
البيئة .. شهود عيـــــــــــــــــــان .. طبيعة النيران
تم إعداد هذا التقرير بناءا على قيامي بجولة ميدانية وتحقيق شامل حول سلسلة الحرائق التي اندلعت في مدينة الأصابعة والتي فاق عدد المنازل المتضررة جراء هذه الحرائق «150» منزلاً حتى هذا التاريخ 27.02.2025 حيث تم تنفيذ جولة استقصائية لمدة يومين متتاليين بهدف فحص أماكن اندلاع الحريق والبيئة المحيطة لها وجمع المعلومات من الشهود العيان وأصحاب المنازل المتضررة وتحليل طبيعة النيران وأماكن اندلاعها .. وذلك لمعرفة وتحديد الأسباب المحتملة لهذه الحوادث واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد منها وتفادي تكرارها.
تنويه_مهم:
هذا التقرير يعكس تحليلي الشخصي القائم على خبرتي المتواضعة في التحقيق في الحوادث وتحليلها .. كما ان هذا التقرير لا يمثل بأي شكل من الأشكال أي جهة رسمية في الدولة الليبية وإنما هو نابع من إحساسي بالمسؤولية ووطنيتي ورغبتي في المساهمة في كشف الحقائق لضمان سلامة أهلنا في مدينة الأصابعة.
أولًا: الفحص الميداني ورصد الغازات:
تم استخدام أجهزة الكشف عن الغازات لرصد الغازات في مختلف المواقع بما في ذلك:
الأماكن التي تعرضت للحرائق.
المناطق المنخفضة.
شبكات الصرف الصحي.
المناطق المحيطة بمواقع الحريق كالمزارع والشوارع.
النتائج:
لم تُسجل أي قراءات تدل على وجود غازات قابلة للاشتعال في أي من هذه المواقع بما في ذلك المنازل مما يؤكد عدم وجود أي تسرب لغازات من باطن الأرض أو تكوّن غازات في الجو يمكن أن تكون سببا في اندلاع هذه الحرائق.
ثانياً: استبعاد العلاقة بين التوصيلات الكهربائية والحرائق:
تم التحقق من جميع العوامل والتوصيلات الكهربائية المحتملة التي قد تؤدي إلى اندلاع الحرائق بما في ذلك التوصيلات الكهربائية والأجهزة الكهربائية والأحمال الزائدة وغيرها من العوامل الأخرى.
النتائج:
لم يتم العثور على أي دليل يشير إلى أن الحرائق ناتجة عن ماس كهربائي أو أي خلل كهربائي آخر. كما تم تفنيد هذه الاحتمالية أو الفرضية بإندلاع حرائق في بعض المنازل التي كانت غير موصلة بالكهرباء من الأساس و في أماكن لا تحتوي على أي مصادر كهربائية قريبة منها. كما لم يتم تسجيل أي حادثة احتراق مرتبطة بالأجهزة الكهربائية أو التوصيلات الكهربائية.
بناءا على ذلك فقد تم إستبعاد أي علاقة للكهرباء أو الأجهزة الكهربائية بهذه الحرائق بشكل قاطع.
️ثالثاً: شهادات الشهود وتحليل طبيعة الحريق:
في هذا الجانب قمتُ بمقابلة الشهود العيان وأصحاب المنازل المتضررة وطرح أسئلة دقيقة حول طبيعة النيران وطريقة اشتعالها وأماكن اندلاعها والمواد المساعدة في الاشتعال ووقت حدوثها وهل توجد إصابات بشرية خطيرة أو بسيطة.
النتائج:
لم تُسجل أي إصابات بشرية مباشرة نتيجة للحريق ولله الحمد .. بإستثناء بعض الحالات التي تعرضت لإختناق بسبب إستنشاق غاز أول أكسيد الكربون «Co» الناتج عن الحرائق أثناء محاولات الإطفاء وإخراج بعض الآثاث من المنازل من قبل المواطنين.
اندلعت بعض الحرائق على الجدران مباشرة دون وجود مواد قابلة للاشتعال في محيطها كما موضح في احدى الصور المرفقة.
تم تسجيل حالات اشتعال في أماكن صغيرة جدا ومواد منزلية مثل فرش الطعام المعروفة بالبخشة وكذلك الشنترو الخاص بالمطابخ.
اشتعلت النيران في الملابس داخل دولاب مغلق دون احتراق الدولاب نفسه وكذلك اشتعلت في وسادة داخل الدولاب.
أكد الشهود أن ألسنة اللهب ظهرت بشكل دائري ولونها لون النيران الطبيعي والمتعارف عليه مع وجود دخان كثيف في بعض الأحيان.
بعض الآثاث الذي تم إخراجه إلى فناء المنازل اشتعلت فيه النيران بشكل تلقائي بعد ان تم إخراجه من داخل المنزل وابعاده عن أماكن اندلاع الحريق خوفا من تكرار الحريق مرة اخرى داخل المنزل.
رُصدت حرائق اندلعت مباشرة على البلاط «الزلّيز» دون وجود اي مواد قابلة للاشتعال في الغرفة مثل الآثاث أو الفرش وفي بعض الحالات اندلعت النيران في الطابق الثاني دون أن تشتعل في الطابق الأرضي وهذا ما يُفند وجود تسرب للغاز في المكان.
توقيت معظم الحرائق خلال فترات المساء يزيد من الغموض حول طبيعتها مع وجود بعض منها في فترة الصباحية.
رابعاً: التفسير والتحليل الأولي:
بناءا على جميع المعلومات التي تم جمعها لم يتم العثور على أي دليل علمي أو تقني يثبت أن الحرائق ناتجة عن غازات قابلة للاشتعال أو عن أسباب كهربائية.
جميع المعطيات التي تم جمعها لا توحي بوجود أي دليل علمي أو تقني يثبت وجود غازات قابلة للاشتعال كانت سببا في اندلاع هذه الحرائق .. وبالنظر إلى طبيعة الحرائق التي اشتعلت في أماكن منها كانت غير منطقية وبدون وجود أي مصدر واضح .. فإن التفسير المنطقي لهذه الظاهرة يظل غامضا .. وهو ما يفتح الباب أمام فرضيات أخرى منها التفسيرات الغير مادية المتعلقة بمردة الجان ولهذا نوصي بالتعاون مع الجهات المختصة مثل مشايخ برنامج«حصين» للتحقيق في البعد غير المادي لهذه الحرائق.
خامساً: التوصيات والإجراءات المقترحة:
المراقبة المستمرة باستخدام أجهزة الكشف عن الغازات:
يجب وضع أجهزة كشف الغازات في المواقع التي شهدت أكبر عدد من الحرائق وتركها لمدة تتراوح بين يومين إلى ثلاثة أيام مع مراقبة القراءات بشكل مستمر .. تسجيل أي ارتفاع غير طبيعي في تركيز الغازات وتحليل نتائجه.
تعزيز المراقبة الأمنية والبصرية:
تركيب كاميرات مراقبة عالية الجودة «بانوراما» في الأماكن التي تكررت فيها الحرائق ومراجعة تسجيلات الكاميرات عند حدوث أي حريق جديد لتحديد الأسباب المباشرة واستبعاد أي فعل متعمد «لإستبعاد احتمالية فعل فاعل».
تحليل العينات من مواقع الحرائق:
أخذ عينات من بقايا المواد المحترقة من قبل الجهات المختصة وإجراء فحوصات مخبرية لمعرفة تركيبها الكيميائي وتحديد ما إذا كانت هناك مواد غير طبيعية ساهمت في اندلاع الحرائق.
تعزيز إجراءات الوقاية والإستجابة السريعة:
توفير إسطوانات الإطفاء المحمولة والمجرورة لسكان المنطقة لإستخدامها فور اندلاع الحريق لمكافحة الحريق في بدايته الى حين وصول فرق الإطفاء والإنقاذ مع توعية المواطنين حول كيفية التصرف في حال حدوث حريق والتواصل الفوري مع فرق الإطفاء .. كما يجب توفير ممرات ومسارات آمنة وخالية من اي عراقيل لتسهيل عملية وصول فرق الاستجابة والطوارئ كسيارات الإطفاء والإسعاف الى مكان الحريق.
إشراك الجهات المختصة في التحقيقات:
التعاون مع الجهات المختصة بما في ذلك الخبراء في مجال العلوم الطبيعية لمعرفة الأسباب الفعلية لهذه الحرائق وإشراك الجهات الأمنية والبحثية لإستكمال التحقيقات والوصول إلى نتائج مؤكّدة.
ملاحظة مهمة:
بالرغم أنه الى هذه اللحظة قد تم تسجيل أكثر من «150» منزلا قد تضرروا جراء هذه الحرائق وهذا مما يعكس حجم هذه الظاهرة وانتشارها في أنحاء المدينة .. ومع هذا فإنه ولله الحمد لم تُسجل أي إصابة بشرية واحدة حتى ولو بحروق طفيفة على الرغم من العدد الكبير للحرائق بإستثناء حالات الإختناق بسبب الدخان الكثيف فقط .. عليه فإن هذا الأمر يثير الإستغراب .. حيث إنه من النادر أن تحدث مثل هذه الحرائق دون وقوع أي إصابات ولو كانت طفيفة بين السكان«عامة الناس» أو حتى بين فرق الإطفاء والمتطوعين مما يثير تساؤلات كثيرة حول طبيعة هذه الظاهرة.
وبالإضافة الى ما ذكر أعلاه الأمر الأكثر غرابة هو أن جميع الحرائق اندلعت بشكل حصري في منازل المواطنين فقط دون أن تطال المحال التجارية أو المباني العامة أو حتى الأراضي المفتوحة كالمزارع وغيرها مما يجعل هذه الظاهرة غير مسبوقة وتستدعي تحقيقا دقيقا لكشف ملابساتها.
وبالنظر إلى طبيعة هذه الحرائق الغامضة التي لا تتوافق مع الأسباب التقليدية المعروفة .. ولهذا السبب أوصي بأن لجنة «حصين» هي الجهة الأقرب للتحقيق في هذه الظاهرة واتخاذ ما يلزم لمعرفة الأسباب خاصة إذا كانت تتعلق بأمور غيبية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .. ومن بينها احتمال ارتباطها بمردة الجان. لذا فإن دور اللجنة في هذا الشأن ضروري للوصول إلى تفسير واضح واتخاذ التدابير المناسبة لحماية الأهالي من تكرار هذه الحوادث.
الخلاصة:بعد إجراء جميع التحقيقات وجمع الإستدلالات وشهادات الشهود وتحليل المعطيات العلمية يمكن التأكيد عن عدم وجود أي دليل علمي يثبت أن الحرائق ناتجة عن تسرب غازي أو عن أسباب كهربائية أو عن طريق فعل فاعل مما يجعل أسبابها الحقيقية غير واضحة حتى هذه اللحظة .. بناءا على ذلك أُوصى بمواصلة التحقيقات بالتعاون مع لجنة حصين واتخاذ جميع التدابير الممكنة للحد من هذه الظاهرة وضمان سلامة المواطنين بمدينة الأصابعة
لم تسجل أي قراءات تدل على وجود غازات قابلة للاشتعال
اشتعلت النيران في الملابس داخل دولاب مغلق دون احتراق الدولاب نفسه