رأي

عن التعليم !

عبد الناصر شتيوي

يبدأ‭ ‬التلميذ‭ ‬يومه‭ ‬بحقيبة‭ ‬أثقل‭ ‬من‭ ‬أكتافه‭ ‬مكدسة‭ ‬بكتب‭ ‬وكراريس‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬ومناهج‭ ‬محشوة‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحتاجه‭ ‬في‭ ‬مستقبله‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجده‭ ‬اليوم‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مفتوح‭ ‬عبر‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬العناء‭ ‬جاءتْ‭ ‬مبادرة‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬بتوفير‭ ‬حقيبة‭ ‬مدرسية‭ ‬لكل‭ ‬تلميذ‮…‬‭ ‬لكنها‭ ‬مبادرة‭ ‬متأخرة‭ ‬جدًا،‭ ‬وكأنها‭ ‬محاولة‭ ‬لتغطية‭ ‬الشمس‭ ‬بالغربال‭.‬

ولا‭ ‬نقف‭ ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬فالمعلمون‭ ‬والمعلمات‭  ‬رغم‭ ‬عطائهم‭ ‬المتواضع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬مادية‭ ‬صعبة‭ ‬مطالبون‭ ‬أن‭ ‬يصنعوا‭ ‬المعجزات‭.‬

يضاف‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬التلميذ‭ ‬الذي‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يحقَّق‭ ‬نتائج‭ ‬عالية‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يستفيد‭ ‬حقًا‭ ‬من‭ ‬جلوسه‭ ‬صباحًا‭ ‬ومساءً‭ ‬صيفًا‭ ‬وشتاءً‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬يثقل‭ ‬كاهله‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬ينفعه‭.‬

أما‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬فينفقون‭ ‬من‭ ‬قوت‭ ‬يومهم‭ ‬على‭ ‬الحصص‭ ‬والدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬حتى‭ ‬غابت‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬مجاني‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التعليم‭ ‬مجانيًا‭ .‬

وسط‭ ‬هذه‭ ‬الدوامة‭ ‬صار‭ ‬لزامًا‭ ‬على‭ ‬التلميذ‭ ‬وولي‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يبحثا‭ ‬عن‭ ‬تكوين‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭ ‬مع‭ ‬المعلمين‭ ‬والمعلمات‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬وضمان‭ ‬بعض‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬التعليم‭ ‬مؤسسة‭ ‬عادلة‭ ‬للجميع‭ ‬لا‭ ‬شبكة‭ ‬علاقات‭ ‬شخصية‭.‬

أليس‭ ‬الأجدر‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬التعليم‭ ‬عندنا؟

أن‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬الثانويات‭ ‬التخصصية‭ ‬التي‭ ‬تفتح‭ ‬أمام‭ ‬الطالب‭ ‬الطريق‭ ‬في‭ ‬مجاله‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬مبكر؟

أن‭ ‬نوفر‭ ‬مناهج‭ ‬واقعية‭ ‬وخفيفة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقيبة‭ ‬المنفوخة‭ ‬التي‭ ‬تختصر‭  ‬صورة‭ ‬تعليم‭ ‬يرهق‭ ‬ولا‭ ‬يبني؟

العالم‭ ‬يتغير‭ ‬بسرعة‭ ‬ونحن‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬بين‭ ‬حقيبة‭ ‬التلميذ‭ ‬الثقيلة‭ ‬وعطاء‭ ‬معلم‭  ‬يحتاج‭ ‬للتعلم‭ ‬وولي‭ ‬أمر‭ ‬مرهق‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نقترب‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬حقيقي‭.‬

عبد‭ ‬الناصر‭ ‬شتيوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى