‬ومعالم‭ ‬صحرائها‭ ‬وطبيعة‭ ‬أرضها‭.‬

كتب‭ ‬عنها‭ ‬أصيل‭ ‬بلدة‭ ‬مسة‭ ‬بالجبل‭ ‬الأخضر‭ ‬الشاعر‭ ‬الغنائي‭ ‬الراحل‭ ‬فضل‭ ‬المبروك‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الملحمة‭ ‬الغنائية‭ ‬رحلة‭ ‬نغم‭ ‬التي‭ ‬لحنها‭ ‬الفنان‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬وغنى‭ ‬أغانيها‭ ‬صحبة‭ ‬تونس‭ ‬مفتاح،‭ ‬سالم‭ ‬بن‭ ‬زابيه،‭ ‬محمد‭ ‬السليني،‭ ‬اشرف‭ ‬محفوظ،‭ ‬مصطفى‭ ‬طالب،‭ ‬فهيم‭ ‬حسين،‭ ‬عبير،‭ ‬لطفي‭ ‬العارف،‭ ‬تقول‭ ‬الكلمات‭:‬

في‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬تبان‭ ‬زهرة‭ .. ‬العطر‭ ‬يفوح‭ ‬منها‭ ‬ويذوب‭ … ‬تسحر‭ ‬القلوب‭ ..‬

فتانة‭ .. ‬سمرا‭ .. ‬والسمراء‭ ‬هي‭ ‬الجغبوب‭ .. ‬هي‭ ‬المحبوب‭ .. ‬هي‭ ‬الجغبوب‭.‬

تقع‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬غرب‭ ‬واحة‭ ‬سيوة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬حدودية‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الشرقية‭ ‬لليبيا،‭ ‬ولها‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬التاريخ،‭ ‬إدارياً‭ ‬تتبع‭ ‬مدينة‭ ‬طبرق‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬عنها‭ ‬بحوالي‭ ‬286كم،‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬الجنوب‭ ‬الشرقي،‭ ‬في‭ ‬منخفض‭ ‬مساحته‭ ‬تقدّر‭ ‬بحوالي‭ ‬56كم‭ ‬مربع،‭ ‬ويربطها‭ ‬بالشمال‭ ‬حيث‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬وميناء‭ ‬مدينة‭ ‬طبرق‭ ‬شريان‭ ‬طريق‭ ‬معبد‭.‬

كانت‭ ‬مركز‭ ‬سياسي‭ ‬تمتعت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬بمزايا‭ ‬سياسية‭ ‬معينة،‭ ‬وكانت‭ ‬خارج‭ ‬قبضة‭ ‬الحكم‭ ‬العثماني‭ ‬والفرنسي،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الحج‭ ‬الرئيسي‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬عبر‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة،‭ ‬وهذه‭ ‬الطريق‭ ‬تقاطع‭ ‬طريق‭ ‬تجاري‭ ‬أخر‭ ‬من‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬عبر‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العجاف‭ ‬الأخيرة‭ ‬حيث‭ ‬خيم‭ ‬الفراغ‭ ‬على‭ ‬بلادنا،‭ ‬خرج‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفاقين،‭ ‬رددوا‭ ‬علينا‭ ‬بأنها‭ ‬مصرية،‭ ‬ولمن‭ ‬لا‭ ‬يعرف،‭ ‬أن‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬الليبية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يوما‭ ‬واحة‭ ‬مصرية،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬يوما‭ ‬تابعة‭ ‬لمصر،‭ ‬إلا‭ ‬فترة‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬سلطة‭ ‬صورية‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الأمير‭ ‬ادريس‭ ‬السنوسي‭ ‬إلى‭ ‬السلطات‭ ‬البريطانية‭ ‬الحاكمة‭ ‬لمصر‭ ‬آنذاك،‭ ‬بأن‭ ‬تضم‭ ‬الجغبوب‭ ‬للأراضي‭ ‬المصرية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مركز‭ ‬قيادة‭ ‬لحركة‭ ‬الجهاد‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي،‭ ‬وقد‭ ‬نُفذ‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬فيما‭ ‬عرف‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬بخط‭ ‬Kitchener‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬اللورد‭ ‬Kitchener‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تكليفه‭ ‬بترسيم‭ ‬الحدود،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬السنوسية،‭ ‬ووقعت‭ ‬بذلك‭ ‬اتفاقية‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1917م‭ ‬بين‭ ‬الأمير‭ ‬إدريس‭ ‬السنوسي‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الليبي‭ ‬واللورد‭ ‬Talbot‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬البريطاني،‭ ‬ولكن‭ ‬الإيطاليين‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬إرجاعها‭ ‬لتكون‭ ‬تحت‭ ‬السلطة‭ ‬الإيطالية‭ ‬لما‭ ‬تشكله‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬على‭ ‬الإيطاليين‭ ‬وحربهم‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وبإلحاح‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬الإيطاليين‭ ‬ومعاونة‭ ‬البريطانيين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬حلفاء‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وموافقة‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬الذى‭ ‬تربطه‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬بالإيطاليين‭ ‬تمكنت‭ ‬ايطاليا‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬الجغبوب‭ ‬إلى‭ ‬الاراضي‭ ‬الليبية،‭ ‬وكانت‭ ‬تسمى‭ ‬الأراضي‭ ‬الإيطالية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وقد‭ ‬عقدت‭ ‬اتفاقية‭ ‬بين‭ ‬اللورد‭ ‬Milner‭ ‬الإنجليزي‭ ‬والسنيور‭ ‬Scialoja‭ ‬الإيطالي‭ ‬عام‭ ‬1921م،‭ ‬تقضي‭ ‬بإعادة‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيطالية‭ ‬والحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬باعتبارها‭ ‬صاحبة‭ ‬الحماية‭ ‬على‭ ‬مصر‭.‬

هذه‭ ‬الواحة‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬التي‭ ‬لازالت‭ ‬تحفظ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬المفيدة‭ ‬حول‭ ‬الآثار‭ ‬القديمة‭ ‬منذ‭ ‬عصور‭ ‬المايوسين‭ ‬وما‭ ‬قبلها،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬القديمة‭ ‬مغطاة‭ ‬بالمياه،‭ ‬والدليل‭ ‬علي‭ ‬ذلك‭ ‬وجود‭ ‬الأصداف‭ ‬البحرية‭ ‬المتحجرة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬المنتشرة‭ ‬حول‭ ‬الواحة،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الواحة‭ ‬كانت‭ ‬مغمورة‭ ‬بالمياه‭ ‬وكانت‭ ‬تعيش‭ ‬بها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬البحرية،‭ ‬ووجود‭ ‬الأصداف‭ ‬المتحجرة‭ ‬كمادة‭ ‬جيدة‭ ‬تحفظها‭ ‬الواحة،‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬حماية‭ ‬من‭ ‬العبث،‭ ‬قد‭ ‬يستفاد‭ ‬منها‭ ‬تاريخيا‭ ‬وسياحيا‭ ‬وعلميا،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الأصداف‭ ‬والنباتات‭ ‬المتحجرة‭ ‬يعود‭ ‬لطبقات‭ ‬الميوسين‭ ‬وهى‭ ‬محارات‭ ‬Osttrea Digialina‭ ‬وOstrea Virleti‭ ‬وChlamys Zittelli،‭ ‬وهناك‭ ‬نوع‭ ‬يشابه‭ ‬Chlamys Submal Vinae‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬الحفريات‭ ‬المعروفة‭ ‬بكثرتها‭ ‬في‭ ‬طبقات‭ ‬العصر‭ ‬الميوسينى،‭ ‬وهذه‭ ‬الطبقات‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬تبعد‭ ‬110‭ ‬كم‭ ‬جنوب‭ ‬واحة‭ ‬جالو‭ ‬بالجنوب‭ ‬الليبي‭.‬

من‭ ‬معالمها‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬الزاوية‭ ‬السنوسية‭ ‬العريقة،‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬والتي‭ ‬قدّر‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تُصبح‭ ‬مركزاً‭ ‬للطريقة‭ ‬السنوسية‭ ‬ومهداً‭ ‬لجامعة‭ ‬إسلامية‭ ‬أسسها‭ ‬الفقيه‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬على‭ ‬السنوسي‭ ‬القادم‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬الموُلد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مستغانم‭ ‬الجزائرية‭ ‬عام‭ ‬1787م،‭ ‬وهو‭ ‬المؤسس‭ ‬للدعوة‭ ‬السنوسية،‭ ‬وتنسب‭ ‬الحركة‭ ‬السنوسية‭ ‬لجده‭ ‬الرابع،‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬علم‭ ‬وتُقىً،‭ ‬تلقى‭ ‬علومه‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مستغانم‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬مازون‭ ‬وأسس‭ ‬في‭ ‬الجغبوب‭ ‬الزاوية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مركزا‭ ‬للعلوم،‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬الكبير‭ ‬تم‭ ‬هدمه‭ ‬ظهيرة‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬11‭ ‬ديسمبر‭ ‬سنة‭ ‬1984م،‭ ‬وهدم‭ ‬الجامع‭ ‬والمعهد‭ ‬معا،‭ ‬والعبث‭ ‬بالمكتبة‭ ‬ونهب‭ ‬وتلف‭ ‬محتوياتها‭ ‬بالكامل‭. ‬كذلك‭ ‬قصر‭ ‬محمد‭ ‬أحميد‭ ‬الثنى‭ ‬الغدامسى،‭ ‬مبني‭ ‬تاريخي‭ ‬يجسد‭ ‬في‭ ‬منظره‭ ‬الطراز‭ ‬الغدامسى‭ ‬القديم‭..‬يقول‭ ‬أهالي‭ ‬الواحة‭ ‬بأن‭ ‬كلمة‭ ‬جغبوب‭ ‬مفرد‭ ‬لكلمة‭ (‬جغابيب‭) ‬وتعنى‭ ‬المنخفضات‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬عيون‭ ‬الماء‭ ‬والمستنقعات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ويشتغل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬بالزراعة،‭ ‬حيث‭ ‬يتناقلون‭ ‬مقولة‭ ‬مأثور‭ ‬تقول‭: (‬الدرر‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬الشجر‭)‬،‭ ‬لذا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬الخضروات‭ ‬والأعلاف‭ ‬الحيوانية‭ ‬والزيتون‭ ‬والحنة،‭ ‬وتضم‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬الف‭ ‬نخلة‭ ‬موزعة‭ ‬داخل‭ ‬منطقة‭ ‬الجغبوب‭ ‬وخارجها‭ ‬وتضم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اصناف‭ ‬التمور،‭ ‬منها‭ ‬أشهر‭ ‬أصناف‭ ‬التمور،‭ ‬الصعيدي‭ ‬بدرجة‭ ‬اولى‭ ‬والدقلة‭ ‬والعزاوي‭ ‬والحمراوي‭ ‬والتفاحي‭ ‬والكعيبي‭ ‬والفريحي،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تجني‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ (‬الذهب‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬عرس‭ ‬الأرض‭ ‬وفرحتها،‭ ‬وعطائها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موسم،‭ ‬لأهلها‭ ‬الذين‭ ‬اخلصوا‭ ‬لها‭ ‬وسقوها‭ ‬جهداً‭ ‬وعرقا،‭ ‬هي‭ ‬لحظة‭ ‬يتعانق‭ ‬بها‭ ‬الجهد‭ ‬وانتظار‭ ‬الأيام‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬يبدأ‭ ‬بها‭ ‬أهل‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬بقطف‭ ‬ثمار‭ ‬التمر‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬فخر‭ ‬هذه‭ ‬الواحة‭ ‬الطيبة،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬تكون‭ ‬أولى‭ ‬المراحل،‭ ‬وهي‭ ‬تلقيح‭ ‬النخيل،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬مراحل‭ ‬النمو‭ ‬للثمار،‭ ‬والقطف‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر،‭ ‬سبعة‭ ‬اشهر‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬نمو‭ ‬الثمار‭ ‬وقطفها‭ ‬بالكامل‭.‬

توجد‭ ‬في‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬عدة‭ ‬أنوع‭ ‬من‭ ‬السياحة‭ ‬الهامة،‭ ‬منها‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬والسياحة‭ ‬العلاجية‭ ‬والسياحة‭ ‬الترفيهية،‭ ‬وسياحة‭ ‬السفاري،‭ ‬وتوجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المزارات‭ ‬السياحية،‭ ‬والبحيرات‭ ‬الطبيعية‭ ‬المالحة‭ ‬وهي‭ ‬الملفا‭ ‬والعراشية‭ ‬وإفريدغة‭ ‬والعامرة‭ ‬وعين‭ ‬بوزيد‭ ‬وسيدي‭ ‬هلال‭.‬

تشكلت‭ ‬هذه‭ ‬البحيرات‭ ‬نتيجة‭ ‬لانخفاض‭ ‬الأرض‭ ‬تحت‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬هذه‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬وانحصرت‭ ‬داخل‭ ‬المنخفض‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬نسب‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأملاح‭ ‬التي‭ ‬تنخفض‭ ‬نسبها‭ ‬عند‭ ‬منابع‭ ‬العيون‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬البحيرات،‭ ‬وسبب‭ ‬تركيز‭ ‬الأملاح‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬البحيرات‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬للتبخر‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬1995م‭ ‬قام‭ ‬أصيل‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬الزاهرة‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفاضل‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬الهنيد‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬اعضاء‭ ‬جمعية‭ ‬الهيلع‭ ‬للتراث‭ ‬والدراسات‭ ‬الميدانية‭ ‬والاستكشافية‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬تطوعي،‭ ‬وبدون‭ ‬أدني‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬الدولة،‭ ‬وذلك‭ ‬بزراعة‭ ‬الأسماك‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬بحيرات‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬الصحراوية،‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬الملفا‭ ‬وبحيرة‭ ‬العراشية‭ ‬والفريدغة‭ ‬عندما‭ ‬أتوا‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬البحر،‭ ‬ونجحت‭ ‬التجربة‭ ‬وأصبحت‭ ‬أسماك‭ ‬الكحلة‭ ‬والقرقوز‭ ‬والبوري‭ ‬والبوكشاش‭ ‬تتكاثر‭ ‬في‭ ‬البحيرات،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬تعجب‭ ‬وقال،‭ ‬سمك‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬إنها‭ ‬معجزة؟،‭ ‬حيث‭ ‬لازالت‭ ‬تتكاثر‭ ‬الأسماك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البحيرات‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولايزال‭ ‬سكان‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬يأكلون‭ ‬السمك‭ ‬الطازج‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭.‬‏

ولأن‭ ‬النخيل‭ ‬ميزة‭ ‬من‭ ‬ميزات‭ ‬هذه‭ ‬الواحة‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬أغرب‭ ‬‎نخلة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬اطلقت‭ ‬عليها‭ ‬عدة‭ ‬اسماء‭ ‬منها،‭ ‬النخلة‭ ‬العجيبة،‭ ‬النخلة‭ ‬الملتوية،‭ ‬حيث‭ ‬تبدو‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬وكأنها‭ ‬أمرأه‭ ‬تغسل‭ ‬شعرها،‭ ‬وقال‭ ‬أخرون‭ ‬كأن‭ ‬النخلة‭ ‬تركع‭ ‬وتتعبد‭ ‬لله‭ ‬وهي‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬بالصحراء‭ ‬الليبية‭..‬هذه‭ ‬النخلة‭ ‬اصبحت‭ ‬تعاني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام،‭ ‬وهي‭ ‬مهددة‭ ‬بالسقوط،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬علاجها‭ ‬بسيط‭ ‬جدا،‭ ‬ولا‭ ‬يكلف‭ ‬إلا‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الاهتمام،‭ ‬بتخفيف‭ ‬الجريد‭ ‬والعراجين‭ ‬اكبر‭ ‬كميه‭ ‬وبحذر‭ ‬تام،‭ ‬ويأمل‭ ‬أهالي‭ ‬واحة‭ ‬الجغبوب‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬النخلة‭ ‬قبل‭ ‬سقوطها‭ ‬لكونها‭ ‬معلم‭ ‬تشتهر‭ ‬به‭ ‬الواحة،‭ ‬فالمنطقة‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬جمال‭ ‬طبيعتها‭ ‬جعلها‭ ‬وجهة‭ ‬للسياح،‭ ‬ونقطة‭ ‬جذب‭ ‬سياحي‭ ‬للسياحة‭ ‬الصحراوية،‭ ‬وخاصة‭ ‬لهواة‭ ‬رحلات‭ ‬السفاري،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬مقوماتها‭ ‬الاثرية،‭ ‬لكنها‭ ‬تفتقر‭ ‬للترويج‭ ‬الإعلامي‭ ‬للسياحة،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بهذه‭ ‬الأماكن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إقامة‭ ‬المواسم‭ ‬والنشاطات‭ ‬السياحية‭ ‬فيها،‭ ‬أماكن‭ ‬تحتضن‭ ‬كماً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الآثار،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬تعتبر‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬اقتناء‭ ‬هذه‭ ‬الآثار‭ ‬بعد‭ ‬إيطاليا،‭ ‬تمتاز‭ ‬بإرث‭ ‬تاريخي‭ ‬يمزج‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عصور‭ ‬تاريخية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وتمتاز‭ ‬بمناخ‭ ‬معتدل‭ ‬وهو‭ ‬مناخ‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط،‭ ‬وتمتلك‭ ‬مناطق‭ ‬خلابة‭ ‬رائعة‭ ‬الجمال،‭ ‬وبها‭ ‬أكبر‭ ‬صحراء‭ ‬عجيبة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬لكننا‭ ‬نفتقر‭ ‬للعقول،‭ ‬وللمخلصين‭.‬

الجغبوب‭ ‬ليبية‭ ‬باتفاق‭ ‬دولي‭ ‬وبموافقة‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى