حافة العشق بين العامية والفصحى ..!!
الناجي الحربي
كثيرا ما نستعمل في حياتنا اليومية جملة من الكلمات التي نعرف المقصود منها ولا نجد تفسيرا لمعانيها .. فمثلًا نقول : أسود أنود للتعبير عن شيء ما أزعجنا .. فكلمة أسود معروفة المعنى ولكن كلمة أنود لا معنى لها غير أن المقصود منها يعرفه الجميع .. ومثل هذه التعابير كثيرة .. منها على سبيل المثال : عطيب شطيب .. الشيطان والليطان .. صقع ولقع .. البلاء والتلاء .. فلان وعلان.. وغيرها
وفي اللغة العربية الفصحى يسمى هذا الكلام التأكيد بالإتباع وهو أن تتبع الكلمة كلمة على وزنها إتباعا وتوكيدا
وقد قيل أن العجم يشاركون العرب في هذا ، وهو يشبه أسماء المترادف من حيث إنهما اسمان وضعا لمسمى واحد ، ويشبه أسماء التوكيد من حيث إنها تفيد تقوية الأول غير أن التابع وحده لا يفيد ، بل شرط إفادته تقدم المتبوع عليه ، وصنف فيه ابن خالويه كتابا سماه « الإتباع والألباب» وأبو الطيب عبد الواحد اللغوي أيضا ، وأبو الحسين بن فارس وغيرهم .
وقيل أيضًا : إنهما مترادفان والصحيح : المنع ، لأن التابع لا يدل على ما يدل عليه المتبوع إلا بتبعية الأول ، وإذا قطع عنه لا يدل على شيء أصلا . بخلاف المترادف ، فإن كل واحد منهما يدل على ما يدل عليه الآخر وحده . قال ابن الأعرابي : قلت لأبي المكارم : ما قولكم في جامع تابع ؟ قال : إنما هو شيء نتد به كلامنا أي : نؤكد به .
قال بعض اللغويين : ولم يسمع الإتباع في أكثر من خمسة ، وهي قولهم : كثير بتير ،عمير برير، بجير بدير ، وقيل : مجير بالميم ، فأما الاثنان والثلاثة فكثير . قالوا : حسن بسن مسن ، وجار بار حار .
وسمى أبو الطيب كتابه بـ«الإتباع والتوكيد» قال : وإنما قرنا الإتباع بالتوكيد ، وإن كان كل إتباع توكيدا ، وكل توكيد إتباعا في المعنى ، لأن أهل اللغة اختلفوا فيهما ، فمنهم من جعلهما واحدا ، وأجاز أكثرهم الفرق ، فجعلوا الإتباع ما لا يدخل عليه الواو نحو قولهم : عطشان نطشان ، وشيطان ليطان ، والتوكيد ما دخل عليه الواو نحو قولهم : هو في حل وبل ، وأخذ في كل حسن وسن .
قال الآمدي : التابع قد لا يفيد معنى أصلا ، ولهذا قال ابن دريد : سألت أبا حاتم عن معنى قولهم : بسن في قولهم : حسن بسن ، فقال : لا أدري ما هو ، والتحقيق أن التابع يفيد التقوية ، فإن العرب لم تضعه عبثا .
وزعم قوم أن التأكيد غير الإتباع ، واختلفوا في الفرق فقيل : الإتباع ما لم يحسن فيه واو العطف كقولك : حسن بسن ، والتأكيد يحسن ، فيه نحو حل وبل ، وقيل الإتباع يكون للكلمة ، ولا معنى لها غير التبعية .