يواجه كثيرٌ من الآباء والأمهات مصاعب جمة في اختيار أسلوب التربية الأنجح، والأكثر ملائمةً لأبنائهم، خاصة في ظل التطور التقني والمعلوماتي المذهل، وكذلك تغير نمط الحياة..
وتزداد الصعوبات في تربية النشء الجديد، نتيجة عوامل متعدَّدة، عدا عن التطور التقني والمعلوماتي الذي أصبح متداخلاً بشكل كبير في حياة كل فرد، وفرض نوعًا من نمط الحياة، يتميز بالانطوائية والانفراد، وكل إنسان زاد انفصاله عن أفراد المجتمع المحيطين به سواء أسرته أو غيرها..
فسيطرة النمط الاستهلاكي على الحياة، زادت من اتجاه الانسان نحو الماديات، والابتعاد شيئاً فشيئاً عن الروحانيات، حتى صار الالتزام بالتعاليم الدينية، والعادات والعرف والتقاليد أمراً لافتًا للنظر، وغريباً وسط المجتمع..
كما أن سيطرة المظاهر في المأكل والملبس والمركوب والسكن، وتفاصيل الحياة كافة، جعل الهدف الأساس لدى الغالبية هو الحصول على المادة، بأي وسيلة كانت، حتى يجاري المواطن باقي أفراد المجتمع المحيطين به في تمظهرهم، حتى لا يشعر بينهم بالنقص، والاغتراب..
وهذا الامر ادى إلى تفكك روابط اجتماعية كانت متينة قوية رغم مرور الازمنة والعصور عليها، فصار المجتمع متفككًا، متباعداً، في علاقاته الاجتماعية السوية، بدءاً من صلة الرحم، ومرورًا بالصداقة، وحتى العلاقات بين الزوجين والأبناء..
وصارت المصلحة والاستفادة الشخصية هي العنوان الرئيس لأغلب العلاقات الاجتماعية، ودائمًا ما يبرز السؤال: ماذ ستضيف ليّ تلك العلاقة؟ أو: ماذا سأستفيد من تلك العلاقة؟
وهنا الإضافة أو الاستفادة المقصودة هي الاستفادة المادية وليست المعنوية..
وإذا لم يتدارك المجتمع هذا الانفصام الخطير في علاقات أفراده بعضهم ببعض، ووضع الحلول السليمة لإعادة الوعي الجمعي إلى توازنه المعهود، فإن الكارثة ستحل به عاجلاً أم آجلاً، بدءاً من الانحلال والتفسخ الأخلاقي، مرورًا بالتحارب من أجل المادة والمصالح، وانتهاءً بتفكك وضياع الأسرة في تركيبتها السوية التي هي أساس بناء المجتمع السليم..
فهل نعي ما يحدق بمجتمعنا من مخاطر، ونعمل على مكافحتها، وسلامته..؟!.