تعد مشكلة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا و بالأخص إلى السواحل الإيطالية من أهم المشكلات، باعتبارها مشكلة يمتزج فيها المحلّي والخارجي بمسبباتها و نتائجها علي كلا الطرفين حيث تنتهي حياة عديد المهاجرين يومياً خلال محاولاتهم تجاوز الحواجز بين الدول أو غرقا أثناء عبورهم البحر الأبيض المتوسط, أملا في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية هرباً من عوامل الفقر والبطالة والحاجة التي يواجهونها في بلدانهم الأصلية سواء من داخل ليبيا أو من الدول الافريقية الأخرى
ورغم أن هذه الظاهرة يعود لها الفضل تاريخيًا في أعمار الأرض وتلاقي الحضارات وتعارف الشعوب, إلا أنها تحولت في الزمن المعاصر إلى هجرة ذات اتجاه واحد بسبب الأوضاع السيئة في مناطق كثيرة من الدول النامية, بالإضافة لانعدام التوازن بين دول العالم; ما دفع العديد من الحالمين بتحقيق مستوي معيشي أفضل, والتخلص من شبح الفقر الذي يطاردهم في بلدانهم
فبراير خاص /
فقد أشار أحد التقارير عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أنه وبسبب عدم الاستقرار في ليبيا تمكن المهربون والمتاجرون والمجرمون بشكل عام من التصرف مع الإفلات من العقاب لأنهم يفترسون المهاجرين واللاجئين المستضعفين خاصة بعد أن انتشرت أخبارٌ في بعض صفحات التواصل الاجتماعى عن مقتل 30 شاباً ليبيياً غرقاً في الحادثة الأخيرة, وتداولت صفحات صوراً ومقاطع فيديو لجثة شخص ليبي ألقى بها البحر على الشاطئ ليتبين فيما بعد أنها تعود لشاب ليبي من منطقة (تغرنة) بمدينة غريان, ومع تخوف الأهالي على مصير أبنائهم بعد ورود معلومات عن غرق المركب يسعى البعض للبحث عن معلومات لدى جمعية الهلال الأحمر فرع زواره ومديرية الأمن خاصة بعد ان شهدت الآونة الأخيرة إقبالاً غير مسبوق للشباب الليبيين على الهجرة من البلاد والاستجابة للعروض المتاحة من قبل بعض المهربين, بعد أن انتشرت في بعض صفحات الفيسبوك صور لشباب من بعض المدن الليبية وهم في قارب الهجرة في البحر, وهو ما دعا المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة السلطات الليبية إلى اتخاذ خطوات حازمة ضد المهربين والمُتاجِرين. وإنه يجب أن يشمل ذلك تعطيل وإنهاء عصابات التهريب التي تقودها الجماعات الإجرامية لمنع المزيد من الاستغلال والانتهاكات, وأن على المجتمع الدولي أن يساعد هذه الجهود وأن يقدم المزيد من الدعم للسلطات في مكافحتها لشبكات الاتجار بالبشر.
وبحسب تقرير منظمة الهجرة فقد وصل أكثر من 17000 شخصاً إلى إيطاليا ومالطا هذا العام عن طريق القوارب من ليبيا وتونس , بزيادة ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2019. ويمكن التحكم فيه لك بالإرادة السياسية وتضامن الاتحاد الأوروبي مع الساحل الأوروبي ونص التقرير كذلك على الحاجة الملحة إلى تجاوز الترتيبات المخصصة لآلية إنزال أسرع وأكثر قابلية للتنبؤ بعد أن لقي ما لا يقل عن 302 مهاجرًا ولاجئًا حتفهم على هذا الطريق هذا العام حتى الآن. وفقًا لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين , ومن المرجح أن العدد التقديري الحالي للوفيات أعلى من ذلك بكثير.
وبدل أن تراجعت معدلات الهجرة عبر ليبيا أثناء ذروة تفشي وباء كورونا, بعد أن أغلقت الدول حدودها, كشف تقرير للمنظمة الدولية للهجرة في ليبيا عن 200 مهاجر غير شرعي وصلوا إلى سواحل إيطاليا ومالطا في الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو وأوضح التقرير أن ما يقارب 900 مهاجر غير شرعي انطلقوا من الشواطئ الليبية في الفترة من 14 إلى 28 مايو قاصدين سواحل أوروبا وتم اعتراض 679 منهم وإعادتهم إلى ليبيا بينما استطاع الباقون الإفلات والوصول إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
ومنذ انتشار جائحة كورونا علّقت معظم سفن الإنقاذ الإنسانية, مثل أوشن فايكنغ وسي ووتش, أنشطة إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط. كما أدت إجراءات مكافحة الجائحة إلى إغلاق الحدود والمطارات في مختلف دول العالم
وفى هدا الصدد ذكرت بوابة الوسط أن وزارة الداخلية الإيطالية بعثت رسالة إلى بروكسل تطلب فيها دعمًا أوروبيًّا في مواجهة تدفقات الهجرة من ليبيا في أعقاب تحذير أجهزة الأمن من استعداد نحو 20 ألف مهاجر استئناف رحلاتهم من ليبيا.
وحسب الرسالة التي نقلتها إذاعة «فرنسا الدولية» هذا الشهر فإن خمس دول هي: (إيطاليا وإسبانيا واليونان ومالطا وقبرص) طلبت من الاتحاد الأوروبي ضمان سياسة الهجرة بناء على «إعادة توزيع عادلة وتلقائية وإلزامية» بين الدول الأعضاء بعد عمليات الإنقاذ للمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك, تطلب الدول الخمس أيضًا دعم بروكسل لإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم.
وأشارت أجهزة الأمن الخارجية الإيطالية إلى أن نحو 20 ألف مهاجر مستعدون لمغادرة ليبيا خلال فصل الصيف إلى ساحل جنوب شبه الجزيرة , حيث تم استئناف عمليات الإنزال من قبل مجموعات صغيرة.
ولهذا طرحت هذه الظاهرة شديدة التعقيد داخل أروقة مؤسسات الاتحاد الأوروبي إذ مارست عديد الضغوطات على دول الضفة الأخرى من المتوسط لإيجاد حلول ناجعة لهذه المعضلة الكونية وهو معجل بلقاء الظرف الليبي ونائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإغاثي , بحضور منسق برامج الأمم المتحدة الاغااثي في ليبيا.
حيث أكدوا على ضرورة وضع حلول جذرية لمسألة الهجرة والتسلل إلى أطراف ليبيا, وبأن هناك برنامجين وهما برنامج الشراكة الإستراتيجية مع ليبيا, و خطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا عامة, مركزه بالخصوص على الجنوب الليبي.
ويرى مراقبون أن ملف الهجرة لا يمكن علاجه بالمقاربة الأمنية الصرفة أو تحميل دول الجنوب المسؤولية فقط لأن هذه الظاهرة أمست كونية شأنها شأن الإرهاب حيث تتحمل دول الشمال جزء من المسؤولية جراء أزمة التكافؤ العامة التي يعيشها الكون في ظل عالم مفتوح.
حيث أن عملية الإصلاح الحقيقية تنطلق بداية من النظر في أساس المشكل الذي يدفع ملايين البشر للمخاطرة بحياتهم و تجاوز المياه أملا في جنة منتظرة وراء البحار.
وهو ما جعل الاتحاد الأوروبي يدق جرس الإنذار مع تفاقم ظاهرة الهجرة السرية منذ اندلاع أزمة كورونا وتوقف سفن الإنسانية عن أنشطتها بإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط.