
هل تجاوزنا مرحلة الأخطاء القاتلة؟
بينما انشغلت الدولة في السنوات الماضية بتأمين طباعة الكتاب المدرسي وتوزيعه على الطلاب، بقيت قضية المحتوى والمناهج في قلب العاصفة.
أخطاء مطبعية فادحة، وتسريبات فكرية مثيرة للجدل، جعلت من الكتاب المدرسي ساحة صراع بين التحديث والتغريب، وبين الحاجة إلى الإصلاح وضغط الواقع السياسي واليوم يتساءل الشارع الليبي:
هل طُويت صفحة الماضي، أم أن الأجيال القادمة على موعد مع أزمة جديدة؟
ذاكرة الأزمات: من الطباعة إلى «السم في العسل»
شهدت السنوات الأخيرة حوادث متكررة في ملف الكتاب المدرسي:
1. أخطاء محرجة في المحتوى:
طبعات تضمنت معلومات تاريخية وعلمية خاطئة، وأخطاء لغوية صارخة.
كتب واجهت اتهامات بزرع أفكار تتعارض مع الهوية الدينية والثقافية الليبية، وصفها ناشطون بأنها «كـدس السم في العسل» لتمرير منظومة فكرية دون رقابة حقيقية.
أزمة الطباعة والتوزيع:
تأخر التعاقدات مع المطابع وارتفاع تكاليف الورق أديا إلى غياب الكتب عن أيدي الطلاب في بداية أعوام دراسية متتالية. في بعض المناطق اضطر أولياء الأمور لشراء نسخ مستعملة أو اللجوء إلى نسخ إلكترونية غير رسمية. هذه الحوادث فجرت موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصدرت وسوم مثل #أعيدوا_رقابة_الكتب و #الكتاب_أولًا مطالبين بمحاسبة المسؤولين.
من يسبق من؟ نحن أم الدول المجاورة
تونس والمغرب: تشهد مناهجهما مراجعة دورية كل خمس سنوات تقريبًا، مع إشراك خبراء مستقلين ومجالس تربوية.
مصر: نجحت في إطلاق مشروع رقمنة الكتب وتطوير المناهج لتشمل مهارات التفكير النقدي والبحث العلمي.
الأردن: يعتمد على منصات إلكترونية موازية، تسمح بتحديث المحتوى سنويًا دون تأخر الطباعة. في المقابل، لا تزال ليبيا تعتمد في أغلب الأحيان على قرارات موسمية ومعالجات عاجلة، ما يجعل المناهج أكثر عرضة للأخطاء أو التسييس.
أثر الأزمات على الطالب والأسرة
تعطيل العملية التعليمية: تأخر وصول الكتب أربك الجداول الدراسية وامتحانات منتصف العام.
تكلفة مالية إضافية: لجأ أولياء الأمور إلى تصوير الكتب أو شراء نسخ بديلة بأسعار مرتفعة.
إرباك الهوية الفكرية: أثارت بعض النصوص المعدّلة جدلاً حول المرجعية الثقافية، وأدخلت الأسرة في معارك فكرية مع أبنائها. حيت صرح العديد من الاولياء عبر السوشل ميديا .
«كنا نشتري الكتاب بأضعاف سعره من السوق السوداء، ثم نكتشف أنه يحوي أخطاء فادحة! من المسؤول؟ .
سؤال يطرح نفسه من الممكن أن يستيقظ المسؤولون من ركام الماضي ونشهد .رقابة علمية محايدة من تشكيل لجنة مراجعة وطنية تضم أكاديميين وخبراء لغويين وممثلين عن المجتمع المدني. و جدولة الطباعة مبكرًا: وضع خطة طباعة قبل بداية العام الدراسي بستة أشهر على الأقل.
بالإضافة إلى رقمنة المنهج بالكامل وإصدار نسخة إلكترونية رسمية قابلة للتحديث الفوري، لتفادي ضغط المطابع والأخطاء الطباعية.
مع شفافية العقود ونشر تفاصيل التعاقد مع المطابع والشركات لتقليل شبهات الفساد.
بالإضافة إلى مراجعة فكرية دورية: مراجعة كل مادة كل ثلاث سنوات لضمان مواكبة التطور العلمي والحفاظ على الهوية الوطنية.
هل عبرنا عنق الزجاجة؟
رغم تصريحات وزارة التعليم بأن العام الدراسي الحالي يشهد وفرة في التوريد وتحسنًا في المراجعة، لا تزال ذاكرة الشارع الليبي مثقلة بأزمات السنوات الماضية.
الرهان الحقيقي لا يقتصر على تسليم الكتب في وقتها، بل في حماية عقول التلاميذ من أي تسريب أيديولوجي أو أخطاء تربوية، وفي إطلاق مشروع وطني يضع المنهج الليبي في موقع يليق بطموحات الدولة.