
شكل الأغذية والخضروات التي يتم رشها بالمبيدات الحشرية والزراعية مخاطر صحية كبيرة على الإنسان، وتتراوح هذه المخاطر بين مشاكل صحية حادة تظهر فورًا بعد التعرض للمبيدات، ومشاكل مزمنة تظهر على المدى الطويل، وقد تكون هذه المشاكل خطيرة جدًا وتسبب أمراضًا وأورامًا.
صحيفة فبراير كان لها حوار مع الدكتورة /نور الترهوني حول مخاطر المبيدات والتي تشكل تهديدا حقيقا للصحة العامة.
ماهو الرأي العلمي والطبي الحالي حول العلاقة المباشرة بين التعرض لمبيدات الآفات وتطور امرأض السرطان:او الاورام لدي البشر؟
«نعم، توجد أدلة علمية متزايدة تشير إلى وجود علاقة بين التعرض لبعض أنواع مبيدات الآفات وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. عدد من هذه المبيدات مصنف من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان «IARC» التابعة لمنظمة الصحة العالمية كمسرطنات محتملة أو مؤكدة للبشر.
هل هناك دراسات أو أدلة إكلينيكية قوية تدعم هذه العلاقة؟ وما هي أبرز أنواع السرطانات التي قد ترتبط بها؟
مبيد الغليفوسات «Glyphosate»: صنفته IARC في 2015 كمادة “محتملة التسرطن للبشر” «Group 2A». بعض الدراسات ربطت بين التعرض له وسرطان الغدد اللمفاوية غير الهودجكيني «non-Hodgkin lymphoma».
الكلوردان، الأترازين، الدي دي تي «DDT»: لها ارتباطات بسرطان الثدي، وسرطان البروستاتا، وسرطان الدم.
دراسات واسعة مثل «Agricultural Health Study» في الولايات المتحدة أثبتت أن العمال الزراعيين معرضون لخطر أكبر لتطور بعض السرطانات نتيجة التعرض المهني المستمر.
هل يختلف تأثير هذه المبيدات على الأطفال مقارنة بالبالغين، ولماذا؟
نعم، الأطفال أكثر عرضة للخطر مقارنة بالبالغين، وذلك لأسباب منها:أجهزة مناعية وكبدية غير مكتملة النمومعدل تنفس وتناول غذاء أعلى مقارنة بأوزانهم.
السلوكيات مثل اللعب في الأرض أو وضع الأشياء في الفم فترات النمو الحرجة التي قد تكون أكثر تأثرًا بالمواد الكيميائية المسببة للطفرات أو الاضطرابات الهرمونية.
كيف تعمل هذه المبيدات على المستوى الخلوي أو الجزيئي لتساهم في تطور الأورام؟ هل تحدث طفرات جينية، أم تؤثر على جهاز المناعة، أم هناك آليات أخرى؟
مبيدات الآفات قد تسبب الأورام عبر عدة آليات:إحداث طفرات جينية «Mutagenesis»: تغيير في الحمض النووي يؤدي إلى نمو غير طبيعي للخلايا.
تثبيط آليات إصلاح الحمض النووي تعديل في تنظيم الجينات أو التعبير الوراثي «Epigenetics».
اضطراب الهرمونات «Endocrine disruption».
التأثير على جهاز المناعة مما يقلل القدرة على إزالة الخلايا السرطانية الناشئة.
هل تلعب الجرعات الصغيرة والمتكررة من هذه المبيدات دورًا تراكميًا في الجسم يؤدي إلى زيادة المخاطر مع مرور الوقت؟
نعم. هناك ما يُعرف
التعرض التراكمي «Cumulative exposure»”، ويُعتقد أنه حتى الجرعات المنخفضة، إذا كانت مستمرة عبر الزمن، قد تؤدي إلى تأثيرات مسرطنة، خاصة عند عدم كفاءة إزالة السموم من الجسم.
هل هناك أعراض أو علامات معينة قد تدل على تعرض شخص ما لمستويات خطيرة من المبيدات، أو أن هذه الأعراض قد تكون مقدمة لمشاكل صحية مستقبلية؟
لا توجد أعراض نوعية، لكن بعض الأعراض التي قد تشير إلى التعرض الحاد أو المزمن تشمل:
صداع، دوخة، تهيج جلدي.
مشاكل تنفسية.
اضطرابات هرمونية.
انخفاض في المناعة أو تغيرات في الدم.
في حالات مزمنة: تغيرات عصبية أو أعراض مبكرة للأورام.
هل توجد فحوصات طبية محددة يمكن أن تكشف عن وجود بقايا المبيدات في جسم الإنسان أو تقييم مدى تأثيرها؟
تحاليل الدم أو البول للكشف عن بقايا بعض المبيدات «مثل الكلوربيريفوس، الغليفوسات».
اختبارات السموم البيئية «Biomonitoring».
تحاليل إنزيمات الكبد والدم للكشف عن اضطرابات قد تكون مرتبطة بالتعرض للفحص الجزيئي في حالات خاصة للكشف عن الطفرات الوراثية المرتبطة بالتعرضات البيئية.
من وجهة نظرك دكتوره، ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الجهات الرقابية والصحية الحكومية في حماية المستهلك من هذه المخاطر؟
ينبغي على الجهات المعنية:تحديد وتنظيم الحدود الآمنة للمبيدات في الأغذية والبيئة.
منع أو تقنين المبيدات المسرطنة المعروفة إجراء المراقبة البيئية والصحية الدورية.
حماية العاملين في الزراعة بتوفير أدوات الوقاية والتدريب.
الاستجابة السريعة لحالات التسمم أو التلوث البيئي.
ما أهمية التوعية الصحية العامة في هذا المجال، وكيف يمكن إيصال المعلومات الطبية الدقيقة للجمهور بفاعلية؟
التوعية ضرورة لا غنى عنها وتشمل:
تثقيف الجمهور بلغة بسيطة وواضحة حول مخاطر الاستخدام المنزلي أو الغذائي للمبيدات.
التشجيع على غسل الخضروات والفواكه جيدًا* وتقشيرها عند الإمكان.
الترويج للزراعة العضوية والممارسات الآمنة.
استخدام وسائل الإعلام، المدارس، المراكز الصحية لنقل الرسائل الصحية بطرق مرئية وسهلة.
ختاماالتعرض المزمن لمبيدات الآفات، حتى بجرعات صغيرة، قد يشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، لا سيما عندما يقترن بغياب الرقابة أو ضعف التوعية. هناك مسؤولية مشتركة بين الجهات الرقابية، والعلماء، والمؤسسات الصحية لنقل المعرفة، وتطبيق التشريعات، وتوفير الحماية للمجتمعات، خاصة الفئات الهشة مثل الأطفال والعاملين في الزراعة.