
في عام 2020 جلس شخص بريطاني متخفيا وراء الكيبورد وزعم إن شبكات الجيل الخامس هي سبب جائحة كورونا نظرا لبثها موجات تؤثر على الجهاز المناعي..فلقى اعتقاده رواجا وانتشارا تحت وسم – الجيل الخامس يقتلك – وقد وثق مشاة بالصور والفيديو إطلاق النار على أبراج الهواتف أو إضرام النيران فيها..بعد رصد حالات تعرض بعض مهندسي الإتصالات للتهديد بالقتل والعمال للمضايقة..وقد رأت الحكومة أن تلك الهجمات تقوض الأمن القومي..وصرحت بأنه على جموع التواصل الإجتماعي أن تتصرف بمسؤولية لوقف تمادي ذلك الهراء الذي يزعزع الإستقرار..وقبلها في عام 2018 قام أحدهم بإرسال تنبيه طواريء كاذب إلى سكان هاواي يحذر من صاروخ باليستي قادم وتم لاحقا نفي الخبر..لكن المعلومات المضللة حول الهجوم الزائف انتشرت بسرعة النار في الهشيم عبر الإنترنت..مما خلق حالة جماعية من الذعر وعاش السكان تبعات معطيات غير موجودة أصلا على أرض الواقع..ما حدث يوضح إمكانية كون الإنترنت أداة للتلاعب بتبني أسلوب غسيل دماغ الجمهور ومن ثم يعمل الأفراد تواليا على تحديث الصدى الكاذب داخل الأخضر واليابس الإلكتروني..فعندما يرى المتابعون نفس الروايات بشكل متكرر يصبحون أكثر ميلا لقبولها على أنها حقيقة..كما تعرض عليهم تشخيصات وآراء مختلفة لنفس الأحداث الإخبارية مما يشوش إدراك الخيط الأبيض من الأسود..وفي هذا السياق تم الإسبوع الماضي إحياء اليوم العالمي لتدقيق المعلومات..داعيا إلى إقامة ورش عمل وحملات تثقيفية وندوات ومناقشات عبر الإنترنت..وكذلك منصات تستضيف جلسات مع الجمهور للإجابة عن الأسئلة على غرار بوليتي فاكت..وفي ليبيا توجد للأسف معاول هدم في صفحات التواصل الإجتماعي حيث ينساق البعض إلى التضخيم وسط مناخ تمر فيه كل البلدان دون استثناء بأزمات..فالعالم جيوسياسيا متداخل المأزق في السياسي والإقتصادي والأمني..ناهيك عن تلقف أشخاص من بعضهم الآخر معلومات تشكك في الإنجازات الوطنية بغية إحباط المعنويات وتغييب أية أدوات فعالة لإحتواء جوانب أي مشكل راهن..وفي محاولة لجعل الأمور لا تخرج من عنق الزجاجة غير مدركين إن تحديات اليوم أوجدتها في الأساس كون ليبيا محط أنظار وضغط قرابة 15 دولة إقليمية ودولية تختلف وتتقارب مصالحها
ويتنافس الجميع على موطيء قدم فيها..وهذا الحال من التدخل بدأ من البونيقيين وهلم جرا لأن بلادنا مغناطيس جذب..اليوم قطار المستقبل يقف عند كل محطة ولكل مواطن الحرية في أن يصعد إليه للعمل أو يهبط شريطة عدم الشوشرة والعرقلة فالأولوية لتغليب المصلحة العامة..إذن هذا الحاجز الحالي بين الدولة ونسبة من جمهور الإنترنت ذو الإنتماءات السياسية المختلفة من شأنه دون وعي وطني أن يقبر أي تقدم في المهد بالمبالغة أو الإفتراء..فحتى لو رأى شخص بأم عينيه لمسات التغيير للأفضل يظل رهينة عالقة داخل مغالطات الشبكة العنكبوتية..لكن اليد الواحدة للحكومات لا تصفق ولابد من تفاعل واستقطاب..لذا فإن المطلوب أولا إستيعاب كل الأطراف لسيل كل أزمة وبالتالي لا يبقى في الوادي إلا حجارة حمل الجماعة ريش..