عن يوسف الشريف أحدثك 1/3.. للكاتب جمعة عتيقة
أبدأ معكم مواصلة هذه السلسلة من المقالات حول شخصيات عرفتها و تأثرت بها و شكلت بصماتها حيزاً في سنوات و بواكير الوعي و التكوين و ما بعدها، كنت قد بدأت هذه السلسلة على صفحات موقع ليبيا المستقبل، الذي شكل حلقة مضيئة في مسيرة الاعلام الليبي ذو اللون و الطعم المتميز، تناولت فيها عدداً من اعلام الوطن.
واليوم اواصل معكم حديثي عن ثلة أخرى ممن كان لي شرف التعرف بهم شخصياً و عن قرب.. و اكرر الملاحظة التي أوضحت فيها انني هنا لا أؤرخ لهذه الشخصيات و لا اكتب سيرتهم و لكنني اجعل ارتباطي الشخصي بهم هو مصدر المعلومة و الفكرة و التناول، فانا احدثكم عنهم من واقع معرفتي الشخصية بهؤلاء و ما شدني اليهم و ما دفعني للكتابة عنهم..
و في هذه الحلقة سأحدثكم عن (يوسف الشريف) الكاتب و القاص و الناقد و صاحب موسوعات في ادب الأطفال، هو يوسف الذي تعرفونه من خلال اسهاماته الرائدة وممارساته الناصعة و مواقفه المميزة. عرفت يوسف الشريف في منتصف ستينات القرن الماضي و تحرياً للدقة أقول انها معرفة عن بعد.. كنت قد قرأت انتاجه و بالتحديد مجموعته القصصية الأولى (الجدار) الفائزة في مسابقة لجنة رعاية الفنون و الآداب التي كان يرأسها المرحوم شيخ الادباء على مصطفى المصراتي.. أما عن المكان الذي بدأت فيه مصافحة ملامح و كينونة يوسف الشريف فقد كان (بمقهى جنان النوار) معية ثلة من رفاقه لم يفارقهم و لم يفارقوه الا بعد ان فارقوا جميعاً الحياة، و من بقي منهم لا زال مرتبطاً وجدانياً و فكرياً و ثقافياً .. كان هناك (أمين مازن) «أمد الله في عمره» و بشير القنين، محمد الزوي، مختار الزروق، كامل عراب و محمد كشلاف، كنت اشاهدهم في المقهى الذي ذكرت و بعد ذلك في ورشة «نوري» بشارع الوادي، بعين الاعجاب و الافتخار خاصة و انهم كانوا فرسان صفحات الصحف و ميادين الثقافة و احسب اني كنت متابعاً يافعاً متطلعاً لفهم روعة الحرف (الذي يضع للإنسان سلم) .. كانت اشرعة مركب الوطن مشرعة و مبحرة نحو عين الشمس.. و كان الامل يغزل بمغازل المثابرة و المعاناة و التطلع قبل ان تهب رياح (الخماسين) الجدباء (1969) و تغيّر المشهد ليخط لوحة للوطن خطوطها تماوجات شكلت سنوات التربص و الألم و قليل من الامل.