رأي

تفاحــة تستغيت !!

معمر الزايدي

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬في‭ ‬البرازيل‭ .. ‬وإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬في‭ ‬البرازيل‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬هذي‭ ‬المقولة‭ ‬للمرحوم‭ ‬نهاد‭ ‬قلعي‭ ‬المعروف‭ ‬بحسني‭ ‬البورزان‭ ‬الفنان‭ ‬السوري‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬غوار‭ ‬الطوشي‭ ‬‮«‬دريد‭ ‬لحام‮»‬‭ .. ‬ونحن‭ ‬بدورنا‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬العلاقة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬مانعيشه‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬وعبر‭ ‬واقع‭ ‬جدلي‭ ‬متشابك‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬تجعلنا‭ ‬مقيدين‭ ‬الى‭ ‬الجمود‭ ‬وممنوعين‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الحراك‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬السياسي‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬الإجتماعي‭ ‬او‭ ‬الثقافي‭ ‬أو‭ ‬التعليمي‭ ‬والصحي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬وعدد‭ ‬ولاحرج‭ .. ‬فنحن‭ ‬اذا‭ ‬ماأردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬البلد‭ ‬فإنه‭ ‬يتوجب‭ ‬علينا‭ ‬تفصيلها‭ ‬وتفكيكها‭ ‬ومعرفة‭ ‬مكوناتها‭ ‬وبالتالي‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬النسق‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬مابين‭ ‬المكونات‭ .‬

التعليم‭ ‬مثلا‭ : ‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬لماذا‭ ‬هو‭ ‬منهار‭ ‬وكارثي‭ .. ‬فيجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬المباشرة‭ ‬وبالتجريد‭ ‬الى‭ ‬أبسط‭ ‬الصور‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬المعنيين‭ ‬الاساسيين‭ ‬بالتعليم‭ ‬كهدف‭ ‬سامي‭ ‬هما‭ ‬الطالب‭ ‬أو‭ ‬التلميذ‭ ‬والمعلم‭ ‬أو‭ ‬المدرس‭ ‬الفاعل‭ ‬والمنفعل‭ ‬اللذين‭ ‬تحولا‭ ‬بسبب‭ ‬العدمية‭ ‬الى‭ ‬مفعولين‭ ‬بهما‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التنفس‭ ‬والحركة‭ . ‬وأقول‭ ‬العدمية‭ ‬باعتبارها‭ ‬شطلا‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التراكمات‭ ‬السلبية‭ ‬من‭ ‬كليهما‭ ‬بالاضافة‭ ‬للمحيط‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬لايعي‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬أنه‭ ‬يخنق‭ ‬نفسه‭ ‬بإرادة‭ ‬غيره‭ . ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬جدل‭ ‬يتنوع‭ ‬ليس‭ ‬هنا‭ ‬محله‭ ‬توضيحه‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أتطلع‭ ‬لطرحه‭ ‬في‭ ‬سانحة‭ ‬مقبلة‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ .‬

العلاقة‭ ‬السيئة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬الطالب‭ ‬والأستاذ‮ ‬‭ ‬ولا‭ ‬يعترض‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬تشي‭ ‬بأننا‭ ‬مضروبون‭ ‬في‭ ‬المقتل‭ ‬وأن‭ ‬أهدافنا‭ ‬كلها‭ ‬مصابة‭ ‬ومانجا‭ ‬منها‭ ‬فهو‭ ‬يترنح‭ .. ‬كيف‭ ‬؟‭.. ‬نحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬الطالب‭ ‬هو‭ ‬إبن‭ ‬الوعي‭ ‬والعلم‭ ‬للمعلم‭ ‬وأن‭ ‬المعلم‭ ‬هو‭ ‬الاب‭ ‬العلمي‭ ‬للطالب‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬راقية‭ ‬مضمخة‭ ‬بالمعاني‭ ‬الأخلاقية‭ ‬النبيلة‭ ‬والروحية‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬المساحة‭ ‬للأستاذ‭ ‬ليكون‭ ‬القدوة‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬الطالب‭ ‬ليترقي‭ ‬أخلاقيا‭ ‬وروحيا‭ ‬وعلميا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬هذا‭ ‬المستنير‭ ‬والمؤتمن‭ ‬من‭ ‬ألاباء‭ ‬والامهات‭ ‬على‭ ‬ابنهم‭ ‬أو‭ ‬ابنتهم‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬والإنسانية‭ ‬بأسرها‭ .. ‬حتى‭ ‬كاد‭ ‬المعلم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رسولا‭ .‬‮ ‬‭ ‬وبإضفاء‭ ‬هذه‭ ‬القداسة‭ ‬على‭ ‬المعلم‭ ‬لايكون‭ ‬أمام‭ ‬الطالب‭ ‬أن‭ ‬ان‭ ‬ينصاع‭ ‬بالكامل‭ ‬ويفتح‭ ‬ورقة‭ ‬قلبه‭ ‬حتى‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬أستاذه‭ ‬بصمته‭ ‬التى‭ ‬سيواجه‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الزمن‭ ‬وتقلباته‭ ‬والحياة‭ ‬بمعتركاتها‭ ‬العديدة‮ ‬‭ . ‬

أنا‭ ‬أرى‭ ‬الطالب‭ ‬في‭ ‬براءته‭ )‬وان‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬مطلقة‭( ‬يعافر‭ ‬ويجاهد‭ ‬لينال‭ ‬طريقه‭ ‬ورضى‭ ‬أهله‭ ‬ومعلميه‭ .‬

هذا‭ ‬كله‭ ‬كلام‭ ‬قد‭ ‬لايراه‭ ‬البعض‭ ‬ضروريا‭ ‬لأنه‭ ‬بديهي‭ ‬ولكن‭ ‬أعيد‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الصدمات‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الطالب‭ ‬تفوق‭ ‬الحصر‭ ‬بسبب‭ ‬الحالة‭ ‬العامة‭ ‬للجشع‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬والمعلمات‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬لجنس‭ .. ‬المدرسين‭ ‬وهنا‭ ‬أشمل‭ ‬المدرسات‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التركير‭ ‬يحابون‭ ‬طلاب‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬آخرين‭ ‬لايبذلون‭ ‬جهدا‭ ‬لتعليم‭ ‬طلابهم‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬العامة‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الحصة‭ ‬بعقلية‭ ‬الحضور‭ ‬والانصراف‭ ‬والمرتب‭ ‬المضمون‭ ‬يضيقون‭ ‬الخناق‭ ‬على‮ ‬‭ ‬الطلبة‭ ‬حتى‭ ‬يهرعوا‭ ‬للدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬والدورات‭ ‬المنهجية‭ ‬للتقوية‭ .‬

أبلة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تتكلم‭ ‬باللغة‭ ‬الانجيزية‭ ‬المتكسرة‭ ‬وتندب‭ ‬حظها‭ ‬لأنها‭ ‬جاءت‭ ‬مدرسة‭ ‬لغة‭ ‬عربية‭ ‬أبلة‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬لديها‭ ‬عقد‭ ‬نفسية‭ ‬تفرغها‭ ‬على‭ ‬الطلاب‭ ‬بكل‭ ‬سادية‭ ‬ممزوجة‭ ‬بمازوخية‭ ‬وهردميسة‭ ‬مدرس‭ ‬الدين‭ ‬يشطب‭ ‬على‭ ‬ماجاء‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬المنهج‭ ‬وينصح‭ ‬التلاميد‭ ‬باتباع‭ ‬طريق‭ ‬السلف‭ ‬الصالح‭ ‬كأننا‭ ‬كفار‭ ‬قريش‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أعد‭ ‬المنهج‭ ‬لايفقه‭ ‬في‭ ‬الدين‭ .. ‬مدرسي‭ ‬العلوم‭ ‬ينصحون‭ ‬الطالب‭ ‬بحل‭ ‬الدروس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬مهمتهم‭ ‬وواجبهم‭ .. ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الغلط‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مدارسنا‭ ‬ومع‭ ‬أبنائنا‭ ‬بل‭ ‬يمكنني‭ ‬إعتباره‭ ‬تآمرا‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬بلادنا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إذا‭ ‬ماكنا‭ ‬صادقين‭ ‬أن‭ ‬ماأشرت‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬إستثناء‭ ‬وأنه‭ ‬فعل‭ ‬البعض‭ ‬الذي‭ ‬لايؤاخذ‭ ‬به‭ ‬الجميع‭ ‬لأننا‭ ‬بذلك‭ ‬سنصبح‭ ‬مشاركين‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬لاتغتفر‭ ‬ونتذوق‭ ‬حاليا‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬مراراتها‭ .‬

ألم‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬تفاحة‭ ‬فاسدة‭ ‬كفيلة‭ ‬بإفساد‭ ‬الصندوق‭ ‬بأكمله‭ ‬؟‭!.. ‬نحن‭ ‬حاليا‭ ‬لدينا‭ ‬صناديقا‭ ‬من‭ ‬التفاح‭ ‬الفاسد‭ ‬بكل‭ ‬صندوق‭ ‬تفاحة‭ ‬سليمة‭ ‬تستغيث‭ ‬لإنقادها‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬المستشري‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ .. ‬المعلم‭ ‬ليس‭ ‬بشهادته‭ ‬فقط‭ ‬فهي‭ ‬تجيز‭ ‬له‭ ‬فقط‭ ‬ان‭ ‬يمارس‭ ‬المهنة‭ . ‬لكن‭ ‬المعلم‭ ‬بقيمه‭ ‬وأخلاقه‭ ‬وثقافته‭ ‬ومعرفته‭ ‬لاهمية‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ .‬نحتاج‭ ‬فعلا‭ ‬لفحص‭ ‬العقل‭ ‬الذي‭ ‬بجعل‭ ‬المعلم‭ ‬يقسم‭ ‬للطالب‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬ينجح‭ ‬وأنه‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬مصيره‭ ‬ومستقبله‭ ‬وهذا‭ ‬الحديث‭ ‬عام‭ ‬جدا‭ ‬ومنوفر‭ ‬بكثرة‭ ‬مخيفة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مستويات‭ ‬التعليم‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الجامعي‭ .. ‬فنحن‭ ‬إذا‭ ‬ماأردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬لماذا‭ ‬نحن‭ ‬هكذا‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة‭ ‬ذاتها‭ ‬فانه‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يجري‭ ‬ومالذي‭ ‬تعانيه‭ ‬مواردنا‭ ‬البشرية‭ ‬وكاقاتنا‭ ‬المتجددة‭ ‬وشبابنا‭ ‬الذي‭ ‬نرى‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ونرى‭ ‬مالذي‭ ‬بحدث‭ ‬معهم‭ ‬ومامدى‭ ‬معاناتهم‭ .‬وزي‭ ‬ماقالوا‭ ‬المكتوب‭ ‬من‭ ‬عنوانه‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى