شهدتْ السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الأدوية بالصيدليات الخاصة، مع نقصٍ حاد بالمستشفيات الحكومية، ونظرًا لأهمية الدواء في العلاج والوقاية، كان لنا حوار مع الدكتور إبراهيم الجندي النقيب العام للصيادلة بليبيا، لتسليط الضوء على أسباب هذا الارتفاع، وآليات عمل الصيدليات الخاصة،واستيراد الأدوية.
لماذا غلاء أسعار الأدوية، واختلاف أسعارها بين الصيدليات؟، هل هذا يعود إلى جشع أصحاب الصيدليات أم اختلاف صلاحية، وجودة الأدوية ؟
الدواءُ هو أهم سلعة يحتاجه المواطن، وبالأخص المريض للعلاج، أو يحتاجه المواطن للوقاية من الأمراض هذان العنصران يعدّان ذا أهمية قصوي لمهنة الصيدلة، وكذلك المواد المتعلقة بالصيدلة سواء أكانت دواءً أم مكملات غذائية، أم تجميلية، أم مواد للحفاظ على الصحة العامة، هذا الموضوع بالتحديد تسعيرة الأدوية كيف يتم ضبطها، منذ سنوات ليبيا من الدول التي ليس لها «نظام تسجيل دوائي لأصناف الدواء»، كل الدول تتحكم في التسعيرة من خلال تسجيل أصناف الدواء بالنظام «البوكس» بمعنى هناك أسماء تجارية محدَّدة من الأدوية تدخل «البوكس».ولكن دولة ليبيا لم تضع شروطاً محدّدة لدخول الأدوية «البوكس» على سبيل المثال بـ«اراسيتامول» المفروض عندما يدخل «البوكس» بالتسعيرة يتم تحديد المصدر من أين، والجودة «الكواليتي»، مصادر المواد الخام، كل هذه المعايير تتحكم في تسعيرة الدواء، المشكلة الأساسية في ليبيا غياب نظام التسجيل الدوائي، وهذا سبَّب مشكلة متراكمة منذ سنوات كل سنة تتفاقم، وستزداد خلال السنوات القادمة في حال وزارة الصحة لم تتأخذ بشأن تسجيل أصناف الدواء في نظام «البوكس».
ما هو نظام «البوكس»؟
نظام «البوكس» فرضنا تم اختيار عشرة أصناف من الدواء، أو عشرة أسماء تجارية لا يجوز ترك السوق الليبي يوجد بها ألف اسم تجاري للدواء واحد، سوف نجد نقصًا في الدواء وسيتم إيجاد ركود في أدوية أخرى ستصبح متناهية الصلاحية ومن هنا فإن عدم وجود نظام جيد لتسجيل الدواء في «وزارة الصحة» انعكاس على تسعيرة الدواء أولاً من شهر إلى آخر، وهناك تذبذب بشكل كبير في فتح الاعتمادات لا يوجد فتح اعتمادات مباشرة من المصرف المركزي، العامل الثاني هو سعر الصرف الموازي فرضنا اليوم التسعيرة ستة دينارات وبالأمس كانت تسعة دينارات، ونفترض في اليوم ذاته تم احضار حاوية من الأدوية إذن الفرق «20 %» من سعر التكلفة «الأصلي» وفي حالة هناك فرق في السعر الأصلي وتم توزيعها في شهر يونيو، وهناك أصناف من شهر يناير لم يتم توزيعها، وشركة أخرى احضرت الدواء ذاته في شهر يونيو سيكون الدواء ارخص ثمنًا، من هنا فإن الصيدليات حتى وإن قامت بنظام تسعيرة جيد داخلي أحيانًا هناك أشخاص قد تستغل الأمر، ويرجع ذلك لأن ليس كل الصيدليات يعمل بداخلها صيدلي اغلب الصيدليات يوجد بها تجار ويدّعى أنه «صيدلي»، ويكتسب المهنة ويزاولها وهي ليس مهنته ويرتكب أخطاء طبية وتفاعلات دوائية وتم تسجيل عدة وفيات، نحن النقابة العامة للصيدلة ندق ناقوس الخطر ليس في تسعيرة الدواء وإنما من يقدم للمواطن من خدمة في الصيدلية هل هو تاجر الذي يعنيه الربح، أو الصيدلي الذي «حلف القسم» ولديه ميثاق شرف مهنة الصيدلية وفق احتياجات المريض .
ومن ثم هناك اختلاف التسعيرة باختلاف مصادر الدواء هذا يعد أمرًا جيدًا للمواطن، لان هناك بعض المواطنين ذوي الدخل العالي يريدون الدواء الجيد والممتاز الأصلي، والذي تكلفته عالية الثمن، وهناك ناس ذو الدخل المحدود يكتفى بالدواء صناعة هندية، ولكن نحن كنقابة عامة للصيادلة نركز على الجودة في الدواء طالما الدواء وفق المعايير أذن هو دواء جيد، وفيما يخص مواطن أخذ دواء تسعيرته مائة دينار، ومواطن آخر أخذ دواء تسعيرته خمسين دينارًا، هذا لا يشكل أهمية للنقابة العامة للصيادلة، لأن هذا سلسلة نظام الربح وسيتم تنظيم سعر الدواء في المستقبل القريب.
آلية توريد الأدوية مَنْ يقوم بالاستيراد ، وما سر «تجار الشنطة» في الأدوية؟
الموضوع يعتمد على نظام التسجيل الدوائي في «وزارة الصحة» وهذا مقتصر على استيراد شركات الأدوية المصنَّعة الأجنبية المسجلة في وزارة الصحة، من هنا يعطينا نسبة حوالي «70 %» من احتياجات السوق المحلي من الدواء، شركات الأدوية مسجلة ويتم توريد الدواء عن طريق الشركات الخاصة التي تم منحها ترخيص في مجال توريد الأدوية، يبقي عجز بنسبة«30 %» ولا يستطيع المورد استيراد هذه الأدوية لانها غير مسجلة في وزارة الصحة كمصادرها، وبالتالي يتم تهريبها عن طريق البر من دول الجوار )مصر وتونس( هذه مشكلة تم مناقشتها عدة مرات ولكن لم نجد لها حلولًا ناجعة لان الشرط القانوني أن تكون الشركة المصنَّعة للدواء مسجلة في وزارة الصحة بدولة ليبيا، ومن ثم يجب تغطية نسبة «30 %» عن طريق التهريب، من هنا أصبح الصيدلي يعاني من أن هناك دواءً موجودًا في الصيدلية الخاصة له، ولكن لا يعرف مصدر استيراده أي كيف دخل إلى ليبيا، وهذا فرض علينا الوضع الحالي للدولة الليبية من قلة توفر فتح الاعتمادات، والتذبذب في السعر، و وجود نقص شديد في بعض أصناف الدواء التي يحتاجه السوق المحلي، ومن ثم فرض علينا وضعية السوق الموجود في «الدريبي» سوق الجملة وهو غير متحكم فيه.
تجار الشنطة .. ويقصد به شنطة السيارة فأي تهريب سواء أكان في شنطة السيارة، أو حاوية، وأصناف أخرى في شكل غذائية وهذا يعد فجوة لانه ممنوع استيراد الشركات المرخص له لأنه يستوجب تسجيله في وزارة الصحة، و بالتالي هذه أصناف الدواء تكون أغلبها له وكيل غير نشط وغير موفر هذه الأصناف من الدواء ويتم توفير أصناف الدواء عن طريق السوق السوداء، أو يتم استيراده عن طريق تجار الجملة، وليس من مصانع الدواء مباشرة، وهنا تكون عرضة لسوء التخزين و النقل وغيرها من المشكلات، لكن شركات الأدوية الخاصة التي تورد يعانون من وجود اصنافهم ضمن المهربين بمعنى يتم الاستيراد من المصنع مباشرة، وفي آنٍ واحد نتفاجأ بشخص آخر قام بتهريب الدواء في الشنطة عن طريق بضاعة أخرى، أو يتم إدخاله بطريقة قانونية لكن من تجار الجملة الأجانب وليس الليبيين .
ما الإجراءات التي يتم اتخاذه عند التهريب؟
مشكلة التهريب أن هناك أصناف الدواء لا نستطيع تمييز من قام باستيراد الدواء هل الشركات المحلية المرخصة، أو المهرب لأن مواصفات الدواء واحدة من حيث باكو الدواء والشكل والشركة، لا توجد آلية تساعد الحرس البلدي أو تساعد جهاز الرقابة على الأدوية الوصول إلى حقيقة المعلومة بأن هذا الدواء تم تهريبه أو غير ذلك فقط تم توريده بطريقة مختلفة هذه المشكلة ، وهناك أدوية يتشابه أنها مغشوشة والان تداول موجودة في «مكتب النائب العام» وتم التحقيق بشكل موسع وكما ذكرت التهريب يتم من تجار الشنطة. أو طرق أخرى.
ما دور النقابة العامة للصيادلة من استيراد الأدوية؟
آلية تسجيل الدواء عن طريق الشركات المسجلة في وزارة الصحة وهي شركات خاصة تم منحها الترخيص، يختص وظيفة الصيدلي في شركات الأدوية حسب القرار رقم)167( لسنة 2006 بشأن تنظيم تجارة الأدوية القنوات التي يتم توريد الأدوية منها الشركات الخاصة والتي اشتراط:
- أن يكون مدير عام الشركة صيدليًا.
- أن يكون مدير المبيعات صيدليًا.
- مدير المخازن يكون صيدليًا.
المسؤولية التي تقع على النقابة العامة للصيادلة هو «وظيفة الصيدلي» يتقدم الصيدلي بأنه سيقوم بتوريد الأدوية ونحن كنقابة عامة للصيادلة نعمل على تدريبه على التنظيم والتوزيع والتخزين الجيد وهذا الزامي ثم يتم منح «الصيدلي» أذن فتح ومزاولةو يصبح مسؤولًا على أصناف الأدوية التي يتم توريده سواء أكان ذلك في السعر أم المتابعة أم التخزين أم توريده، نحن النقابة العامة للصيادلة المسؤولية القانونية هو مراقبة من يزاول المهنة أما الأدوية وما في حكمه مراقبتها من مهمة مركز الرقابة على الأدوية والاصحاح البيئي والحرس البلدي من مهامهم مراقبة السوق من وجود الأدوية التي هي مهربة، أو الأدوية التي دخلت بطريقة رسمية إلى البلاد.
هيئة التصنيع الخاصة بالأدوية في الماية هل مازالت توزع على الصيدليات؟
هيئة التصنيع الخاصة بالأدوية في بلدية «الماية» للأسف تم سرقتها بالكامل إضافة إلى الكوابل وتصدير المصنع إلى إحدى الدول ، كذلك مصنع التشكيلات الصلبة في «الرابطة» فهو موجود وجديد، ولم يتم تشغيله، والدولة عاجزة عن إيجاد حل لموظفيه، بالنسبة إلى مصنع «الرابطة» لمواد الخام الذي سبق توجيه الاتهامات لليبيا بأنه يصنع الأدوية الجرثومية وتم تعديله مازال مغلقً، ولم يتم الاستفادة منه نهائيًا.
َمنْ يقف في الصيدلية، هل هو صاحب الترخيص، أم خريج كلية الصيدلية، أو شخص آخر؟
مزاولة مهنة الصيدلة لا تجوز قانونًا إلا لحامل بكالوريوس الصيدلة ولديه ترخيص من «النقابة العامة للصيدلة» وإذن مزاولة المهنة بالأساس، إلا أن القانون لا يمنع وجود أطباء فنيين، ومساعدين كل في تخصصه ولكن لا يجوز لهم صرف الأدوية والتحدث مع المريض، حاليًا تم تسجيل عدة مخالفات لدى قسم التفتيش تفيد بأن الصيدلي صاحب الترخيص، أو صاحب المسؤولية الطبية يترك «المساعد» يصرف الدواء، ويتحدث مع المريض ويوجه له النصائح ويمنح المريض الجرعات، وهذا مخالف للقانون لأنه خارج المسؤولية الطبية .
يجب أن يكون صاحب ترخيص الصيدلية هو صاحبها، ويُفترض أن يكون موجودًا فيها، أو ينوب عنه صيدلي آخر تم تكليفه من قبل النقابة العامة للصيدلة .. على سبيل المثال، في صيدلية كبيرة تضم خمسة صيادلة، ومساعدي صيادلة وفنيين، يكون دور هؤلاء الأخيرين هو تسجيل الأدوية في المنظومة، والسجلات وترتيبها، وليس لهم الحق في ممارسة المهنة مع المريض ويمكنهم تقديم منتجات مثل : الصابون التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، وكذلك الأدوية التي لا تحتاج وصفة.طبية .. أما الأدوية التي تتطلب وصفة طبية ممنوعٌ على مساعد الصيدلي والفني صرف الدواء، فالذي يصرفه هو الصيدلي صاحب الترخيص خريج كلية الصيدلة الحاصل على درجة بكالوريوس في الصيدلة فما فوق أو الطبيب الصيدلي من هما في المرتبة الثانية والثالثة علمياً.
عند صرف دواء بالخطأ من صيدلية ما، قد يمرض أو يموت المريض َمنْ يتحمل المسؤولية الطبية؟
تؤكد النقابة العامة للصيادلة على ختم جميع الوصفات الطبية التي تصرف في الصيدليات، المواطن يستوجب حصوله على مستند رسمي يثبت صرف الدواء له، وفي حال حدوث أي خطأ طبي يتحمل الصيدلي الذي صرف الدواء المسؤولية، وأحيانًا قد يكون الخطأ من الطبيب وليس من الصيدلي لأن الطبيب هو الذي وصف الدواء بشكل خاطئ، والأساس أن الصيدلي يتحمل المسؤولية الطبية وفي حالة تكليف شخص غير صيدلي وصرف الدواء بالخطأ هو يتحمل المسؤولية أيضا.
كم تبلغ المسافة بين الصيدليات قانونياً، وما هو الحل في التجاوزات القانونية؟
المسافة القانونية«350 متراً» من جميع الجهات وأن اقرب صيدلية هي «س» هناك مشكلتان:
القياس يكون في المكان والصيدلي عند نقل الصيدلية بطريقة غير قانونية ويضع الصيدلية في مكان آخر غير المكان الذي تم القياس فيه، أغلب الصيدليات وقعوا في هذه المشكلة.مشكلة تزوير المستند، يأتي بمستند من مكتب هندسي بأن المسافة هي «350مترًا» وهي ليست حقيقة.
بعض خريجي كلية الصيدلة من جامعات خاصة يعتقدون بأن هناك نقابة صيادلة خاصة هل هذا صحيح؟، وما شروط الاعتراف بصيدلي خريج جامعات خاصة؟
غير صحيح ..خريجو كليات الصيدلة من الجامعات الخاصة بأن لهم «نقابة صيادلة خاصة» لهذه الجامعات لا يوجد، بل توجد «النقابة العامة للصيادلة» واحدة فقط لكليات الصيدلة بالجامعات الخاصة والعامة.
القطاع الخاص في وزارة التعليم العالي هناك قانون رقم «18» لسنة 2010 بشأن التعليم العالي المادة رقم«58» أي جامعة خاصة لم تلتزم بالمادة «58» تعد مخالفة لشروط الترخيص ومؤهل بكالوريوس الصيدلة و بالتالي لا يقبل منها أي خريج من كلية صيدلة، لذلك يجب على كليات الصيدلة بالجامعات الخاصة تسوية أوضاعهم مع مركز ضمان الجودة واعتماد المؤسسات التعليمية هذا هو الأساس، ونحن كنقابة العامة للصيادلة يوجد لدينا بين )5-6( جامعات خاصة معتمدة و أذونات مزاولة مهنة الصيدلة .