رأي

روبوتات الدولة العميقة!

هاشم شليق

وقف‭ ‬إنسان‭ ‬آلي‭ ‬رافعا‭ ‬يده‭ ‬للتحية‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرات‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬للروبوتات‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬معلنا‭ ‬بداية‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬للدولة‭ ‬العميقة‭..‬المصطلح‭ ‬الذي‭ ‬أرجعه‭ ‬المحللون‭ ‬للسياسة‭ ‬أو‭ ‬الإقتصاد‭ ‬أو‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬جميعهم‭ ‬معا‭..‬المهم‭ ‬المقصود‭ ‬جماعات‭ ‬تسيير‭ ‬وضغط‭ ‬ظاهرة‭ ‬أو‭ ‬خفية‭ ‬تحمي‭ ‬مصالحها‭ ‬وتتخذ‭ ‬قرارات‭ ‬وتحرك‭ ‬حكومات‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تغيير‭ ‬أنظمة‭ ‬الحكم‭ ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬كجدال‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬أثناء‭ ‬الحملات‭ ‬الإنتخابية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭..‬واليوم‭ ‬بعد‭ ‬عصر‭ ‬اليوتوبيا‭ ‬الإشتراكية‭ ‬وتلاه‭ ‬الركود‭ ‬الرأسمالي‭..‬هاهي‭ ‬غالبية‭ ‬الإنسانية‭ ‬تفقد‭ ‬خاصية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هويتها‭ ‬أمام‭ ‬العولمة‭ ‬ويتم‭ ‬تنميط‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الإنسياق‭ ‬مما‭ ‬أنتج‭ ‬سلوك‭ ‬التسيب‭ ‬بأنواعه‭..‬ويجري‭ ‬تفكيك‭ ‬الأسرة‭ ‬وضرب‭ ‬مؤسسة‭ ‬الزواج‭..‬ولطالما‭ ‬كان‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬والحرية‭ ‬حاجات‭ ‬أساسية‭ ‬ونهائية‭..‬ولكن‭ ‬عدم‭ ‬فحص‭ ‬أسباب‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إتاحة‭ ‬النقاش‭ ‬العام‭..‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬حضارة‭ ‬فعلية‭..‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬لفرض‭ ‬الثقافة‭ ‬الأحادية‭ ‬الصارمة

متحديا‭ ‬إرادة‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعوب‭..‬وستبقى‭  ‬مباديء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحرية‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬موضوع‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬افتتاحية‭ ‬دون‭ ‬تطبيق‭..‬وبالمقابل‭ ‬اليوم‭ ‬تعد‭ ‬ظاهرة‭ ‬الروبوتات‭ ‬وتطورها‭ ‬الحالي‭ ‬ومستقبلها‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الموضوعات‭ ‬شيوعا‭ ‬وإثارة‭ ‬للجدل‭..‬فالروبوتات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬صناعية‭ ‬داخل‭ ‬الدول‭..‬وهنا‭ ‬سيقتصر‭ ‬عليها‭ ‬تسميات‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬كحكومة‭ ‬ظل‭ ‬أو‭ ‬الحرس‭ ‬الجديد‭ ‬بدل‭ ‬القديم‭ ‬أو‭ ‬مراكز‭ ‬

القوى‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬المزدوجة‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬الموازية‭..‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬وجود‭ ‬مليار‭ ‬روبوت‭ ‬بشري‭ ‬خلال‭ ‬20‭ ‬عاماً‭…‬نظرا‭ ‬للتطور‭ ‬السريع‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭..‬وما‭ ‬يجمعها‭ ‬إنها‭ ‬أكثر‭ ‬محاكاة‭ ‬من‭ ‬البشر‭..‬وتقوم‭ ‬بالعمل‭ ‬الذي‭ ‬ينجزه‭ ‬الإنسان‭ ‬عادة‭..‬كما‭ ‬يمكنها‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬محددة‭ ‬بكفاءة‭ ‬أكبر‭ ‬والتعلم‭ ‬من‭ ‬تجاربها‭ ‬والتفاعل‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬بديهية‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭..‬وسوف‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬نقص‭ ‬العمالة‭ ‬والشيخوخة‭ ‬السكانية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭..‬وتتمثل‭ ‬ميزتها‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬منظمة‭ ‬ذاتيا‭ ‬وغير‭ ‬مركزية‭..‬ويتبع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬مباديء‭ ‬توجيهية‭..‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬روبوت‭ ‬واحد‭ ‬يتولى‭ ‬قيادة‭ ‬بقية‭ ‬الروبوتات‭..‬بل‭ ‬يتحكم‭ ‬كل‭ ‬روبوت‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬مثل‭ ‬التكرار‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬والمتانة‭ ‬وقابلية‭ ‬التوسع‭..‬لذا‭ ‬ظهر‭ ‬مفهوم‭ ‬الروبوتات‭ ‬السرب‭ ‬للخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتصنيع‭ ‬والحياة‭ ‬المنزلية‭ ‬والترفيه‭ ‬والفضاء‭ ‬والسفر‭ ‬والجيش‭ ‬وخدمة‭ ‬الزبائن‭..‬بالرغم‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬حاليا‭ ‬غير‭ ‬ملموسة‭ ‬تقريبا‭..‬وللعلم‭ ‬فإن‭ ‬كلمة‭ ‬روبوت‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬مسرحية‭ ‬تشيكية‭ ‬ويعني‭ ‬جذر‭ ‬الكلمة‭  ‬العمل‭ ‬الإجباري‭ ‬أو‭ ‬القسري‭..‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬فقط‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬الروبوتات‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬إجرامية‭..‬إذن‭ ‬المجتمعات‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬عصر‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬فيه‭ ‬هيكل‭ ‬عربة‭ ‬والروبوتات‭ ‬هي‭ ‬المحرك‭..‬وهي‭ ‬التي‭ ‬ستشكل‭ ‬اللوبي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬معناه‭ ‬السابق‭ ‬وهو‭ ‬إجتماع‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬الردهة‭ ‬الأمامية‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬تناقش‭ ‬وسائل‭ ‬الضغط‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والرسمي‭..‬لكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬الروبوتات‭ ‬غدا‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ستفعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬داخل‭ ‬رواق‭..‬ويتبقى‭ ‬تساؤل‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الذهن‭ ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أحاول‭ ‬الإستنتاج‭ ‬والتحليل‭ ‬بعد‭ ‬تدوين‭ ‬ملاحظات‭ ‬حول‭ ‬الروبوتات‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬مختلفة‭..‬وهو‭ ‬ماذا‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يحدث‭ ‬للبلدان‭ ‬النامية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬تتبن‭ ‬خدمة‭ ‬الروبوت؟‭!..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى