رأي في بحوث الأدب والنقد
شر الناقد المغربي الدكتور سعيد يقطين بصحيفة (القدس العربي) مقالة بعنوان: (أنواع الكتابة النقدية)، استوقفني فيها رأيه في مستوى الأبحاث الأدبية والنقدية، فقد أكد أن عددا من هذه البحوث التي تحال إليه للتقييم وإبداء رأيه فيها، هي أقرب إلى جنس المقالة، كل مقالة منها مذيلة بلائحة طويلة من المصادر والمراجع، لكن تجد دور الباحث فيها يقتصر على تجميع المعلومات وتلخيصها دون أن يكون له رأي فيها، ولا شك أن هذا التدني يعود إلى ضعف التحصيل العلمي، وتساهل المؤسسات العلمية في إجازة البحوث ومنح الشهادات.
وما شكا منه الدكتور يقطين شكا منه قبله المشرفون على بحوث اللغة والدين في عدد من الجامعات العربية، فبعض البحاث في هذين المجالين يكتفون بتجميع أراء فلان وفلان في الموضوع، ويتحاشون مناقشة ونقد أراء من سبقوهم من علماء اللغة والدين، فهؤلاءـ في نظرهم ـ خطوط حمراء، والهالة التي تحيط بهم وبخاصة القدماء منهم تمنع الباحث من أن يتجرأ ويناقش رأيا أو يرد فتوى لواحد منهم، وهم يفسرون موقفهم هذا بأنه تواضع التلميذ والمريد أمام شيخه، وبالطبع ليس كل الباحثين في اللغة والدين سواء، فقد يكون لأحدهم رأي مستقل يخالف ما يعرف بالجمهور، لكن لا يجرؤ على ذكره، خوفا من الا يقبل بحثه، ويتهم بالتطاول على العلماء والأسلاف، لذلك في غياب المنهجية النقدية ظلت بعض البحوث اللغوية والدينية حتى وقت قريب في عدد من الجامعات العربية تفتقد إلى الابتكار والموضوعية.
في المقابل فإن الباحث في الأدب والنقد يستطيع ـ لو كان ذا كفاءة علميةـ أن يجادل أكبر شاعر وناقد، وليس مضطرا إلى المداراة والمجاملة، ولو خطّأ المتنبي أو أدونيس، وانتقد منهج القاضي الجرجاني في كتابه: (الوساطة) أو منهج سعيد يقطين في كتابه: (قال الراوي)،فسيقبل رأيه وقد يناقش فيه، ولن يصيبه منه ضرر مادي أو معنوي.