محطة
كل الدول أمامها ثلاثة تحديات..إتاحة الفرصة لكل الأطفال والشباب للحصول على التعليم المناسب..توفير الخدمات الصحية المطلوبة..وألا يكون هناك مواطن تحت خط الفقر المدقع..لكن من يخطط ومن يمول ومن ينفذ؟!..
أولا..نعلم أن العالم مقسم إلى شمال وجنوب..وأغلب بلدان الجنوب الفقيرة تتطلع إلى مساعدات وهبات الشمال الغني من أجل تحقيق التنمية المستدامة واللحاق بركب العصر..ولا ننسى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي..والمنظمات العالمية التطوعية..لكن من جهة أخرى عدد من دول الجنوب يرزح تحت طائلة الديون الخارجية..وعلى أرض الواقع لم تعد حتى الدول الكبرى قادرة على مد يد العون..خاصة بعد كورونا والتضخم الاقتصادي والجفاف والتغير المناخي والحروب..
بالنسبة لليبيا كخريطة فإن جدوى التعليم فيها تمكننا من القول بأنه بخير وان شاء الله عاجلا وليس آجلا يكون على ما يرام..ويكفي إنه ليس لدينا بطالة تعليمية أي عدم توفر فرص دراسة للجميع..أما المجال الصحي فنتابع سعي الدولة لتوطين العلاج بالداخل..ويتبقى فقط سد نقص بعض الأدوية الهامة..ولا نعتقد بوجود نسبة مرئية من الأسر تعيش تحت خط الفقر..اذن لو رجال ونساء الدولة يستمرون في المضي توازيا على هذه المستويات الثلاثة فسوف تكون ليبيا بلدا نموذجيا بمعايير الدولة المعاصرة لسنوات قادمة..
أما تمويل التعليم والصحة والمواطن..فليس هناك أفضل من قنوات البلديات والقطاع الخاص..وعمود الإقتصاد طبعا هي المصارف..فإذا أردت ضرب اقتصاد دولة ما فإضرب بنوكها..
على العموم فإن العالم بسبب اوكرانيا انقسم إلى محور روسيا والصين والهند وكوريا الشمالية وغيرها..ومحور أمريكا وأوروبا وكوريا الجنوبية واليابان وهلم جرا..وهنا بات من الصعب تحقيق التعاون الاقتصادي بين القطبين..ليتجه كلاهما مؤخرا إلى دول شمال أفريقيا خصوصا كبديل..وهذا في صالح بلادنا في حال تحقق الاستقرار داخليا..بشرط تراجع تنافس الغير على بسط النفوذ بطرق غير سلمية..وضد مصالح الشعب الليبي العليا..
من البديهي ان الدولة تخطط..القطاع الخاص يمول..البلديات تنفذ..وقد يقول قائل أن الميزانية العامة يتم هدرها في غير محلها..وان هناك فساد مالي..ويوجد صرف مُبالغ فيه على الجوانب الأمنية والعسكرية..ويمكن الرد بالقول أنه لو حدث إستهلاك مفرط للمال العام فإن ذلك تفرضه طبيعة تداول السلطة حتى تستفيد القيادة والحكومة من تجارب سابقاتها نحو ترسيخ الدولة والقانون..ففي التاريخ الحديث لم يحدث أن تكونت دولة بعد ظروف طارئة ومستجدة كالثورات والتحولات والحروب وإلا ونزلت مطرقة السياسة على سندان الاقتصاد..أما الميزانية المخصصة للجانبين الأمني والعسكري..فهذا شئنا أم أبينا تحتمه ضرورة المرحلة..فلا حرية بدون أمن الذي بدوره يقود إلى الاستقرار..ومن المهم طبعا العمل على تجنيب بلادنا المزيد من الحروب الداخلية..وهذا بيت القصيد على مرمى أول حجر..أخيرا..أغلب العالم يتقلب أو يراوح..ولكن ليبيا لممعن النظر تسير على بساط أحمر في حين تقف دول غيرها في طابور شرف وتتسابق لمصافحتها..فقد أثبتت حياة البشرية..إنه من ليبيا يتغير العالم..