استطلاعات

علي‭ ‬العباني‭ ‬شهادات‭ ‬وحقائق بوشناف‭: ‬العباني‭ ‬سـطوع‭ ‬الشمس‭ ‬اللليبية

لطالما‭ ‬كان‭ ‬العباني‭ ‬البقعة‭ ‬اللونية‭ ‬الفادحة‭ ‬الجمال،‭ ‬شكلتْ‭ ‬لوحاته‭ ‬ذاكرة‭ ‬بصرية‭ ‬مهمة‭ ‬لمرحلة‭ ‬زمنية‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭. ‬للعباني‭ ‬أصدقاءٌ،‭ ‬ومحبون‭ ‬بل‭ ‬ومريدون‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬فنه‭ ‬الجميل‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الفسحة‭ ‬أخذنا‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭ ‬للتاريخ‭ ‬وللمحبة‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬بين‭ ‬أصدقاء‭ ‬الجمال‭ ‬والفن‭ ‬الرفيع‭.‬

منصور‭ ‬بوشناف‭ ‬مسرحي‭ ‬و‭ ‬روائي‭ ‬

علي‭ ‬العباني‭ ‬سطوع‭ ‬الشمس‭ ‬الليبية‭ ‬مثلت‭ ‬تجربة‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬ركنًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬وتأصيل‭ ‬مغامرة‭ ‬الفنون‭ ‬التشكيلية‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬فهو‭ ‬الموهبة‭ ‬المبكرة‭ ‬والمتميزة‭ ‬منذ‭ ‬بداياته‭ ‬الأولى،‭ ‬ثم‭ ‬هو‭ ‬الدارس‭ ‬للفن‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬أكاديمياته‭ ‬بإيطاليا،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الفنان‭ ‬الشغوف‭ ‬بالحياة‭ ‬والجمال‭ ‬والتحديث‭.‬

استطاع‭ ‬العباني‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬ملامح‭ ‬فنه‭ ‬الخاصة‭ ‬مبكرًا‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬الارتباط‭ ‬بل‭ ‬والولع‭ ‬بالأرض‭ ‬والإنسان‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬فكان‭ ‬المشهد‭ ‬الريفي‭ ‬الليبي‭ ‬لوحته‭ ‬المتجدَّدة،‭ ‬كان‭ ‬سطوع‭ ‬الشمس‭ ‬الليبية‭ ‬وتموجات‭ ‬ألوان‭ ‬‮«‬مرتفعات‭ ‬ربات‭ ‬الجمال‮»‬‭ ‬كما‭ ‬اسماها‭ ‬‮«‬هيريدوت‮»‬‭ ‬بترهونه،‭ ‬ومسلاته‭ ‬ما‭ ‬فجر‭ ‬بهجة‭ ‬وأيضًا‭ ‬انفجارات‭ ‬لونية‭ ‬غاضبة،‭ ‬كانت‮ ‬‭ ‬انطباعية‭ ‬عبانية‭ ‬خاصة،‭ ‬مثلت‭ ‬في‭ ‬مغامرة‭ ‬البصر‭ ‬الليبي‭ ‬نقلة‭ ‬من‭ ‬رومانسية‭ ‬اللوحة‭ ‬الريفية‭ ‬والرعوية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬المشهد‭ ‬التشكيلي‭ ‬الليبي‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬اللون‭ ‬والموسيقى‭ ‬في‭ ‬اللوحة‭ ‬الليبية‭. ‬تشكل‭ ‬لوحة‭ ‬العباني‭ ‬البحث‭ ‬الدائم‭ ‬والمتكرَّر‭ ‬ومحاولة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الفردوس‭ ‬الضائع،‭ ‬إلى‭ ‬جوهر‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬مواطن‭ ‬‮«‬ربات‭ ‬الجمال‮»‬

العباني‭ ‬يرسم‭ ‬الفضاءات بصيغة‭ ‬جمالية

سالم‭ ‬التميمي‭ – ‬فنان‭ ‬تشكيلي

الفنان‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬الذي‭ ‬يعشق‭ ‬الفن‭ ‬كعشقه‭ ‬للحياة‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.. ‬عضو‭ ‬مؤسس‭ ‬لنادي‭ ‬الرسامين‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬وحضور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الحركة‭ ‬التشكيلية‮ ‬‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‮ ‬‭ ‬له‭ ‬الفضل‮ ‬‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬دعائم‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬فهو‭ ‬صديق‭ ‬وأخ‭ ‬وزميل‭ ‬سافرنا‭ ‬معا،‭ ‬وشاركنا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعارض‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬خارجية‭ ‬أم‭ ‬داخلية‭. ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬فنان‭ ‬مرهف‮ ‬‭ ‬الحس‭ ‬وفنان‭ ‬مبدع‮  ‬‭ ‬له‭ ‬أعمال‭ ‬كثيرة‭ ‬وله‭ ‬إسهاماته‭ ‬المتميزة‭ ‬ويعد‭ ‬احد‭ ‬ابرز‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬ومن‭ ‬الرواد‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬الليبي‮ ‬‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭ ‬شارك‮ ‬‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعارض‮ ‬‭ ‬الدولية‭ ‬والمحلية‭ ‬له‭ ‬خبرة‭ ‬فنيه‭ ‬وثقافيه‭ ‬انعكست‭ ‬على‮ ‬‭ ‬أعماله‮ ‬‭ ‬وعلى‭ ‬تجربته‭ ‬الفنيه‭ ‬المتفردة‭.‬

‭ ‬علي‭ ‬العباني‭. ‬يرسم‭ ‬الفضاءات‭ ‬ويعيد‮ ‬‭ ‬رسمها‭ ‬وتركيبها‭ ‬وفق‭ ‬روح‭ ‬الطبيعه‭ ‬يرسمها‭ ‬بكل‭ ‬حب‮ ‬‭ ‬وشاعريه‮ ‬‭ ‬من‭ ‬خلال‮ ‬‭ ‬اداة‭ ‬فنية‮ ‬‭ ‬ومقدرة‭ ‬واعيه‭ ‬فنيًا‮ ‬‭ ‬وتاريخيًا‭ ‬لوحات‭ ‬العباني‭ ‬زاخرة‭ ‬بعوالم‮ ‬‭ ‬شتي‭ ‬تتولد‭ ‬في‭ ‬تناسق‮ ‬‭ ‬يغدق‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬روحه‮ ‬‭ ‬فتتحول‭ ‬الي‭ ‬معان‭ ‬خصبه‮ ‬‭ ‬واحاسيس‭ ‬بي‭ ‬أسلوبه‭ ‬الخاص‭ ‬المميز‮  ‬‭ ‬يرسم‭ ‬الفضاءات‮ ‬‭ ‬بصيغة‭ ‬جمالية‮ ‬‭ ‬مزجت‭ ‬بين‭ ‬الأصالة‮ ‬‭ ‬والتحديث‮ ‬‭.. ‬فضاءات‭ ‬تعطينا‭ ‬انطباعاً‭ ‬بالرحابة‮ ‬‭ ‬والاتساع‮ ‬‭ ‬والامتداد‮  ‬‭ ‬أعمال‭ ‬العباني‮  ‬‭ ‬لوحات‭ ‬شاعرية‭ ‬حالمة‭. ‬شفافة‮ ‬‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الافتعال‭ ‬استطاع‭ ‬تحقيق‭ ‬روية‭ ‬متميزة‭ ‬وقدرة‭ ‬فائقة‮ ‬‭ ‬عاليه‮ ‬‭ ‬علي‭ ‬الأداء‭ ‬ومهارة‭ ‬في‭ ‬الرسم

محمد‭ ‬الزنتاني‭- ‬كاتب‭ ‬وقاص

علي‭ ‬العباني‭ ‬سيرة‭ ‬اللوحة،‭ ‬تجليات‭ ‬التشكيل

لوحة‭ ‬العباني‭ ‬،‭ ‬جذوة‭ ‬إبداع‭ ‬،‭ ‬تتّقد‭ ‬،‭ ‬تشع‭ ‬،‭ ‬تبهر‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬إنها‭ ‬،‭ ‬حبور‭ ‬وانتعاش‭ ‬،‭ ‬ألقُ‭ ‬وتألّق‭ !‬

لوحته‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬،‭ ‬احتضان‭ ‬للطبيعة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬جوهرها‭ ‬مديحُ‭ ‬للكون‭ !‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬أسرار‭ ‬في‭ ‬لوحاته‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬لوحات‭ ‬مترعة‭ ‬بالدهشة‭ ‬،‭ ‬مستنفرة‭ ‬للحواس‭ !‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬تقطيع‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬،‭ ‬يوجد‭ ‬انسياب‭ ‬مذهل‭ !‬

الخط‭ ‬المستقيم‭ ‬،‭ ‬مندغم‭ ‬لا‭ ‬يبين‭ ‬،‭ ‬والخط‭ ‬المنحني‭ ‬،‭ ‬يمتلك‭ ‬اللوحة‭ !‬

اللوحة‭ ‬،‭ ‬تتفرّد‭ ‬بالأفق‭ ‬المفتوح‭ ‬،‭ ‬والمدى‭ ‬اللا‭ ‬نهائي‭ ‬،‭ ‬وبراحها‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له‭ !‬

لوحته‭ ‬باتساع‭ ‬فضاءها‭ ‬،‭ ‬فسحة‭ ‬للبوح‭ ‬،‭ ‬وبخيلائها‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬الجموح‭ ‬والتمرّد‭ !‬

العباني‭ ‬يرسم‭ ‬بوجدانه‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬يشعّ‭ ‬الدفء‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬لوحاته‭ !‬

انفجار‭ ‬الألوان‭ ‬داخل‭ ‬لوحاته‭ ‬،‭ ‬يجسد‭ ‬هدير‭ ‬الأعماق‭ !‬

لا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬محايداً‭ ‬أمام‭ ‬لوحاته‭ ‬،‭ ‬إنها‭ ‬تأخذ‭ ‬بيدك‭ ‬وتدعوك‭ ‬للتأمّل‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬الاستشفاف‭ !‬

الهيكل‭ ‬العام‭ ‬للوحاته‭ ‬متجاوز‭ ‬للواقع‭ ‬بكثير‭ ‬،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخبر‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬ينثر‭ ‬إيحاءاته‭ !‬

الخطوط‭ ‬في‭ ‬لوحاته‭ ‬تتماوج‭ ‬،‭ ‬والألوان‭ ‬تصرخ،‭ ‬لكن‭ ‬بمرح‭ ‬

في‭ ‬لوحات‭ ‬العباني‭ ‬الأبيض‭ ‬،‭ ‬صفاء‭ ‬،‭ ‬صحو‭ ‬وتألّق‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬لمعانقة‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب‭  ‬الأزرق‭ ‬،‭ ‬شموخ‭ ‬وكبرياء‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬للإبحار‭  ‬البرتقالي‭ ‬،‭ ‬صهيل‭ ‬حصان‭ ‬جامح‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬للبوح‭  ‬الوردي‭ ‬،‭ ‬غيمةٌ‭ ‬مكتنزة‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬لهطول‭ ‬المطر‭  ‬الأحمر،‭ ‬شبقٌ‭ ‬حارق‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬لحرق‭ ‬الجسد‭ ‬الأصفر‭ ‬،‭ ‬صحارى‭ ‬تائهة‭ ‬،‭ ‬دعوة‭ ‬لانعتاق‭ ‬الروح‭  ‬العباني‭ ‬،‭ ‬يحتضن‭ ‬أحزان‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬ويحيلها‭ ‬إلى‭ ‬فرح‭ ‬آتٍ‭ ‬من‭ ‬عينه‭ ‬الراصدة‭ ‬المتألّقة‭ ‬،‭ ‬تنهمر‭ ‬على‭ ‬اللوحة‭ ‬نغمات‭ ‬البلوز‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬أصابعه‭ ‬الرشيقة‭ ‬وهي‭ ‬ترقص‭ ‬على‭ ‬اللوحة‭ ‬،‭ ‬تفوح‭ ‬موسيقى‭ ‬الجاز‭  ‬ضربات‭ ‬ريشته‭ ‬على‭ ‬اللوحة‭ ‬،‭ ‬طبول‭ ‬تهدر‭ ‬في‭ ‬أدغال‭ ‬أفريقيا‭ ! ‬لوحته‭ ‬،‭ ‬تهيج‭ ‬مخيّلتها‭ ‬بالشعر‭ ‬والرقص‭ ‬والغناء‭ ! ‬لوحته‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬لمخيلة‭ ‬ليبيا‭ ‬المذهلة‭  ‬لوحته‭ ‬،‭ ‬عبق‭ ‬تاريخنا‭ ‬وتجليات‭ ‬جغرافيتنا‭  ‬لوحته‭ ‬،‭ ‬تقول‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬القادم‭ ‬أفضل‭  ‬لوحته‭ ‬،‭ ‬شهاب‭ ‬يشق‭ ‬فضاء‭ ‬الحداثة‭  ‬العباني‭ ‬في‭ ‬ذاته‭ ‬،‭ ‬لوحةٌ‭ ‬آسرة‭ ! ‬

علي‭ ‬العباني‭ ‬،‭ ‬فنان‭ ‬تشكيلي‭ ‬عالمي‭ ‬،‭ ‬باقتدار‭  ‬لوحات‭ ‬تختزن‭ ‬ضوء‭ ‬البلاد

مفتاح‭ ‬الشريف‭- ‬فنان‭ ‬تشكيلي

في‭ ‬أعمال‮ ‬‭ ‬العباني،‭ ‬الطبيعة‭ ‬ليست‭ ‬موضوًعا‭ ‬بل‭ ‬إحساس،‭ ‬تنبسط‭ ‬عبر‭ ‬مساحات‭ ‬لونية‭ ‬هادئة‭ ‬ومفتوحة‭. ‬لوحاته‭ ‬تقول‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تصف،‭ ‬وتختزن‭ ‬ضوء‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬ضربات‭ ‬ريشة‭ ‬شفافة‭ ‬ما‭ ‬يعنيني‭ ‬في‭ ‬تجربته‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الانحياز‭ ‬للجو‭ ‬العام‭ ‬لا‭ ‬للتفصيل‭ ‬وللشعور‭ ‬الداخلي‭ ‬لا‭ ‬للمشهد‭ ‬الظاهري‭. ‬العباني‭ ‬لا‭ ‬يرسم‭ ‬الطبيعة،‭ ‬بل‭ ‬يستدعي‭ ‬أثرها‭ ‬في‭ ‬الروح‭.‬

لوحاته‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬الصمت‭ ‬البصري‭ ‬الذي‭ ‬يترك‭ ‬للمتلقي‭ ‬مساحة‭ ‬للتأمل‭ ‬والانجذاب‭ ‬الهادئ‭. ‬الفضاء‭ ‬المنعم‭ ‬بالحلم‭ ‬والسحب‭ ‬المغيمة

‭ ‬سعاد‭ ‬الشويهدي‭ – ‬فنانة‭ ‬تشكيلية

تعرفتُ‭ ‬على‭ ‬الفنان‭ ‬الاستاذ‭ ‬‮«‬على‭ ‬العبانى‮»‬‭ ‬فترة‭ ‬تأسيس‮ ‬‭ )‬دار‭ ‬الفنون‭( ‬فى‭ ‬طرابلس‭  ‬ليبيا‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬1992‭ ‬؛‭ ‬حيث‭ ‬كنا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفنانات‭ ‬والفنانين‭ ‬الذين‭ ‬أسستْ‭ ‬بهم‭ ‬دار‭ ‬الفنون‭ ‬كصرح‮ ‬‭ ‬مهم‭ ‬يخدم‭ ‬الفنون‭ ‬فى‭ ‬ليبيا‭ .‬

أثناء‭ ‬اشتغالنا‭ ‬فى‭ ‬المراسم‮ ‬‭ ‬المخصصة‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدار‭ ‬كانت‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬تقوم‭ ‬بزيارات‭ ‬متفرقة‭ ‬للاطلاع‭ ‬على‭ ‬أعمالنا‭ ‬وانتاجنا‭ ‬الفنى‭ ‬وايضا‭ ‬للتعارف‭ ‬كوننا‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬مشوارنا‭ ‬الفنى‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬ونسعى‭ ‬لإكتساب‭ ‬خبرات‭ ‬عملية‭ ‬و‭ ‬تطبيقية‭ ‬و‭ ‬ايضا‭ ‬خبرات‭ ‬تأتى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مخالطة‭ ‬فنانين‭ ‬رواد‭ ‬ومعايشة‭ ‬تجاربهم‭ ‬الفنية‭ ‬المهمة‭ .‬

فكانت‭ ‬زيارات‭ ‬الفنانين‭ ‬أمثال‮ ‬‭:‬

‭ ‬الفنانين‮ ‬‭ ‬محمد‭ ‬الزواوى،‭ ‬علي‭ ‬قانة،‭ ‬الطاهر‭ ‬المغربى‭ ‬رحمهم‭ ‬الله،‭ ‬والفنان‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬العبانى،‮ ‬‭ ‬فكانوا‭ ‬يدلوا‭ ‬بآرائهم‭ ‬وتوجيهاتهم‭ ‬لاعمالنا‭ ‬الفنية‭ .‬

أذكر‭ ‬ان‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬اهدانى‭ ‬تقويمًا‭ ‬سنويًا‭ )‬Calenar‭( ‬يشمل‭ ‬فنانين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬بلوحة‭ ‬بديعة‭ ‬تحمل‭ ‬طابعًا‭ ‬ثراتيًا‭ ‬ليبيـًا‭ ‬مميزًا‭ ‬معنونة‭ ‬تحت‭ ‬مثل‭ ‬شعبى‭ ‬يتداوله‭ ‬عامة‭ ‬الليبين‭ ‬والليبيات‭ ‬‮ ‬فى‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية‭ ‬وتحت‭ ‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬صعبة‭ ‬وهو‭ ‬المثل‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭:)‬حِمل‭ ‬الجماعة‭ ‬ريش‭(‬،‭ ‬كانت‭ ‬لوحة‭ ‬تعبيرية‭ ‬بألوان‭ ‬زاهية‭ ‬مخضبة‭ ‬ببهجة‭ ‬العمل‭ ‬بروح‭ ‬الجماعة‭ ‬والامتنان‭ ‬للارض‭ ‬المعطاة‭.‬

حقيقة‭ ‬اثارتنى‭ ‬اللوحة‭ ‬والالوان‭ ‬والفكرة‭ ‬كمنطق‭ ‬تشكيلى‭ ‬خاص‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬الفكرة‭ ‬ثم‭ ‬الاسلوب‭ ‬ثم‭ ‬التقنية‭ ‬يوصل‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬ذاتية‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬فقط‭ ‬تصورات‭ ‬وإنما‭ ‬تقود‭ ‬الى‭ ‬تجربة‭ ‬فنية‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬حدث‭ ‬فنى‭ ‬ثقافى‭.‬

هكذا‭ ‬قرأتُ،‭ ‬و‭ ‬اقرأ‭ ‬الفنان‭ ‬‮«‬العباني‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬فى‭ ‬معظم‭ ‬اعماله‭ ‬ظل‭ ‬مشدودًا‭ ‬الى‭ ‬تراث‭ ‬بلده‭ ‬والاستلهام‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬بطرق‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬استدعاء‭ ‬بالتذكر‭ ‬والذى‭ ‬هو‭ ‬طبيعى‭ ‬استدعاءً‭ ‬من‭ ‬المعايشة‭ ‬والذى‭ ‬مثل‭ ‬نموذجًا‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬الليبية‭ ‬متجلية‭ ‬فى‭ ‬بيئتها‭. ‬يختزل‭ ‬‮ ‬الفنان‭ ‬التشكيلى‭ ‬على‮ ‬‭ ‬العباني‭ ‬فى‭ ‬وجدانه‭ ‬الوان‭ ‬الطفولة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعمق‭ ‬بأشجار‭ ‬الزيتون‭ ‬و‭ ‬اللوز‭ ‬ولون‭ ‬الطين‭ ‬الاحمر‭ ‬‮ ‬الى‭ ‬الفضاء‭ ‬المنعم‭ ‬بالحلم‭ ‬والسحب‭ ‬المغيمة‭ ‬المعتقة‭ ‬و‭ ‬المخمرة‭ ‬بعذوبة‭ ‬الماء‭ ‬الممطر‭ ‬بطزاجة‭ ‬لذيذة‭ .‬

لوحاته‭ ‬فيها‭ ‬تقصٍ‭ ‬للطبيعة‭ ‬فى‭ ‬اطار‭ ‬جوى‭ ‬وفرت‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬التى‭ ‬تفرد‭ ‬بها‭ ‬وحده‭ ‬،‭ ‬مساحة‭ ‬رحبة‭ ‬للتعبير‭ ‬والإبداع‭ .‬

يبقى‭ ‬الفنان‭ ‬الاستاذ‭ ‬على‭ ‬العبانى‭ ‬اسمًا‭ ‬مميزًا‭ ‬رائدًا‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬التشكيل‭ ‬الليبى

علي‭ ‬العباني‭: ‬حين‭ ‬تسكب‭ ‬الروح‭ ‬ألوانها‭ ‬ضوءًا‭ ‬وحلمًا

رزان‭ ‬نعيم‭ – ‬قاصة‭ ‬وروائية

لكل‭ ‬أمة‭ ‬فنانون‭ ‬يختزلون‭ ‬ذاكرتها‭ ‬البصرية‭ ‬ويحفرون‭ ‬في‭ ‬وجدانها‭ ‬بصمة‭ ‬لونية‭ ‬لا‭ ‬تُمحى‭. ‬وفي‭ ‬ليبيا،‭ ‬يقف‭ ‬الفنان‭ ‬الرائد‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬شامخاً،‮ ‬‭ ‬قامة‭ ‬فنية‭ ‬استثنائية،‭ ‬لم‭ ‬تكتفِ‭ ‬ريشته‭ ‬بتوثيق‭ ‬الواقع،‭ ‬بل‭ ‬غاصت‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬الروح‭ ‬لتستخرج‭ ‬منها‭ ‬قصائد‭ ‬من‭ ‬ضوء‭ ‬وظل‭. ‬إن‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬أعماله‭ ‬يشبه‭ ‬الوقوف‭ ‬بجوار‭ ‬نافذة،‮  ‬‭ ‬تطل‭ ‬على‮ ‬‭ ‬فضاءات‭ ‬الحلم‭ ‬الرحبة‭ ‬وعلى‭ ‬العوالم‭ ‬الداخلية‭ ‬للإنسان‭. ‬فنان‭ ‬يمتلك‭ ‬توقيعاً‭ ‬لونياً‭ ‬فريداً،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬لوحاته‭ ‬هويات‭ ‬بصرية‭ ‬نتعرف‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نلمح‭ ‬اسمه،‭ ‬لأنها‭ ‬ببساطة،‭ ‬تشبه‭ ‬روحه‭.‬

إطلالة‭ ‬على‭ ‬أساليبه‭ ‬الفنية‭: ‬بين‭ ‬المادي‭ ‬والروحي

تنقلت‭ ‬تجربة‭ ‬علي‭ ‬العباني،‭ ‬المتكئة‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬أكاديمية‭ ‬رصينة‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬بين‭ ‬أساليب‭ ‬ومدارس‭ ‬فنية‭ ‬متعددة،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬محطات‭ ‬منفصلة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬فصولاً‭ ‬متصلة‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬فنية‭ ‬واحدة‭ ‬بطلها‭ ‬اللون‭ ‬ممتزجاً‭ ‬بالإحساس‭ ‬الجمالي‭. ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬مسارين‭ ‬رئيسيين‭ ‬في‭ ‬رحلته‭:‬

‮   ‬‭ ‬1‭. ‬الاحتفاء‭ ‬بالعالم‭ ‬الملموس‭: ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬يتجلى‭ ‬تأثر‭ ‬العباني‭ ‬بمدارس‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الانطباعية‭. ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يرسم‭ ‬الأشياء‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬بل‭ ‬كما‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭. ‬يحتفي‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬اليومية،‭ ‬بالأواني‭ ‬البسيطة،‭ ‬وبمشاهد‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الليبية،‭ ‬فيحولها‭ ‬عبر‭ ‬ضربات‭ ‬فرشاة‭ ‬جريئة‭ ‬ولون‭ ‬صريح‭ ‬إلى‭ ‬تكوينات‭ ‬درامية‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة‭. ‬هنا،‭ ‬يُظهر‭ ‬العباني‭ ‬براعته‭ ‬في‭ ‬التقاط‭ “‬روح‭” ‬المادة،‭ ‬جاعلاً‭ ‬من‭ ‬الإبريق‭ ‬أو‭ ‬قطعة‭ ‬الخبز‭ ‬موضوعاً‭ ‬يستحق‭ ‬التأمل،‭ ‬ورمزاً‭ ‬للكرم‭ ‬والحياة‭.‬

‮   ‬‭ ‬2‭. ‬التحليق‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الأثيري‭: ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يأخذنا‭ ‬فيه‭ ‬العباني‭ ‬إلى‭ ‬فضاءاته‭ ‬الحلمية‭ ‬الخاصة‭. ‬يترك‭ ‬هنا‭ ‬صخب‭ ‬الألوان‭ ‬الصريحة‭ ‬ليدخل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ ‬الروحاني‭. ‬بأسلوب‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬الرمزية،‭ ‬تتحول‭ ‬لوحاته‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد‭ ‬شبه‭ ‬سماوية،‭ ‬حيث‭ ‬الأشكال‭ ‬تذوب‭ ‬في‭ ‬الضوء،‭ ‬والحدود‭ ‬تتلاشى،‭ ‬والألوان‭ ‬تصبح‭ ‬ناعمة‭ ‬وهمساً‭ ‬بصرياً‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬يرسم‭ ‬العباني‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬العين،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬يستشعره‭ ‬القلب،‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬وجد‭ ‬صوفية،‭ ‬أو‭ ‬ذكريات‭ ‬ضبابية،‭ ‬أو‭ ‬رؤى‭ ‬روحانية‭ ‬خالصة‭.‬

الخيط‭ ‬الذهبي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬هذين‭ ‬العالمين‭ ‬هو‭ ‬سيطرته‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ “‬الضوء‭”‬،‭ ‬الذي‭ ‬يستخدمه‭ ‬مثل‭ ‬نحات‭ ‬يبني‭ ‬به‭ ‬كتله‭ ‬في‭ ‬عالمه‭ ‬المادي،‭ ‬أو‭ ‬موسيقي‭ ‬يعزف‭ ‬به‭ ‬أنغامه‭ ‬في‭ ‬عالمه‭ ‬الروحي‭.‬

قراءة‭ ‬في‭ ‬نموذجين‭ ‬من‭ ‬أعماله‭:‬

لفهم‭ ‬هذين‭ ‬العالمين،‭ ‬نقف‭ ‬أمام‭ ‬نموذجين‭ ‬يكشفان‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اتساع‭ ‬تجربة‭ ‬الفنان‭:‬

‭ ‬النموذج‭ ‬الأول‭:‬‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬صينية‭ ‬الشاي‮»‬‭ ‬الاحتفاء‭ ‬باليومي

في‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة،‭ ‬يأخذنا‭ ‬العباني‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬مشهد‭ ‬ليبي‭ ‬أصيل‭.‬‮ ‬‭ ‬نحن‭ ‬أمام‮  ‬‭ ‬طبيعة‭ ‬صامتة،‭ ‬ولكنه‭ ‬أضاف‭ ‬لها‮  ‬‭ ‬احتفالية‭ ‬لونية‭ ‬بالحياة‭. ‬الإبريق‭ ‬الأحمر‭ ‬القاني‭ ‬يتوسط‭ ‬التكوين‮ ‬‭ ‬بصفته‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬نارية،‭ ‬تنبثق‭ ‬منها‭ ‬طاقة‭ ‬دافئة‭ ‬تتناغم‭ ‬مع‭ ‬اللوان‭ ‬البراق‭ ‬للصينية،‮ ‬‭ ‬وتتباين‭ ‬بجرأة‭ ‬مع‭ ‬الظلال‭ ‬الزرقاء‭ ‬الباردة‭ ‬والخلفية‭ ‬الهادئة‭. ‬ضربات‭ ‬الفرشاة‭ ‬واضحة‭ ‬ومفعمة‭ ‬بالثقة،‭ ‬تبني‭ ‬الأشكال‭ ‬بقوة‭ ‬وتلتقط‭ ‬انعكاسات‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الزجاج‭ ‬والمعدن‭ ‬بلمسات‭ ‬خاطفة‭. ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬هي‭ ‬تجسيد‭ ‬لقدرة‭ ‬العباني‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬مشهد‭ ‬عادي‭ ‬وبسيط‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬يحمل‭ ‬دلالات‭ ‬الكرم‭ ‬والتواصل،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬الجمال‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬

النموذج‭ ‬الثاني‭:‬‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬نساء‭ ‬بملابس‭ ‬تقليدية‮»‬‮  ‬‭ ‬فضاء‭ ‬الحلم

هنا،‭ ‬نغادر‭ ‬عالم‭ ‬المادة‭ ‬لندخل‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬الحلم‭ ‬والروح‭. ‬أمامنا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشخوص،‮  ‬‭ ‬نساء،‭ ‬يلفهن‭ ‬بياض‭ ‬نوراني،‭ ‬وتتلاشى‭ ‬ملامحهن‭ ‬في‭ ‬وهج‭ ‬ذهبي‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬داخلهن‭. ‬الضوء‭ ‬هو‭ ‬البطل‭ ‬الحقيقي‭ ‬والموضوع‭ ‬الأساسي‭ ‬للوحة‭. ‬بأسلوب‭ ‬رائق‭ ‬ناعم،‭ ‬وحواف‭ ‬ضبابية،‭ ‬يرسم‭ ‬العباني‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬رؤيته‭: ‬الأرواح‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صلاة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬موكب‭ ‬سماوي‭. ‬هذه‭ ‬الشخوص‭ ‬المجهولة‭ ‬الهوية‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬رموز‭ ‬عالمية‭ ‬للنقاء،‭ ‬أو‭ ‬للتسامي،‭ ‬أو‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬المطلق‭. ‬إنها‭ ‬الترجمة‭ ‬البصرية‭ ‬الدقيقة‭ ‬لمفهوم‭ “‬النافذة‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬الحلم‭”‬،‭ ‬حيث‭ ‬يدعونا‭ ‬الفنان‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬حواسنا‭ ‬المادية‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬عبر‭ ‬الحدس‭ ‬والشعور‭.‬

من‭ ‬صخب‭ ‬إبريق‭ ‬الشاي‭ ‬الأحمر‭ ‬إلى‭ ‬صمت‭ ‬الشخوص‭ ‬النورانية،‭ ‬يأخذنا‭ ‬علي‭ ‬العباني‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬مدهشة‭ ‬عبر‭ ‬اتساع‭ ‬الروح‭ ‬الإنسانية‭. ‬إنه‭ ‬فنان‭ ‬الجدليات‭ ‬بامتياز؛‭ ‬فنان‭ ‬الأرض‭ ‬والسماء،‭ ‬الذاكرة‭ ‬والحلم،‭ ‬المادة‭ ‬والروح‭. ‬لقد‭ ‬أسس‭ ‬لنفسه‭ ‬مدرسة‭ ‬متفردة،‭ ‬لا‭ ‬بتكرار‭ ‬الأشكال،‭ ‬بل‭ ‬بعمق‭ ‬البصمة‭ ‬الشعورية‭ ‬التي‭ ‬يتركها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المتلقي،‭ ‬ليظل‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأعمدة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬عليها‭ ‬صرح‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬الليبي‭ ‬الحديث‭.‬

‭…..‬

العباني‭ ‬‮…‬‭ ‬فن‭ ‬ينبض‭ ‬بالحياة

د‭. ‬سعاد‭ ‬اللبة‭ – ‬فنانة‭ ‬تشكيلية

العباني‭ ‬قامة‭ ‬فنية‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‮ ‬‭ ‬وله‭ ‬حضور‭ ‬مميز‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬التشكيلية‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭.”‬

و‭ ‬مسيرته‭ ‬الفنية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬رحلة‭ ‬بصرية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬رحلة‭ ‬روحية‭ ‬عميقة،‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ضربة‭ ‬فرشاة‭ ‬حكمة‭ ‬وأمل‭ ‬وتفاؤل‭.‬

‭”‬وإبداعه‭ ‬المميز‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الفن‭ ‬الليبي‭ ‬والعربي،‭ ‬بل‭ ‬يمنح‭ ‬الإلهام‭ ‬والعشق‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتأمل‭ ‬أعماله،‭ ‬التي‭ ‬تأخذنا‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬الذكريات‭ ‬وتشعرنا‭ ‬باللحظة‭ ‬الحالية‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭.”‬

‭”‬عندما‭ ‬أتناغم‭ ‬مع‭ ‬لوحاته،‭ ‬أشعر‭ ‬بأن‭ ‬الألوان‭ ‬تتعانق‭ ‬مع‭ ‬الروح‭ ‬وتلامس‭ ‬الأعماق‭. ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة،‭ ‬يسعدني‭ ‬أن‭ ‬أحتفي‭ ‬بالفنان‭ ‬التشكيلي‭ ‬علي‭ ‬العباني،‭ ‬الذي‭ ‬نسج‭ ‬بأنامله‭ ‬عوالم‭ ‬من‭ ‬التجريد‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة،‭ ‬وأبدع‭ ‬لنفسه‭ ‬تكنيكًا‭ ‬خاصًا،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬أعماله‭ ‬تُعرَف‭ ‬من‮ ‬‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُقرأ‭ ‬توقيعه‭.”‬

وبكل‭ ‬احترام‭ ‬وتقدير،‭ ‬أقدم‮ ‬‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬التي‮ ‬‭ ‬تُجسّد‭ ‬ثراء‭ ‬روحه،‭ ‬وشفافية‭ ‬رؤيته‭ ‬الفنية،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تظلّ‭ ‬رحلته‭ ‬الإبداعية‭ ‬متألقة‭ ‬ومميزة‮ ‬‭ ‬كما‭ ‬عهدناها‭ ‬دائمًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى