
التشنج السياسي وغياب الحوار عنوان جميل وملهم وهو في حد ذاته مؤشر يبعث على التفاؤل برغم إشارته لوجود مأزق فكري في توقيت حساس قد يؤدي بطبيعته الى العديد من النتائج السلبية والمزيد من الإحتقان ..
في الحالة السياسية يعد هذا الوصف طبيعيا فكونه توتراً فهو يشي بالحياة ويؤكد على ضرورتها كما أنه رسول لمرحلة مختلفة عن مايحدث الآن . هو لحظة القلق الماسة التي تنبني على تصورات قد لاتكون مقبولة بين الجميع لكنها تفرض نفسها كحراك يستوجب الدفاع والتوتر والتشنج في حالة ضعف الحجة وتنوع الاراء وربما المطامح أو المطامع .
هي خلاقة وجميلة وتعبد الطريق السياسي نحو الهدف الذي يتطلع إليه الجميع كقادة ومديرون للعمليات الفكرية والسياسية .
وقد يصل هذا التشنج ( كوصف دقيق) الى أقصاه بسبب ضرورة الإختلاف التي تفرضها علينا أرضياتنا الفكرية التي ننطلق من خلالها نحو تقديم الرأي الذي يفترض أن يكون قابلا لتقبل الرأي الآخر فيما لو كنا ناضجين وموضوعيين .فلارأي (برأيي) دونما رأي آخر كما الليل لايعد ليلا الا بالنهار حيث الأشياء تعرف بأضدادها وإن كنت أري في التنوع إثراء للحياة التي لاتكتفي بلونين بل بتعدد الألوان وتنوع الافكار .
أقول هذا في حالة وصف للحالة السياسية والفكرية في بلدي وأن لو كان هذا التشنج منبنيا على فكر ومنحاز للوطن حقيقة لكنا نعيش الرغد الثقافي والسياسي والفكري الذي سينعكس بدوري على مختلف أشكال العيش في الوطن .
ولكن بالنظر لما هو ليس خافياً ولما يحدث من توقف عن الحوار واستعمال لغة الإنسانية والفكر والخروج المستمر عن النص بشكل فج وغير معقول فإننا نخلص الى أننا لانمتلك حقيقة الفكر الذي يجعلنا نجلس للحوار ونحتكم للعقل والأخلاق وللشرائع السماوية .بل إننا نتوفر على أنفس بها من الخبث مايجعلنا نعيش الدمار دونما رغبة من في المرور من جواره أنفس لايمكن وصفها الا بكونها أمارة بالسوء وبكل ماهو مدمر وأناني . ولايمت للوطن بأية صلة .
الخروج المستديم عن النص يؤكد أننا لانمتلك نصاً من الأساس وأننا نرتجل وننساق للتداعيات بعيدا عن الشعور بالمسؤلية والحرج وأننا لانمتلك أدوات الحوار ولاالفكر المستنير الذي يجعلنا نذوب في كأس الوطن حتى يمتلي بكل مافينا من قيم .
نحن فقط أنانيون وسلبيون ونمثل العار الحقيقي للشعوب ونعبش الوهم كأننا أباطرة ليس لنا مثيل ونخلص فقط لمصالحنا الشخصية دون غيرها ونخدم فقط من أجل تحقيق مطامعنا وتكريس الريستيج الواهي الذي نرفل في ثيابه أمام مرايا نحن من صنعها لأنفسنا . نحن نخون بلادنا من حيث نسوق أننا خداماً لها .
نحن نخون ابنائنا من حيث إيهامهم بأننا نبلاء وأننا ذوو خلق وقيم ومباديء .
نحن نخون التاريخ حين نتوهم أننا نبهر العالم باللاشيء
نحن نخون أجدادنا بالسكوت عن الحق وبالتزلف والتملقات المنافقة .
نحن نخون الدين حين نستعمله كأداة للتجارة بالدنيا ونوظف حرمته خدمة لنفوسنا غير الطاهرة .
التشنج السياسي وغياب الحوار .. نحن لانحتوى على أي صفة من ذلك ولانعرف كيف نتحاور موضوعيا وكل مانسميه حوارا ليس الا إنتصارات شخصية نسعى لتوظيفها لاحقا لسرقة الوطن والمواطن ن
نحن نتلاعب فقط بالبلد ونلعب بمصائر الناس نؤيد هذا ونهاجم ذاك وفقاً لمقتضى المصلحة الشخصية لاغير .
ومازال الوطن بعيداً جدا عن إدراكنا مادمنا نحتكم الى السلاح لا إلى العقل .