رأي

تفاحة

معمر الزايدي

التشنج‭ ‬السياسي‭ ‬وغياب‭ ‬الحوار‭ ‬عنوان‭ ‬جميل‭ ‬وملهم‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬مؤشر‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬التفاؤل‭ ‬برغم‭ ‬إشارته‭ ‬لوجود‭ ‬مأزق‭ ‬فكري‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬حساس‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬بطبيعته‭ ‬الى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬السلبية‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الإحتقان‭ ..‬

في‭ ‬الحالة‭ ‬السياسية‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬طبيعيا‭ ‬فكونه‭ ‬توتراً‭ ‬فهو‭ ‬يشي‭ ‬بالحياة‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬ضرورتها‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬رسول‭ ‬لمرحلة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬مايحدث‭ ‬الآن‭ . ‬هو‭ ‬لحظة‭ ‬القلق‭ ‬الماسة‭ ‬التي‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬تصورات‭ ‬قد‭ ‬لاتكون‭ ‬مقبولة‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭ ‬لكنها‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬كحراك‭ ‬يستوجب‭ ‬الدفاع‭ ‬والتوتر‭ ‬والتشنج‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف‭ ‬الحجة‭ ‬وتنوع‭ ‬الاراء‭ ‬وربما‭ ‬المطامح‭ ‬أو‭ ‬المطامع‭ .‬

هي‭ ‬خلاقة‭ ‬وجميلة‭ ‬وتعبد‭ ‬الطريق‭ ‬السياسي‭ ‬نحو‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬الجميع‭ ‬كقادة‭ ‬ومديرون‭ ‬للعمليات‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭ .‬

وقد‭ ‬يصل‭ ‬هذا‭ ‬التشنج‭ ( ‬كوصف‭ ‬دقيق‭) ‬الى‭ ‬أقصاه‭ ‬بسبب‭ ‬ضرورة‭ ‬الإختلاف‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬علينا‭ ‬أرضياتنا‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬نحو‭ ‬تقديم‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قابلا‭ ‬لتقبل‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬ناضجين‭ ‬وموضوعيين‭ .‬فلارأي‭ (‬برأيي‭) ‬دونما‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬كما‭ ‬الليل‭ ‬لايعد‭ ‬ليلا‭ ‬الا‭ ‬بالنهار‭ ‬حيث‭ ‬الأشياء‭ ‬تعرف‭ ‬بأضدادها‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أري‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ ‬إثراء‭ ‬للحياة‭ ‬التي‭ ‬لاتكتفي‭ ‬بلونين‭ ‬بل‭ ‬بتعدد‭ ‬الألوان‭ ‬وتنوع‭ ‬الافكار‭ .‬

أقول‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وصف‭ ‬للحالة‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬وأن‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التشنج‭ ‬منبنيا‭ ‬على‭ ‬فكر‭ ‬ومنحاز‭ ‬للوطن‭ ‬حقيقة‭ ‬لكنا‭ ‬نعيش‭ ‬الرغد‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬والفكري‭ ‬الذي‭ ‬سينعكس‭ ‬بدوري‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬أشكال‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ .‬

ولكن‭ ‬بالنظر‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬خافياً‭ ‬ولما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬الحوار‭ ‬واستعمال‭ ‬لغة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والفكر‭ ‬والخروج‭ ‬المستمر‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬بشكل‭ ‬فج‭ ‬وغير‭ ‬معقول‭ ‬فإننا‭ ‬نخلص‭ ‬الى‭ ‬أننا‭ ‬لانمتلك‭ ‬حقيقة‭ ‬الفكر‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬نجلس‭ ‬للحوار‭ ‬ونحتكم‭ ‬للعقل‭ ‬والأخلاق‭ ‬وللشرائع‭ ‬السماوية‭ .‬بل‭ ‬إننا‭ ‬نتوفر‭ ‬على‭ ‬أنفس‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الخبث‭ ‬مايجعلنا‭ ‬نعيش‭ ‬الدمار‭ ‬دونما‭ ‬رغبة‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬جواره‭ ‬أنفس‭ ‬لايمكن‭ ‬وصفها‭ ‬الا‭ ‬بكونها‭ ‬أمارة‭ ‬بالسوء‭ ‬وبكل‭ ‬ماهو‭ ‬مدمر‭ ‬وأناني‭ . ‬ولايمت‭ ‬للوطن‭ ‬بأية‭ ‬صلة‭ .‬

الخروج‭ ‬المستديم‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬يؤكد‭ ‬أننا‭ ‬لانمتلك‭ ‬نصاً‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬وأننا‭ ‬نرتجل‭ ‬وننساق‭ ‬للتداعيات‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسؤلية‭ ‬والحرج‭ ‬وأننا‭ ‬لانمتلك‭ ‬أدوات‭ ‬الحوار‭ ‬ولاالفكر‭ ‬المستنير‭ ‬الذي‭ ‬يجعلنا‭ ‬نذوب‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬الوطن‭ ‬حتى‭ ‬يمتلي‭ ‬بكل‭ ‬مافينا‭ ‬من‭ ‬قيم‭ .‬

نحن‭ ‬فقط‭ ‬أنانيون‭ ‬وسلبيون‭ ‬ونمثل‭ ‬العار‭ ‬الحقيقي‭ ‬للشعوب‭ ‬ونعبش‭ ‬الوهم‭ ‬كأننا‭ ‬أباطرة‭ ‬ليس‭ ‬لنا‭ ‬مثيل‭ ‬ونخلص‭ ‬فقط‭ ‬لمصالحنا‭ ‬الشخصية‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬ونخدم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مطامعنا‭ ‬وتكريس‭ ‬الريستيج‭ ‬الواهي‭ ‬الذي‭ ‬نرفل‭ ‬في‭ ‬ثيابه‭ ‬أمام‭ ‬مرايا‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬صنعها‭ ‬لأنفسنا‭ . ‬نحن‭ ‬نخون‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نسوق‭ ‬أننا‭ ‬خداماً‭ ‬لها‭ .‬

نحن‭ ‬نخون‭ ‬ابنائنا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إيهامهم‭ ‬بأننا‭ ‬نبلاء‭ ‬وأننا‭ ‬ذوو‭ ‬خلق‭ ‬وقيم‭ ‬ومباديء‭ .‬

نحن‭ ‬نخون‭ ‬التاريخ‭ ‬حين‭ ‬نتوهم‭ ‬أننا‭ ‬نبهر‭ ‬العالم‭ ‬باللاشيء‭ ‬

نحن‭ ‬نخون‭ ‬أجدادنا‭ ‬بالسكوت‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬وبالتزلف‭ ‬والتملقات‭ ‬المنافقة‭ .‬

نحن‭ ‬نخون‭ ‬الدين‭ ‬حين‭ ‬نستعمله‭ ‬كأداة‭ ‬للتجارة‭ ‬بالدنيا‭ ‬ونوظف‭ ‬حرمته‭ ‬خدمة‭ ‬لنفوسنا‭ ‬غير‭ ‬الطاهرة‭ .‬

التشنج‭ ‬السياسي‭ ‬وغياب‭ ‬الحوار‭ ..  ‬نحن‭ ‬لانحتوى‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬صفة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ولانعرف‭ ‬كيف‭ ‬نتحاور‭ ‬موضوعيا‭ ‬وكل‭ ‬مانسميه‭ ‬حوارا‭ ‬ليس‭ ‬الا‭ ‬إنتصارات‭ ‬شخصية‭ ‬نسعى‭ ‬لتوظيفها‭ ‬لاحقا‭ ‬لسرقة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬ن

نحن‭ ‬نتلاعب‭ ‬فقط‭ ‬بالبلد‭ ‬ونلعب‭ ‬بمصائر‭ ‬الناس‭ ‬نؤيد‭ ‬هذا‭ ‬ونهاجم‭ ‬ذاك‭ ‬وفقاً‭ ‬لمقتضى‭ ‬المصلحة‭ ‬الشخصية‭ ‬لاغير‭  .‬

ومازال‭ ‬الوطن‭ ‬بعيداً‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬إدراكنا‭ ‬مادمنا‭ ‬نحتكم‭ ‬الى‭ ‬السلاح‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬العقل‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى