رأي

ثورة

 

سعد المنصورى

كان الجوُ رديئاً .. يصّفر برياح غربيّة باردة تكاد تخترق الجلد … وبالرغم من أن الطقس رديئاً وسيئاً إلا أن الثعالب و(بنات آوى والجرذان والقطط) .. يصل أسماعنا جريها على السطوح ..! لم نتمكن من تدفئة أنفسنا .. رغم إستخدامنا كل الوسائل المَّمكنة من نيران كبيرة ومامتوفر من ملابس مهترئة قديمة وأحجار .. وجمرات ساخنة..! نضعها فوق أقدامنا وأجسادنا أثناء صحونا ورقودنا المتقطع وكل ذلك لم يجد نفعاً …! أزداد الطقس رداءًً وقساوةً بالليل الحالك … لدرجة أننا لم نجرؤ على إخراج أيادينا بالكوات … وبالداخل برودة اشد إذا ماجلسنا أمام النَّار المتراقصة .. ما يبدو أنها تحرقنا من الأمام.. وظهورنا تتجمد من الوراء والخلف ..!! عاد الطقس رديئاً مرة أخرى .. بعاصفة هبّت ذهبت كل جهودنا التي بذلنها الأيام السابقة هباءً … نهار آخر مازال الطقس سيئاً .. وكان البرد قاسياً لدرجة أن النيران لم تشع أية دفء … لأننا عندما نضع أقدامنا عند النَّار .. تحترق جواربنا الرثة ودون أن نشعر بالحرارة فقط بخار متضبب … ! حتى رائحة احتراقها لا نشمه في الحال بدلاً من الشعور بها … كانت تحترق قبل أن ندرك انها تحترق…!! أيام مرت وسنون أفلت … أتى الصيف كان شديداً خانقاً حارقاً … مرات عديدة التي نفقد فيها الوعي من الحر وضيق النفس .. وعندما نمسح العرق الذي يتسيل في قطرات مستمرة إلى ذقوننا وكل مسامات أجسادنا العليلة .. عاد الشتاء مرة أخرى ونحن نتشعلق بحبال الصبر والمكوث ..! لم نكن راضين عما نحن فيه .. كسرنا الكّوات وخرجنا نحمل المعاول .. امسكنا بالثعالب والجرذان والقطط .. ربطناها بجذوع النخيل .. وانتظرنا حتى تحولت إلى جليد ولتذق من الكأس المرّة نفسها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى