ثقافة

وجع الحصادي يُلاحقنا

د. مفيدة جبران

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على  اشرف المراسلين  سيدنا وحبيبنا محمد عليه وعلى اله  افضل الصلاة
السيدات والسادة الكرام  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقف  اليوم بين الافاضل والفضليات الكرام  لاعبر عن  امتناني وشكري   لمن تأصل الوفاء فيهم   في حفل تأبين  الدكتور  القامة  نجيب المحجوب الحصادي  المقام بحدب السلام والازدهار .
سيداتي سادتي في هذا اليوم اقف لذكر محاسن احد قامات العلم والمعرفة
وهي كلمات قد لا تفي حق هذه القامة السامقة …
الدكتور نجيب الحصادي الذي  لم يكن شخصا اكاديميآ عاديآ أعتلي منصة العلم الي ان وصل أعلاها كبروفسور   .بل هو قامة علمية سامقة  عملا وادبا وتواضعا وتهذيبا .
دكتور نجيب مفكرا ومحللا وناقدا لكل وفي كل قضايا المجتمع  .
رجلا امتهن النظر في العمق لا القشور  كان قارئا  عميقا لما بين السطور  .عاش حياته  في مرحلة  بحث مستمر  عن حقيقة الاشياء بتنوعها وإن كانت الحقيقة في زمن الزوال   نسبية …
اسمحوا ايه الكرام   أن اصف هذه القامة بانه من القلائل الذي حابهم  الله بفضل العلم  وانه من عمار الارض  بعلمة وماثره …
نحن هنا لنكرم ذاكره ونعبر عن حزنا  لفقده ونعبر  عن امتنانا بان ليبيا ولدت قامة  بمنحه الفيلسوف المفكر  له مكانته في العالم  ونعاه علماء العصر .
دكتور نجيب  معرفتي به  ولقائي معه عن قرب   كانت  في هذا الصرح  الحزبي  في محاضراته .واللقاءات الاخري كانت في وزارة الثقافة عندما كان مستشارا  للسيد حبيب اللامين وكنت  مدير مكتب وكيل الثقافات المحلية .
والمرة الثالثة في مهرجان الخريف  بهون كان برفقة القامة   امين مازن  و عبدالله زاقوب والتقينا به عقب  احدا المحاضرات المصاحبة للمهرجان مع الدكتورة كريمة
بشيوه ..
حقيقة ان الدكتور نجيب امتلك كل معاني ومجامع الانسانية  علما وادبا  وتهذيبا ورقي ..اذ خاطبته  أستمع  لك وانصت باهتمام يولد لديك أحساس بقيمة مضافة …واذا سالته  اجابك بلغة  سلسة يجعلك تفهم المعني  الظاهر ثم يقودك لامعان الفكر في اجابته لتخرج بمفهوم مغاير .
واذا نقد  سبقت ابتسامته كلماته …
دكتور نجيب في محاضراته ينقل المستمع  الي عوالم   خاصة فيسارع  المستمع لتدوين  بعض الكلمات التي هي مفاتيح الكلم لمواضيع   قد غيبت عن فكره احيانا …
عندما تنظر  اليه وهو يتحدث يعتريك شعور انه يتحاور مع فكر العظماء يخاطبك وانت امامه ولكنك لا تعي القصد من خطابه الابعد حين  بعد فترة من الصراع الذهني لعقلك ….
في هون الحاضره دائما كنت انظر اليه عن قرب يترائي لي إنني انظر الي طفل خجول لا يتحدث الا اذا طلب منه واذتكلم  لا يتكلم الا النذر من الدرر النفيس …
دكتور نجيب يتلطف بالحديث في عمق وهدوء نسبي  مسلكه شبهته انذاك  بمسلك الصالحين  الصوفيين الدروايش  حضوره يجبرك  للتعمق في فهم شخصية  هذا الصالح الوقور  من حابه الخالق بقوة البصر والبصيرة  بدلات المفردة العميقة .
ومن إمتلك البصيرة  يعلم ما لا نعلمه احيانا  ويعلم ويحس بدنو اجله  لا بالزمن  الحسي  ولا بالكيف  انما  يعلم انه يودع  وهذا اعتقد اعتقادا  شبه مؤكدًا  ماحمل  الدكتور نجيب على كتابه   سيرته الذاتية (ارسان الروح ) لا حساسة بدنو الاجل وان رحلته قاربت على الانتهاء ليعبر للحياة  الاخري..
الدكتور نجيب كان نجيبا  له نصيب من اسمه  تفرد به  في ابداعه الفلسفي الذي يحاكي العقول النيرة لا العقول المظلمة ..
فهو يدعو للتفكير النقدي لكل موجود من المتوارث  من النصوص والنقوش والرموز  والذي حسب وجهه نظره اصبحت مع الزمن   بعض هذه  النصوص وغيرها  يقين مسلم  به غير قابل للنقاش  وتحديدا  في ربط الدين ببعض العادات  والاعراف وغيره .
كان د.نجيب داعية  لتحرير العقل من الراسوب  المتوارثه  .داعيه للتحرر من التحجر الفكري ..فكره المستنير  لا يقبل  المسلمات المنقوشة في الذاكره  انما  يسعي  لتفكيك  جزئياتها  وله نظرة ثاقبة  متفحصة  في  القضايا المجتمعية  ..
حقيقة وفقت مطولا امام فلسفته في الحياة  في  عبارة منحها لطلابه  اصبحت خالدة الان وهي ( الحياة التي  لا تمتحن  لا تستحق  العيش )….
اما رايه في تطوير المجتمع  والنهوض بالشعوب لا يتأت  الا بالتعليم  وتطوير منظومته ..
للاسف  الشديد  فقدنا قامة
لكن لا نقول الا  قول الحق انا لله وانا اليه راجعون  فقدت ليبيا قامة  لن تتكرر في الزمن القريب   لكن  عزاونا الوحيد ان اسهاماته  الفكرية المعمقة قد  تعدي مداها  هذا الوطن  بحدوده الجغرافيه   ليمنح  ألقاب   تليق بقامته  منها أنه أفضل مفكر  عربي تناول التفكير النقدي  ببساطة الطرح  المعزز بالحجج المنطقية  …
في الختام   نسال الله ان يسكنه فسيح جنانه .اما ذكراه  فباقية في قلوب محبيه وبين طيات كتبه الذي شكلت  نواه الفكر النقدي  ..
شكرا  للجمع الفاضل علي لمسه الوفاء شكرا  للهذا  الصرح على اقامة هذا التأبين
د.مفيدة محمد جبران
21/7/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى