
نحتاج جدياً لآلية نتمكن من خلالها فهم العلاقة بين المعلم والتلميذ والعلاقة بين التلميذ ووزارة التعليم بإعتبارها المسؤلة المشرفة على مشروع التعلم وتجهيز الموارد البشرية للبلد .
فمن حيث الفهم البدهي فهي علاقة طيبة تتخللها الأمانة وحسن النية على الأقل في عالم المثل والأخلاق وبإفتراض حسن النية في كلا الطرفين بإعتبار المعلم ممثلا لوزارة التعليم كموظف مؤتمن من طرفها والطالب هو مشروعها الإستثماري فإننا نتوقع وخصوصا عند توفر النية للطالب نتوقع تطوراً ملموساً ونلامس فرقاً جليا بين مستويات ومراحل التعليم المختلفة
وهذا أيضا مازال بداهة في عالم التصورات والمثل ..
غير أننا حين نرى إلى ما يحصل داخل العملية التعليمية وآلياتها لانلمس تلك الرغبة الحية والحقيقية في التعامل مع الطالب حقيقة كبشري يحتوي على مختلف التحولات النفسية التي تعتبر من أهم الأدوات الماسة لتنمية وإخراج متعلم سوي نفسياً وواثق من نفسه ليشق طريقة وهو ممتشقا سلاح العلم والمعرفة بكل ثقة نحو مستقبل يعي قدرته على إحداث تغير وإبداع فيه .
الناظر الى آليات التعليم )بموضوعية( لا يرى سوى روتين حاد وبارد يحترم المنظومة ولايحترم الطالب يقدر الآلية ولايقدر الطالب يقدم المنظومة والروتين على مصلحة الطالب التي هي مصلحة البلد .
قد لايرى الكثيرون كلامي هذا صحيحا وقد يظن البعض أنني أدعو للتراخي وتسهيل مالايقبل التساهل ولكني أرى أن القانون الصارم برغم ضرورته وأهميته فإنه يتعامل مع مراحل عمرية حرجة تستوجب الكثير من الحذر والتفهم وكذلك التعاطف ومنح الفرص .
ما جعلني أقول قولي هذا هو ما حدث في امتحانات الشهادة الإعدادية وما يحدث عادة كروتين .
فعندما يرسب طالب ما بسبب درجتين أو ثلاث على أقصى تقدير ويعيد امتحانه للدور الثاني ليرسب بنفس الدرجات ليعيد السنة وتتكرر نفس الحكاية بنفس الدرجات تماما فإن الأمر يدعونا للإنتباه والتوقف فوراً ومسآئلة المنظومة التي تشرف على تصحيح الإجابات خصوصا عندما يكون الأمر متعلقا بالعديد من الطلبة في مختلف أنحاء البلد وفي نفس المادة تحديدا وعلى مدار عامين كاملين .
نحن عادة ننحو باللوم على الطالب ونعتيره متقاعسًا وغير مهتم وأنه )ماهوش متاع قراية( ولكننا لا نريد حتى مجرد الشك في المنظومة وفي مشغليها خاصة ونحن نعلم أن معظم المصححين للمواد ليسوا متخصصين في المواد التي يقومون بتصحيحها .
المادة المشبوهة هي الجغرافيا للتعليم الأساسي وقد رسب فيها على مدار عامين العديد من الطلبة من شرق اليلاد وغربها وكذلك من الجنوب ولم نرَ أي رد فعل يمكن أن يفيد الطلبة ويمنحهم فرصة أخرى لتصحيح خطأ أعتقد أنهم غير مسؤلين عنه .
أتساءل من هو المسؤول الحقيقي في هذا التعثر الذي يعانيه الطالب ومن سيعيد له ثقته بنفسه وينفض عنه ماتراكم على كاهله من إضطراب وعبث بنفسيته التي يفترض أن نكون حريصين عليها أكثر من حرصنا على منظومة قد لاتكون صحيحة .
هذا نداء لوزير التعليم لينظر بعين العناية وبشكل استثنائي لحالة إستثنائية .
هناك درجات الرحمة فلماذا لا نرحم أبناءنا وخصوصا أنهم ليسوا بحاجة لأكثر من ثلاث درجات لا غير . فلندعها خمس درجات من الوزير من شأنها أن تعيد لأبنائنا ثقتهم بأنفسهم وتدفع بهم لمستوى تعليمي آخر بدلا من تحويلهم لطلبة راسبين وماهمش متاعين قراية وتصنيفهم كنشاز ستعاني منه البلاد مستقبلا .
الاهتمام بهذا الأمر تحديدا واجب وطني مقدس .