رأي

ساركوزي البداية

 أمين مازن

بثتْ وسائل الإعلام المصوّرة، والمسموع وقائع إدخال الرئيس الفرنسي السابق «نيكولا ساركوزي» في العشرين من أكتوبر إلى أحد سجون فرنسا تنفيذًا لحكم واحدة من المحاكم الفرنسية بصدَّد ما اتهمته به من تلقي أموال ليبية صُرفتْ لتغطية حملته الانتخابية في آخر معركة انتخابية خاضها لرئاسة فرنسا قيل أن القذافي قد أمر بإنفاقها في المعركة المشار إليها، وذلك بعد أن اتخذ موقفه مما حدث من أحداث عاشتها ليبيا ضمن ما حلَّ في ربيع العام الحادي عشر من قرننا هذا من خروج على أكثر من حاكمٍ في الوطن العربي وكان القذافي من بينهم ولم يتردَّد هو ولا أشهر أبنائه وأبرز مندوبيه الخاصين في ذكر ما صُرِفَ من مالٍ في تلك المعركة، إذ كان العشم عندهم أنها ستكفل ضمان الرئيس الناجح في المعركة الانتخابية مدعومًا بذلك المال، لولا أن «ساركوزي» ما لبث أن اختار الموقف النقيض فظلتْ منذ ذلك التاريخ مسألة الأموال الليبية نقيصة تلاحقه حتى كانت هذه اللحظة التي عرض البث التلفزيوني خبر اقتياده إلى السجن. هو اقتياد قد لا يتجاوز زمن العرض ولكنه يحمل المؤشر وبالأحرى المنذر لنا معشر الليبيين، كلٌ حسب قدرته حول هذا السلاح الخطير الذي طالما أثّرَ في جميع أمورنا حتى اقتضى مساندة حَمَلةِ نجوم الملازمين في جيشنا الصغير ليُطيحوا بالجيل الذي ثبت عجزه وحلّوا لأربعة عقود كاملة منفذين من السياسات التي فاقتْ في سوئها ما أقدم عليه أسوأ العملاء، فلا يتم زوالهم إلا بانتهاء دورهم وحلول مرحلة جديدة لا مناص من أن تؤدي إلى بروز من سيكون أكثر قدرة ولو بعد فترة انتقالية قد يمتد فيها تقليد السابقين وإعادة انتاج بعض أو كل أساليبهم ولا سيما تجاه تبذير المال العام والذي يعتقد قصيرو النظر ممن استطاعوا القفز إلى المقاعد الأمامية عن غير جدارة فاشتد صراعهم المحموم حول هذا الساحر العجيب والمغري بكل ما يخزي قبل أن يُشرِّف، ثقةً منهم بأنه سيأتي لهم بأضعاف ما بذلوا باعتبار المال أقدر على لي أعناق الرجال، عندما فاتهم أن ثمة ما هو أقوى من الاثنين، ألا وهو الحق الذي أودى اليوم بـ«ساركوزي» وقبله من فتح أمامه خزائن ليبيا، إذ تؤكد أكثر من قرينة على استحالة إفلات أي عابث تعويلاً على الغيبوبة التي تدوم بعض الوقت لتفاجئ من تفاجئ في الفترات غير المحسوبة والتي تم فيها تدبير الضروري من التغييرات، لا فرق أن يكون الغطاء حريرًا جميلًا أو صوفًا خشنًا فلكل حالة لبوسها ولكلٍ لبوس ما يستحقه سواءً كان هذا اللبوس سيسدد ثمنه، أو يخلغ على من استحقه لقاء ثمنٍ قدّره من تحمّل أعباء تدبير الجواب عن صرفه، وما «ساركوزي» إلا واحد من أولئك الذين أسالت لعاباتهم تلك الأموال، أما المساءلة فلها وقتها، وما ظهور «ساركوزي» إلا بداية تلك القائمة الطويلة والتي لا مناص من مناداة كل من سُجِّلَ بها ولو تأجل ذلك بعض الوقت، فساركوزي البداية وليس النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى