رتوش

بنغازي .. دور تاريخي في تأصيل الهوية

ميدان‭ ‬البلدية‭ .. ‬ميدان‭ ‬سوق‭ ‬الحشيش‭ ..‬

ميدان‭ ‬الحدادة‭ ..‬

ميدان‭ ‬الفندق‭ ‬القديم‭ ‬

في‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬توجد‭ ‬عديد‭ ‬الميادين،‭ ‬منها‭ ‬القديم‭ ‬والحديث،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬وجود‭ ‬الاستعمار‭ ‬الايطالي‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬بإنشائها‭ ‬الإيطاليون،‭ ‬لعل‭ ‬أشهرها‭ ‬ميدان‭ ‬البلدية،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬أقدم‭ ‬ميادين‭ ‬بنغازي،‭ ‬وأحد‭ ‬الميادين‭ ‬الأربعة‭ ‬الكبيرة‭ )‬ميدان‭ ‬البلدية،‭ ‬ميدان‭ ‬سوق‭ ‬الحشيش،‭ ‬ميدان‭ ‬الحدادة،‭ ‬ميدان‭ ‬الفندق‭ ‬القديم‭(‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬بمدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬الإيطالي‭ ‬لليبيا‭ ‬عام‭ ‬1911م‭.‬

لقد‭ ‬مرّ‭ ‬الزمن‭ ‬ولم‭ ‬يفقد‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬أهميته‭ ‬بوصفه‭ ‬‮«‬قلب‭ ‬المدينة‭ ‬النابض‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬ظلّ‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬ثقافياًّ‭ ‬وسياسياًّ‭ ‬واجتماعياًّ‭ ‬كبيراً،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬ملتقى‭ ‬المثقفين‭ ‬والشعراء‭ ‬والسياسيين‭ ‬والشباب‭ ‬المتحمسين‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬يلتقون‭ ‬في‭ ‬مقاهيه‭ ‬وزواياه‭ ‬وعلى‭ ‬أرصفته،‭ ‬يَعرضون‭ ‬قضايا‭ ‬وهموم‭ ‬وأفكار‭ ‬جيلهم‭ ‬وشؤونهم‭ ‬العامة،‭ ‬هو‭ ‬الميدان‭ ‬الذي‭ ‬ذكره‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬عندما‭ ‬دخلت‭ ‬قواته‭ ‬بنغازي‭ ‬سنة‭ ‬1943م،‭ ‬ووصفه‭ ‬بـ‭ ‬قاعة‭ ‬استقبال‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬ضمنياًّ‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬واحد‭  ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الميادين‭ ‬وأجملها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أهميته‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬المدينة‭ ‬ومينائها‭ ‬البحري،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تاريخياً‭ ‬بوابة‭ ‬أفريقيا‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬العالم‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬الأهمية‭ ‬الثقافية‭ ‬لهذا‭ ‬الميدان‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬فقط‭ ‬مقراً‭ ‬لبلدية‭ ‬بنغازي،‭ ‬وإنما‭ ‬تعود‭ ‬أهميته‭ ‬الأساسية‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬مضى،‭ ‬فهو‭ ‬قلب‭ ‬المدينة‭ ‬النابض‭ ‬بالأفراح‭ ‬ومنطلق‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى،‭ ‬وله‭ ‬دور‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تأصيل‭ ‬الهوية‭ ‬الحضارية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وتصميمه‭ ‬ليس‭ ‬وليد‭ ‬اليوم،‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬معطيات‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وإنما‭ ‬ظهر‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬بأشكال‭ ‬وأهداف‭ ‬وظيفية‭ ‬مختلفة؛‭ ‬حيث‭ ‬تجلت‭ ‬مظاهر‭ ‬التصميم‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬حضارات‭ ‬قديمة‭ ‬وما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬العام،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬الحضري‭ ‬للميدان‭ ‬بالأماكن‭ ‬المحيطة‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أهمية‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬العناصر‭ ‬التاريخية‭ )‬المعمارية‭ ‬والفنية‭( ‬لاستلهام‭ ‬الأفكار‭ ‬منها‭ ‬وتطبيقها‭ ‬بشكل‭ ‬حديث،‭ ‬فعملية‭ ‬التنسيق‭ ‬الحضري‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬بشكل‭ ‬عفوي‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬بعوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬لطبيعة‭ ‬المدينة‭ ‬والناس‭ ‬المقيمين‭ ‬بها‭ ‬ونوعية‭ ‬الزوار‭ ‬الذين‭ ‬يتوافدون‭ ‬عليها‭.‬

لقد‭ ‬حفظ‭ ‬ميدان‭ ‬البلدية‭ ‬التاريخي‭ ‬ذاكرة‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬بساحته‭ ‬المربعة‭ ‬المبلطة‭ ‬بالحجارة،‭ ‬والمعروفة‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬الايطاليين‭ ‬لمدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬باسم‭ ‬ميدان‭ ‬البلدية،‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬وسط‭ ‬المدينة‭ ‬حيث‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة‭ ‬بمحلة‭ ‬سيدي‭ ‬سالم،‭ ‬بين‭ ‬سوق‭ ‬الظلام‭ ‬وسوق‭ ‬الحوت،‭ ‬ويوجد‭ ‬به‭ ‬مبنى‭ ‬مقر‭ ‬بلدية‭ ‬بنغازي،‭ ‬أو‭ ‬قصر‭ ‬بلدية‭ ‬بنغازي،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أقدم‭ ‬المباني‭ ‬الإدارية‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬بني‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬إذ‭ ‬يرجع‭ ‬تأسيسه‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬1872م،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬رشيد‭ ‬باشا‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬جامع‭ ‬بو‭ ‬قلاز‭ )‬جامع‭ ‬عصمان‭( ‬سنة‭ ‬1893م،‭ ‬كما‭ ‬يوجد‭ ‬به‭ ‬فرع‭ ‬المصرف‭ ‬التجاري‭ ‬الوطني‭ ‬وجامع‭ ‬عبدالسميع‭ ‬القاضي‭ ‬‮«‬الجامع‭ ‬العتيق‮»‬،‭ ‬أحد‭ ‬المباني‭ ‬التاريخية،‭ ‬كما‭ ‬يعد‭ ‬الميدان‭ ‬مكانًا‭ ‬لمرور‭ ‬حركة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬حيث‭ ‬تعلو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬أصوات‭ ‬الزوّار‭ ‬على‭ ‬أصوات‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.‬

تصل‭ ‬إلى‭ ‬الميدان‭ ‬عبر‭ ‬امتداد‭ ‬شارع‭ ‬عمر‭ ‬المختار‭ ‬الذي‭ ‬يصلك‭ ‬إلى‭ ‬Piazza‭ ‬أيّ‭ ‬الميدان‭ ‬والذي‭ ‬اتّخذ‭ ‬اسمُه‭ ‬مِن‭ ‬مبنى‭ ‬البلدِيّة‭ ‬الموجودة‭ ‬به،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬البلدية‭ ‬التي‭ ‬سمي‭ ‬الميدان‭ ‬باسمها‭ ‬أمست‭ ‬أطلالًا‭ ‬وذكريات،‭ ‬وبجانب‭ ‬المبنى‭ ‬يوجد‭ ‬ممر‭ ‬يُسمّى‭ ‬‮«‬شارع‭ ‬البلدِيّة‮»‬،‭ ‬يقُودُك‭ ‬السير‭ ‬فِيه‭ ‬إلى‭ ‬البَحَر،‭ ‬يميل‭ ‬ميدان‭ ‬البلَدِيّة‭ ‬إلى‭ ‬التربيع‭ ‬فِي‭ ‬شكله‭ ‬أيّ‭ ‬ساحة‭ ‬شبه‭ ‬مربّعة‭ ‬تقريباً،‭ ‬ويُشابه‭ ‬فِي‭ ‬طرازه‭ ‬المعماري‭ ‬وإلى‭ ‬حدٍ‭ ‬بعيْد‭ ‬ساحات‭ ‬رُوما‭ ‬الشّهيرة،‭ ‬مضافاً‭ ‬إليها‭ ‬مذاق‭ ‬عربيّ‭ ‬إسْلامي‭ ‬متمثل‭ ‬فِي‭ ‬بعض‭ ‬مبانيه،‭ ‬وتحيط‭ ‬بالميدان‭ ‬المنسق‭ ‬تنسيقاً‭ ‬جميلاً،‭ ‬أمّا‭ ‬الشكل‭ ‬المعماري‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الممتدة‭ ‬مِن‭ ‬بداية‭ ‬شارع‭ ‬عُمر‭ ‬المُختَار‭ ‬إلى‭ ‬ميدان‭ ‬البلدِيّة‭ ‬فهي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬طرازين‭: ‬الطّرّاز‭ ‬العَرَبيّ‭ ‬الإسلامي‭ ‬المُصمْم‭ ‬مِن‭ ‬سُكّان‭ ‬المدينة،‭ ‬والطّرّاز‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬صمّمَه‭ ‬الإيطاليون،‭ ‬الشقَّق‭ ‬السكنيّة‭ ‬والمحال‭ ‬التجاريّة‭ ‬الكائنة‭ ‬تحت‭ ‬أقواس‭ ‬جميلة‭ ‬أضافت‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬رونقاً‭ ‬وبهاءً‭.‬

من‭ ‬أشهر‭ ‬معالم‭ ‬الميدان‭ ‬‮«‬مقهى‭ ‬العرودي‮»‬‭ ‬مُلتقى‭ ‬الأُدَبَاء‭ ‬وكبار‭ ‬موظفي‭ ‬الدّولة‭ ‬وأعيان‭ ‬المدينة‭ ‬فِي‭ ‬زمن‭ ‬الرّاحل‭ ‬أحمَد‭ ‬رفِيْق‭ ‬المهدوي‭ ‬شاعر‭ ‬الوطن،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬المقهى‭ ‬المفضل‭ ‬له،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬كرسي‭ ‬محدد‭ ‬في‭ ‬المقهى،‭ ‬يلتف‭ ‬حوله‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬الشباب،‭ ‬منهم‭ ‬الشاعر‭ ‬رجب‭ ‬الماجري،‭ ‬وفي‭ ‬الستينيات‭ ‬كان‭ ‬المقهى‭ ‬المفضل‭ ‬للفيلسوف‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بدوي،‭ ‬ويُذكر‭ ‬أن‭ ‬الحاج‭ ‬مُصْطفى‭ ‬العرودي‭ ‬كان‭ ‬مِن‭ ‬أصدقاء‭ ‬أحمَد‭ ‬رفِيْق‭ ‬المهدوي‭ ‬ومحبيه،‭ ‬وعنه‭ ‬ذكر‭ ‬أستاذنا‭ ‬سَالم‭ ‬الكبتي،‭ ‬أن‭ ‬الحاج‭ ‬العرودي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أنشأ‭ ‬قبل‭ ‬مقهاه‭ ‬بميدان‭ ‬البلَدِيّة،‭ ‬مقهاه‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬قهوة‭ ‬الشط‮»‬‭ ‬فِي‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي،‭ ‬والتي‭ ‬ورد‭ ‬ذكرها‭ ‬فِي‭ ‬أشعار‭ ‬رفِيْق‭ ‬فِي‭ ‬زمن‭ ‬هجرته‭ ‬إلى‭ ‬تُركيَا‭:‬

وقهوة‭ ‬الشّط‭ ‬ما‭ ‬أحلى‭ ‬الجُلُوْس‭ ‬بها‭..‬بيْن‭ ‬الأحِبّة‭ ‬فِي‭ ‬تِلك‭ ‬العَشِيّات،‭ ‬لقد‭ ‬انتهى‭ ‬مقهى‭ ‬مُصْطفى‭ ‬العرودي‭ ‬بميدان‭ ‬البلدِيّة‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬كمَا‭ ‬انتهت‭ ‬معظم‭ ‬الأشياء‭ ‬الجميلة‭ ‬فِي‭ ‬بلادنا،‭ ‬وتحول‭ ‬هذا‭ ‬المقهى‭ ‬الذي‭ ‬ارتبط‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وثيقاً‭ ‬بالحراك‭ ‬الثقافي‭ ‬والسّياسِي‭ ‬فِي‭ ‬مرحلة‭ ‬مِن‭ ‬أهمّ‭ ‬مراحل‭ ‬تاريخ‭ ‬بلادنا،‭ ‬وكان‭ ‬يُعد‭ ‬معلماً‭ ‬بارزاً‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬المدينة،‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬تجاري‭ ‬بدلاً‭ ‬مِن‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬وتطويره‭ ‬ليصبح‭ ‬كمقاهي‭ ‬القاهرة‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بمشاهير‭ ‬مصْر‭ ‬ونخبتها‭ ‬مِن‭ ‬الأُدَبَاء‭ ‬والمُثقفين،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬مِن‭ ‬أبرز‭ ‬الأماكن‭ ‬السّياحيّة‭ ‬فِي‭ ‬مِصْر‭. 

بجانب‭ ‬المقهى‭ ‬زنقة‭ ‬‮«‬لاطمة‮»‬‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يسكن‭ ‬الاذاعي‭ ‬بلقاسم‭ ‬بن‭ ‬دادو،‭ ‬والفنان‭ ‬علي‭ ‬الشعالية‭ ‬في‭ ‬بناية‭ ‬فوق‭ ‬المقهى،‭ ‬ثم‭ ‬حلاق‭ ‬شفيق‭ ‬رضوان،‭ ‬بعده‭ ‬محل‭ ‬حسونة‭ ‬لألعاب‭ ‬الأطفال،‭ ‬بعده‭ ‬خياط،‭ ‬ثم‭ ‬صيدليّة‭ ‬الفلاح‭ ‬لصاحبها‭ ‬صالح‭ ‬الفلاح‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ضمن‭ ‬أقدم‭ ‬أربع‭ ‬صيدليات‭ ‬أنشأها‭ ‬لِيبيّون‭ ‬لتكون‭ ‬أوّل‭ ‬الصيدليات‭ ‬بمدينة‭ ‬بنغازي،‭ ‬والدكتور‭ ‬صالح‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬شارع‭ ‬قصر‭ ‬حمد،‭ ‬وكان‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬دكتورة‭ ‬صيدلانية‭ ‬مصرية،‭ ‬وكان‭ ‬يوجد‭ ‬بالصيدلية‭ ‬د‭.‬عبد‭ ‬الرسول‭ ‬الغويل‭ ‬‮«‬يضرب‭ ‬الابر‮»‬‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬بن‭ ‬عيسى،‭ ‬وكان‭ ‬يوجد‭ ‬بجانب‭ ‬الصيدلية‭ ‬محل‭ ‬منصور‭ ‬الحمرى‭ ‬للمواد‭ ‬الكهربائية،‭ ‬ومحل‭ ‬محمد‭ ‬الكوافى‭ ‬اكريمش‭ ‬للمواد‭ ‬المنزلية،‭ ‬ومقابل‭ ‬الصيدلية‭ ‬محل‭ ‬لبيع‭ ‬الألبان‭ ‬وخاصة‭ ‬الياغورت،‭ ‬وذياب‭ ‬الخياط‭ ‬حلوني‭ ‬يقوم‭ ‬بصناعة‭ ‬الزبادي‭ ‬‮«‬الياغورت‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬زنقة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مخبز‭ ‬‮«‬كوشة‮»‬‭ ‬التومي،‭ ‬والكنيسة‭ ‬القديمة،‭ ‬ثم‭ ‬محل‭ ‬سويلم‭ ‬العمامي‭ ‬لملابس‭ ‬الأطفال،‭ ‬وبعده‭ ‬محل‭ ‬بن‭ ‬زبلح‭ ‬للمكسرات،‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬المقابلة‭ ‬حيث‭ ‬يوجد‭ ‬مبنى‭ ‬البلدية،‭ ‬كان‭ ‬يوجد‭ ‬البنك‭ ‬التجاري‭ ‬والمقهى‭ ‬التجاري،‭ ‬ومركز‭ ‬شرطة‭ ‬المدينة،‭ ‬وبجانبه‭ ‬مقهى‭ ‬‮«‬بيرلاتو‮»‬‭ ‬أيام‭ ‬الاحتلال‭ ‬الايطالي‭ ‬مكان‭ ‬الشرطة‭ ‬السياحية‭ ‬حالياً،‭ ‬مقابلة‭ ‬لمبنى‭ ‬البلدية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الباب‭ ‬الجانبي،‭ ‬تفصل‭ ‬بينهما‭ ‬زنقة‭ ‬صغيرة،‭ ‬ثم‭ ‬مبنى‭ ‬البلدية،‭ ‬بعده‭ ‬سينما‭ ‬9‭ ‬أغسطس‭ ‬وكانت‭ ‬سينما‭ ‬صيفية‭ ‬وشتوية،‭ ‬ثم‭ ‬مكتب‭ ‬الأهلي‭ ‬لتعليم‭ ‬الطباعة‭ ‬على‭ ‬الآلة‭ ‬الكاتبة‭ ‬لصاحبه‭ ‬النعاس،‭ ‬وقد‭ ‬هدمت‭ ‬السينما‭ ‬والمعهد‭ ‬وشيد‭ ‬مكانها‭ ‬مبنى‭ ‬المصرف‭ ‬التجاري‭ ‬الوطني،‭ ‬باتجاه‭ ‬قوس‭ ‬سيدي‭ ‬سالم‭ ‬القوس‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬يُدخلك‭ ‬لشارع‭ ‬سيّدِي‭ ‬سَالم،‭ ‬ويشعرك‭ ‬وأنتَ‭ ‬تقف‭ ‬بجواره‭ ‬أنه‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قوس‭ ‬النصر‭ ‬بـ«الشانزليزيه‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬هدم‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1986م،‭ ‬وتُدخلك‭ ‬الناحية‭ ‬الثانية‭ ‬مِنْ‭ ‬الجامع‭ ‬إلى‭ ‬سُوْق‭ ‬الظّلام‭ ‬الذي‭ ‬شيد‭ ‬فِي‭ ‬العهد‭ ‬العثماني‭ ‬الثّاني‭ ‬في‭ ‬ليبَيا‭ ‬مدخل‭ ‬الجامع‭ ‬العتيق‭ ‬ومدخل‭ ‬شارع‭ ‬سيدي‭ ‬سالم‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬مقهي‭ ‬الحجلاكي،‭ ‬قبل‭ ‬القوس‭ ‬دكان‭ ‬الفلاح،‭ ‬ورجب‭ ‬مفراكس‭ ‬للأثاث،‭ ‬ثم‭ ‬مكتب‭ ‬سليمان‭ ‬الصلابى‭ ‬المحامي،‭ ‬وبعده‭ ‬ممر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬مكتب‭ ‬حسن‭ ‬أعبيدة‭ ‬المحامي،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬القوس‭ ‬مغسلة‭ ‬بابا‭ ‬ويلة‭ ‬‮«‬فوق‭ ‬المغسلة‭ ‬كان‭ ‬مقر‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬وكان‭ ‬مديرها‭ ‬عوض‭ ‬لنقي‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬حلواني‭ ‬يوناني،‭ ‬وفى‭ ‬الدور‭ ‬الأول‭ ‬مكتب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بونخيلة‭ ‬محرر‭ ‬العقود،‭ ‬ثم‭ ‬السنفاز‭ ‬الطرابلسي‭ ‬سالم‭ ‬الزيانى‭ ‬وسحلب‭ ‬الصباح،‭ ‬وحلاق‭ ‬سليم‭ ‬طرخان‭ ‬صاحب‭ ‬الدراجة‭ ‬Hillman،‭ ‬ومطعم‭ ‬بوعشرين‭ ‬فول‭ ‬وطعمية،‭ ‬وإلى‭ ‬الأمام‭ ‬قليلا‭ ‬يوجد‭ ‬حلاق‭ ‬الغويل‭ ‬والمرابط،‭ ‬وحسن‭ ‬القريتلي،‭ ‬ومكتب‭ ‬الكاتب‭ ‬العمومي‭ ‬البمبة،‭ ‬ومكتب‭ ‬الكاتب‭ ‬العمومي‭ ‬مصطفى‭ ‬الشركسي‭ ‬والد‭ ‬الهيلاهوب‭ ‬الرائع‭ ‬أستاذنا‭ ‬سي‭ ‬فؤاد‭ ‬الشركسي،‭ ‬وحلاق‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬جميعة،‭ ‬ومطحن‭ ‬‮«‬القهوة‮»‬‭ ‬البن،‭ ‬وأمامه‭ ‬فندق‭ ‬ومطعم‭ ‬المستيري،‭ ‬وخياط‭ ‬بن‭ ‬سعود،‭ ‬وخياط‭ ‬عبدالسلام‭ ‬المذبل‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬شارع‭ ‬محمد‭ ‬موسى،‭ ‬وحلواني‭ ‬قوبعة،‭ ‬ومكتب‭ ‬الفاسي،‭ ‬والخراز،‭ ‬ومكتب‭ ‬المحامي‭ ‬مخلوف،‭ ‬وحجرة‭ ‬الكفيف‭ ‬عبدالله‭ ‬وخادمه‭ ‬قدوره،‭ ‬محل‭ ‬مواد‭ ‬منزلية،‭ ‬محل‭ ‬ازواوة‭ ‬للسجائر‭ ‬يديره‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬العفاس،‭ ‬محل‭ ‬نظيم‭ ‬البورى،‭ ‬بعده‭ ‬محل‭ ‬ازواوة‭ ‬للدرجات‭ ‬يديره‭ ‬إبراهيم‭ ‬العفاس،‭ ‬ثم‭ ‬مدخل‭ ‬سوق‭ ‬الظلام،‭ ‬والسنفاز‭ ‬مصطفي‭ ‬القمودي‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الخمسينيات‭ ‬قادمًا‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬وهو‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بإعداد‭ ‬السفنز‭ ‬بالدحي،‭ ‬والمخارق‭ ‬والزلابية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ثم‭ ‬سوبر‭ ‬ماركت‭ ‬خليفة‭ ‬الشيباني،‭ ‬وعصمان،‭ ‬وزقاق‭ ‬الغرياني،‭ ‬ودكان‭ ‬الشويهدى،‭ ‬والشارع‭ ‬المقابل‭ ‬يصل‭ ‬بك‭ ‬إلى‭ ‬القبة‭ ‬وسيدى‭ ‬سالم،‭ ‬المكان‭ ‬لازالت‭ ‬ملامحه‭ ‬واضحة‭. ‬

من‭ ‬أبرز‭ ‬معالم‭ ‬الميدان‭ ‬الجامع‭ ‬العتيق،‭ ‬الذي‭ ‬تحت‭ ‬قبته‭ ‬اختلط‭ ‬عبق‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬

لم‭ ‬يشفع‭ ‬لهذا‭ ‬المكان‭ ‬المفعم‭ ‬بالروح،‭ ‬فقد‭ ‬خصوصيته‭ ‬بعد‭ ‬هدم‭ ‬سُوْق‭ ‬الظلام‭ ‬سنة‭ ‬1986م،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬لقوس‭ ‬سيدي‭ ‬سالم‭ ‬الجميل‭ ‬ولكثير‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬المدينة‭ ‬التاريخية،‭ ‬معالم‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بموروث‭ ‬بنغازي‭ ‬الثقافي‭ ‬ووجدانيات‭ ‬سكانها،‭ ‬طمست‭ ‬ودمرت‭ ‬وازيلت‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬حقب‭ ‬مختلفة‭ ‬لأسباب‭ ‬غير‭ ‬مقنعة،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬المشين،‭ ‬ولم‭ ‬تترك‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعالم‭ ‬والبنايات‭ ‬لتتعايش‭ ‬مع‭ ‬التراث‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى