عندما يسقط القناع وتبدأ الحرب

مرعي كان ينتظر الميراث كمن ينتظر فرَج الحكومة. حلم صغير كان يخبّيه في قلبه، إنه بعد ما يودّع أبوه وأمه وهذا سنة الحياة الحياة والموت يقنع نفسه بهذا الكلام فى ظل ظروف سيئة ، يرتاح شوي، يفتح دكان، يكمّل نص دينه، يمكن يشري سيارة من غير أقساط، أو حتى يركب سكوتر يختصر به طوابير الباصات. لكن يا فرحة ما تمّت… ما إن جفّت دموع الدفن، حتى بدأت دموع الطمع تسيل من عيون الأقارب. خواته، اللي كانوا طول عمرهم يقولوا: «الله غالب إحنا بنات، مالنا مكان في الحوش»، تحولن فجأة لمحاميات ومطالبات بحقوقهن التاريخية في كل غرفة وحيط وسقيفة.
حتى المتزوجات، اللي كنا يقولوا «نحنا ماشيات لرجالنا»، رجعن بوجوه جديدة، يبكين على «حقهن من بوهن»، واللي كان ميت من عامين في نظرهن، صار «بابا الغالي» على صور الفيسبوك. مرعي في لحظة فهم إنه مش بس الحوش مش ليه، حتى ذكرياته مش ملكه. حتى الصالون اللي تعلّم فيه يمشي، والزاوية اللي كان يسمع فيها إذاعة طرابلس ؛ صارمناطق نزاع قانوني.
«وهذي القطعة في الخلف؟»
«لا لا، هذي كانت مخططة تكون مشغل خياطة لأختي من قبل ما تموت الأم.»
«والسطح؟»
«من حقي نركّب فيه صحن «ستالايت»، نبي نعيش في الحوش بطريقة محترمة!»
مرعي ما قال شيء. بس قلبه بدأ يضرب مثل ساعة مهجورة. تذكّر كيف كان أبوه يطرد خواته لما يجوا يزوروه . هو كان يقول «حوش الرجال ما يدخله حد إلا بإذني»، ومرعي سكت. ما قالش كلمة، حتى لما شاف دموعهن.
والآن، نفس الخوات طالبين حقهن، مش بس بالحوش، حتى بالمفتاح.
مرعي كان ناوي يخطب بنت الجيران، لكنه فجأة ما قدرش يواجهها.
كيف يقولها إنه راقد في بيت مش بيته؟ كيف يقنعها تصبر عليه وهو ما يملكش حتى باب يسكّره على روحه؟
الغريب إن الجميع كان يعيّره ويقول له: « انت راجل، ما تبكيش»، لكن لما جا وقت الميراث، ما خلوشي ياخذ حتى مصروفه.
واحدة من الخوات قالت له بالحرف: «ما عاش فيه زمن يظلمنا فيه راجل، المساواة وصلت حتى للمفاتيح والقانون فى صفنا حوش بونا بنجو أمتا ما نبو «.
وفي وسط كل هذا، مرعي وقف في نص الحوش، تفرّج على الجدران، وقال في نفسه: «يا ريتني ورتث سيرة طيبة، أحسن من مراة ما فيها حتى ضلع مستقيم شامخات مانقدرش نقول معاهم كلمة
الحظ السئ حليفي حتى فى الأحلام المؤجلة .
عبير على