رأي

حين‭ ‬يصمت‭ ‬المحرك‭… ‬وتعلو‭ ‬صرخة‭ ‬الحاجة‮»‬

فايزة‭ ‬العجيلي

في‭ ‬زحام‭ ‬الحياة‭ ‬وضجيج‭ ‬الشوارع،‭ ‬اعتاد‭ “‬عم‭ ‬سالم‭” ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬سيارته‭ ‬التاكسي‭ ‬من‭ ‬الفجر‭ ‬حتى‭ ‬حلول‭ ‬الظلام‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬التاكسي‭ ‬مجرد‭ ‬مركبة‭ ‬بأربع‭ ‬عجلات،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬شريان‭ ‬حياته،‭ ‬ورفيق‭ ‬أيامه،‭ ‬ومصدر‭ ‬قوته‭ ‬اليومي‭.‬

اليوم،‭ ‬يجلس‭ ‬عم‭ ‬سالم‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬بلاستيكي‭ ‬أمام‭ ‬باب‭ ‬منزله،‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬يسلكه‭. ‬السيارة؟‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭. ‬سرقتها‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬القاسية،‭ ‬بين‭ ‬أعطال‭ ‬متكررة‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬الإصلاح،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬حادث‭ ‬لم‭ ‬ترحمه،‭ ‬أو‭ ‬ديون‭ ‬تراكمت‭ ‬عليه‭ ‬فاضطر‭ ‬لبيعها‭.‬

في‭ ‬وجهه‭ ‬تقرأ‭ ‬تعب‭ ‬السنين،‭ ‬وفي‭ ‬عينيه‭ ‬سؤال‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ترجمة‭: “‬كيف‭ ‬نوكل‭ ‬أولادي‭ ‬اليوم؟‭”‬

ليست‭ ‬هذه‭ ‬مجرد‭ ‬قصة‭ ‬فردية،‭ ‬بل‭ ‬واقع‭ ‬يعيشه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬البسطاء‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬صمت،‭ ‬تُركوا‭ ‬يواجهون‭ ‬الحياة‭ ‬بأذرع‭ ‬متعبة‭ ‬وجيوب‭ ‬فارغة،‭ ‬دون‭ ‬دعم‭ ‬حقيقي‭ ‬أو‭ ‬بديل‭ ‬عملي‭.‬

عم‭ ‬سالم‭ ‬وأمثاله‭ ‬لا‭ ‬يطلبون‭ ‬المستحيل،‭ ‬فقط‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬بكرامة،‭ ‬أن‭ ‬يعودوا‭ ‬إلى‭ ‬الطريق،‭ ‬لا‭ ‬طلبًا‭ ‬للصدقة،‭ ‬بل‭ ‬للرزق‭ ‬بالحلال،‭ ‬كما‭ ‬تعودوا‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬كل‭ ‬يوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى