عن المندوب الدولي والسلطة
أمين مازن
إن حرص المندوب الدولي للأمم المتحدة في بلادنا على استهلال مباشرة مهمته بمقابلة جميع أطراف الصراع في مراكز وجودهم الرسمي يحمل رسالة من المجتمع الدولي، حَرِيٌ بالأطرافزر المشار إليها أن تعيها و ترعاها حق رعايتها و تدرك بأقوى العزائم المؤمنة بألّا سبيل عنها للخروج من مأزقنا الذي طال أجله و تضاعفت خسائره, و صار لزاماً أن يُصار في سبيل حله و درئ مخاطره إلى ما هو أشد مساساً بسيادتنا إذا لم نضع حداً لما ظل يخامر الكثيرين عندنا من وهم الإنفراد بالسلطة، اعتماداً على ما يتلقاه من دعم الآخر لسبب بسيط هو أن هذا الآخر ليس وحده و أن كل وهم كل وهم يخامر نفوس البعض يوجد مثله و ربما ضعفه لدى الآخر, مما يعني أن الجلوس على الطاولة هو النهاية التي لا مهرب منها، و السبيل الذي لا بد من ولوجه، و ما عدا ذلك ليس أكثر من هدر للوقت و الجهد و في النهاية المال، و إن خيل للبعض أن ما يتم نهبه قد يكون كسباً مجزياً، و إذا كانت الظروف قد شاءت أن يتزامن قدوم هذا المندوب و توجيهه لهذه الرسالة مع فراغ لجنة الحوار من تسمية مجلس الرئاسة، و رئاسة الحكومة التي اصطلح الكثيرون على تسميتها بحكومة الوحدة الوطنية، و المرتبطة إجمالاً بمؤتمر برلين و من ثم جينيف و المرتكزة إجمالاً على توزيع السلطة و الثروة، بين مكونات ليبيا الثلاث و الذي لا سبيل إليه إلا بحكومة محكمة العدد و التنوع و المنظور الوطني الذي لا يرى في التحاصص توزيعاً للغنائم و لا مساعدة للتُبَّع و لا تسابقاً في الصرف و المهام و المزايا، و إنما ذلك الذي يؤمن بأن المرحلة تبدأ بالحد من النزيف المالي ليس فقط بالتوقف عن التعيين الجديد و إنما دمج القديم و الإدراك بأن من يخرج من الحرب ليس له إلا أن يحد من الشهوات و يقدم الضروريات و التي تبدأ من الصحة و الطاقة و الغذاء و الأمن و الدفاع و إشاعة روح التسامح، و الحذر من المراهنة على استغلال بعض الإستحقاقات في تضييع الوقت و التمهيد للتأجيل عبر مبرر الإستفتاء و ما يحتاجه من مدة تنبّه إلى الحذر منها بوعي رئيس المفوضية العليا للإنتخابات، و هو يرجح تعديل الإعلان الدستوري و الإكتفاء بلجنة فبراير حالة ما إذا حلا للبعض تسخير الإنقسام للتأجيل و الذي شرع البعض في استحياء للتلويح به، مرة بأن القرار الدولي ليس قرآناً و أخرى اتخاذ الجدية مبرراً لمثل هذا التوجه، لولا أن المندوب الدولي و كذا السكرتير العام للأمم المتحدة اعتبرا خريطة الطريق خطاً أحمر، و من المؤكد أن البدائل موجودة، و إذا كنا من الذين يرون في انبعاث مجلس الرئاسة و تسمية رئيس الحكومة و انطلاق الجميع نحو شرق البلاد و منهم المندوب الدولي و بعض التصريحات المعبرة عن الإمتنان للإختيار و كذلك البداية التي شرع بها الجميع أداءهم، أما تزامن ذلك مع بداية العقد الثاني للسابع عشر من فبراير و بغُرَّة رجب الحرام، فمما يضاعف من المشاعر الروحية التي كثيراً ما هيأت لها الكِن الذي لا نجد في غيره مأوى و لا سيما زوابع الربيع العربي التي لا تقف مرة لولا ألطاف الله و رحمته التي وسعت كل شيء، فجعلت كل صعب سهلاً و كل يأس أملا.