تحيزت خدمات شركات التكنولوجيا العملاقة في حروب غزة ولبنان وبين روسيا وأوكرانيا..ونذكر
عندما حظرت المحكمة العليا البرازيلية في وقت سابق موقع إكس في البلاد..وبحسب تقرير نشرته مجلة تومورو افيرز شجع إيلون ماسك البرازيليين على استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية للتهرب من الحظر..ثم استمرت شبكة أقماره الصناعية ستارلينك التي تقدم خدمة الإنترنت للمشتركين مباشرة من الفضاء في توفير الوصول إلى الموقع..وأخيرا أعادت شركة إكس توجيه حركة الإنترنت الخاصة بها من خلال خوادم جديدة مما سمح لها بالالتفاف على ضوابط الاتصالات في البرازيل..لكن تحت ضغوط متزايدة من السلطات وافقت الشركة في النهاية على حظر حسابات التضليل بالمنصة..ما حدث هو تمكن قطب التكنولوجيا من تحدي قرار الدولة علنا ليظهر حقيقة صارخة وملموسة للغاية مفادها فقدان الحكومات لأولويتها في العالم الرقمي..ومن خلال إطلاق العنان لأدواتها وخدماتها القوية في عالم بلا حواجز أصبحت شركات التقنية الحاكم الفعلي لتكنولوجيات ذات أهمية جيوسياسية كبيرة..بما في ذلك أنظمة التعرف على الوجه واتصالات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية وبعض جوانب جمع المعلومات..حيث تمتلك شركة مايكروسوفت مركز استخبارات التهديدات الذي يجمع الأفكار كما لو كان وكالة للأمن القومي..وتصنع شركات العملات المشفرة أموالها الخاصة مثل بنك احتياطي مركزي..وتتفوق محفظة الطاقة النظيفة لشركة أمازون على محافظ بعض البلدان..حتى انه تم استدعاء الرئيس التنفيذي لشركة ميتا بشكل روتيني للإدلاء بشهادته أمام الكونجرس ليقول أن أعماله تشكل مفتاحا للمنافسة الأميركية مع الصين وبالتالي ينبغي تركها دون مساس..كما تهيمن شركات على الكوابل تحت البحر والتي تعمل كنظام نقل لما يقرب من 99% من بيانات الأنترنت..بما في ذلك 10 تريليون دولار من المعاملات المالية اليومية والمعلومات الحكومية شديدة الحساسية..وقد اعترف مسؤول أمريكي رفيع بالقول أن معظم البنية التحتية الحيوية لدينا مملوكة ومدارة من قبل القطاع الخاص ولا تستطيع الحكومة الفيدرالية مواجهة هذا التحدي بمفردها..كما أصبحت الشركات الآن تجري تحليلات بيانات حاسمة عندما يتعلق الأمر بمسائل الدفاع والرعاية الصحية ومراقبة الحدود..وتتمتع أكبر شركات التكنولوجيا بثروات استثنائية إذ تبلغ القيمة السوقية لشركة مايكروسوفت 3.2 تريليون دولار أي أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا سابع أكبر اقتصاد في العالم..ونتيجة لهذا لا تجد هذه الشركات أي مشكلة في إنفاق مئات الملايين من الدولارات على مجموعات الضغط واللوبيات..ولأن الساسة وغيرهم من المسؤولين لديهم خبرة تقنية ضئيلة للغاية فإن ممثلي الشركات يمكنهم بسهولة تشكيل طريقة تفكيرهم بعد نجاحها في تنفيذ الإنقلاب التكنولوجي..وبالمثل استخدمت شركات التقنية أموالها لتأطير التعامل الجماعي العالمي مع صناعاتها من خلال الإستثمار في مراكز الفكر والمؤتمرات والمؤسسات الأكاديمية..وتتمثل قوة الشركات في تنظيمها الديناميكي الذي يتكيف مع المستجدات وتقدمها بخطوة في كل مرة..وقبل كل شيء احتكارها للمعلومات مما يترك الآخرين عالقين في عنق الزجاجة..