طبرق مدينة ساحلية تقع في أقصى الشمال الشرقي لليبيا، وتعتبر بوابة ليبيا الشرقية التي تبعد 140كم عن الحدود المصرية، وتبعد عن العاصمة طرابلس بمسافة تقدر بـــ 1500كم شرقا، وعن مدينة بنغازي بمسافة 460كم عبر الطريق الساحلي الليبي.
هي شبـــه جزيـــرة تحيط بالبحر المتوسط لمسافة 8كم تقريبا، تقابل جزيرة كريـت اليونانية، وتتميز بالمناظر الطبيعيـــة البحريــة والهضاب والخلجان، احتضنها البحر وعانقتها الصحراء، فالصحراء قلما تلتقي البحر، لكنها طبرق جامعة الأصالة وبوابة الخير، فمن يصل إلى طبرق، لا يغادرها أبداً إلا عند العودة إلى مدينته أياً كانت مدة الإقامة قصيرة أم طويلة، هي مدينة الثقافة والتراث والأصالة، التي يفتخر أهلها بتراثهم الأصيل وعاداتهم وتقاليدهم، مدينة تشتم فيها روح الوطن، وتعيش مع أهلها برباط النسيج الاجتماعي المميز.
مدينة استراتيجية يعرف أهميتها القاصي والداني، استهوت الكثير من الذين عرفوا أهميتها وقيمتها من الناحية الجغرافية، وتعتبر من أكثر المدن التي تضررت خلال الحرب العالمية الثانية في شمال أفريقيا، فقد كانت محط أنظار الدنيا عندما تحدى العالم بعضه بعضا، وغرفة العمليات أثناء الحرب العالمية الثانية، ومسرحاً عالمياً هاما لعمليات الحلفاء والمحور خلال الحرب، وعلى أرضها دارت معارك عالمية طاحنة بينهم، فأصبح اليوم تحديهم أطلالاً وبقيت طبرق كما هي، شامخة تطال عنان السماء، ومن شواهد هذه الحروب الدامية:
غرفة عمليات الحرب العالمية الثانية تحت الأرض، ومقر اقامة جنرال إرفين رومل Erwin Rommel الرئيسي والمخبأ الذي كان يدير منه معارك الحرب العالمية الثانية في شمال افريقيا.
مقابر لقتلـــــى الجنود خلال الحرب العالمية الثانية وعددها أربعــــة مقابر.
مقبرة عكرمة الحربية Knights bridge جسر الفرسان وتضم رفات جنود جيوش الحلفاء معظمهم من الإنجليز وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا.
مقبرة طبرق الحربية (كومنولث) Tobruk commonwealth cemetery وتضم رفات جنود جيوش الحلفاء واغلبهم من الجنود الاستراليين.
المقبرة الألمانية والتي تعرف بالقلعة وتضم رفات 6025 جنديا من جنود الجيوش الالمانية، بالإضافة إلى المقبرة الفرنسية.
المستشفى الأسترالي كرموسة اقويدر وهو مستشفى ميداني لإسعاف وعلاج جرحى الحرب الأستراليين.
قاذفة القنابل الطائرة الأمريكية Lady Be Good من طراز B-24 والتابعة لسرب قاذفات القنابل رقم 376 الأمريكي.
وهذه المعالم يقصدها كثير من السواح الأجانب وخصوصاً من الدول التي كانت طرفاً في هذه المعارك.
ولأن حكومات الدول المتحضرة دائما ما تخلد روادها وأبطالها وكل من ساهم في الرقي بالبلاد، الشيء الذي ينقص حكوماتنا المغلوبة على امرها، التي دائما ما تتأخر في الالتفات لكل من قام بجهد تجاه المجتمع والبلاد ككل، شيء يسيء لكل مبدع ومتفاني وبطل، والقوائم لدينا كثيرة.
من جديد الأستراليين قاموا بتخليد أسم طبرق المدينة الليبية المنسية، ليس لأن طبرق تعني لهم شيء، لكن تخليدا لجنودهم الذين شاركوا في أحداث الحرب العالمية ضمن دول الحلفاء.
ولأن هذه الدول تحترم شعوبها ومجتمعاتها وتحميهم. فالإنسانية لديهم منهج كبير.
خُلد أسم شجرة كرموسة أقويدر Fig Tree في معظم المدن الأسترالية، وتناول الكاتب والباحث والمؤرخ الأسترالي Peter John FitzSimons في كتاب حمل أسم طبرق TOBRUK تحدث فيه عن شجاعة وبسالة الجنود الاستراليين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، وأطلق اسم طبرق على عدة أماكن في الولايات الاسترالية.
واليوم يأتي دور البنك المركزي الاسترالي بوضع اسم مدينة طبرق المنسية على عملة أسترالية، عملة معدنية جديدة تخليدا لجنودهم (هم) وليس لشيء يتعلق بنا، لأن حكوماتنا هي من خذلت مجتمعنا وأساءت إليه نتيجة الأطماع، فحتى المبعوثين الذين أرسلتهم الأمم المتحدة أتفقوا على العبارة ذاتها تجاه المسؤولين لدينا، وهي (سرقة المال العام)، فالمسؤولين لدينا لا تهمهم مصلحة بلدهم بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية.
وها هي طبرق يوضع اسمها من قبل البنك المركزي الاسترالي على عملة معدنيه من فئة الــ 20 سنت وفئة الــ 50 سنت أصدرها في العام 2015 تخليدا لذكري انتصار قوات الحلفاء في مدينة طبرق الليبية.