رأي

فخ الدخل الواحد!

هاشم شليق

غالبية‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب‭ ‬تنجذب‭  ‬لدافع‭ ‬جني‭ ‬المال‭ ‬قبل‭ ‬حتى‭ ‬استكمال‭ ‬دراستهم‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬ثقافة‭ ‬الإنفتاح‭ ‬والتريند‭ ‬والمقارنة‭ ‬بالغير‭..‬وعجز‭ ‬الأسرة‭ ‬عن‭ ‬ملاحقة‭ ‬متطلباتهم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اصبحت‭ ‬فيه‭ ‬الكماليات‭ ‬ضروريات‭..‬فالشواهد‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬دخول‭ ‬الطلاب‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الخاص‭ ‬والخفيف‭ ‬مثل‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭..‬مما‭ ‬قلل‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭..‬كما‭ ‬اكسبهم‭ ‬شعورا‭ ‬بالحرية‭ ‬والاستقلالية‭ ‬والاطمئنان‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬مصروف‭ ‬جيب‭..‬ولما‭ ‬لا‭ ‬تجنب‭ ‬محدودية‭ ‬عوائد‭ ‬الوظيفة‭ ‬مستقبلا‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الأخيرة

إن‭ ‬الأمن‭ ‬الوظيفي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬مؤكد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حدوث‭ ‬حالات‭ ‬ركود‭  ‬​​كل‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬تقريبا‭..‬وعدم‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬أصلا‭  ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬التعيين‭ ‬وسداد‭ ‬الرواتب‭..‬فالشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬الغنية‭ ‬نفسها‭ ‬قامت‭ ‬بتسريح‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬مثل‭ ‬أمازون‭ ‬وسيلزفورس‭ ‬وفيسبوك‭..‬فما‭ ‬بالك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العدد‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬ورصد‭ ‬لهم‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة‭..‬كما‭ ‬أن‭ ‬عمل‭ ‬الشاب‭ ‬يجعل‭ ‬منه‭ ‬خبيرا‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬جديدة‭ ‬بإستمرار‭..‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬وقاية‭ ‬اقتصادية‭ ‬ترفع‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإدخار‭ ‬والإستثمار‭ ‬وامتلاك‭ ‬رأسمال‭ ‬مناسب‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬الفرد‭..‬بدلا‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬قادم‭ ‬مجهول‭ ‬ماديا‭ ‬وغامض‭ ‬استقرارا‭..‬وذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباه‭..‬والمعنى‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬ثقافة‭ ‬مجتمعية‭ ‬اقتصادية‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬دعم‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭..‬وكل‭ ‬ماسبق‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬إتجاه‭ ‬مواجهة‭ ‬العصر‭ ‬بأدوات‭ ‬وآليات‭ ‬جديدة‭..‬ويظل‭ ‬دائمًا‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الإقتصادي‭ ‬هو‭ ‬الأسرة‭..‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مايقرب‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تكون‭ ‬متعثرة‭ ‬ماليا‭ ‬لإعتمادها‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬واحد‭..‬لكن‭ ‬تظل‭ ‬هي‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬عندما‭ ‬يعمل‭ ‬جل‭ ‬أفرادها‭..‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬توجه‭ ‬لإستغلال‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬الوطن‭ ‬الأول‭..‬وبإسقاط‭  ‬إقتصاد‭ ‬الفرد‭ ‬والأسرة‭ ‬على‭ ‬إقتصاد‭ ‬الدولة‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭  ‬بين‭ ‬ضخامة‭ ‬الدخل‭ ‬وتعدد‭ ‬مصادره‭..‬أي‭ ‬إيرادات‭ ‬النفط‭ ‬وتنويع‭ ‬اقتصاده‭..‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬خبراء‭ ‬أن‭ ‬تنويع‭ ‬الدخل‭ ‬يمنح‭ ‬ضمانا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬مصدر‭ ‬واحد‭ ‬مهدد‭ ‬بالإنقطاع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭..‬وربما‭ ‬كمقاربة‭ ‬نجد‭ ‬مديرو‭ ‬الشركات‭ ‬والموظفون‭ ‬الكبار‭ ‬يستلمون‭ ‬رواتب‭ ‬ضخمة‭ ‬لكن‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬وصغار‭ ‬التجار‭ ‬يملكون‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬متعددة‭..‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬المرء‭ ‬عاطلا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬وقوعه‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬حقيقية‭ ‬حين‭ ‬يخسر‭ ‬فجأة‭ ‬راتبه‭ ‬الوحيد‭..‬ويفقد‭ ‬الآخر‭ ‬أكبر‭ ‬دخل‭ ‬لديه‭ ‬لكنه‭ ‬لايزال‭ ‬يملك‭ ‬مصادر‭ ‬موازية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬خبرته‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬العملية‭ ‬وإيجاد‭ ‬إيرادات‭ ‬جديدة‭..‬فكلما‭ ‬تعددت‭ ‬المصادر‭ ‬ارتفع‭ ‬احتمال‭ ‬نجاح‭ ‬أحدها‭..‬إذن‭ ‬الإعتماد‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬دخل‭ ‬واحد‭ ‬ماهو‭ ‬إلا‭ ‬فخ‭..‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مناخ‭ ‬اقتصادي‭ ‬غير‭ ‬مضمون‭..‬في‭ ‬حين‭ ‬إن‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬المتعددة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬شبكة‭ ‬أمان‭..‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الصعوبات‭ ‬المالية‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬المساس‭ ‬بمصدر‭ ‬واحد‭..‬أي‭ ‬كمن‭ ‬يضع‭ ‬كل‭ ‬البيض‭ ‬في‭ ‬سلة‭ ‬واحدة‭..‬ويظل‭ ‬تنوع‭ ‬المصادر‭ ‬هو‭ ‬احتواء‭ ‬للإقتصاد‭ ‬المعاصر‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭..‬مثلما‭ ‬هي‭ ‬التكتلات‭ ‬والتجمعات‭ ‬والثنائيات‭ ‬القارية‭ ‬والإقليمية‭..‬حيث‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يساهم‭ ‬بما‭ ‬عنده‭..‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬إيداع‭ ‬المواطنين‭ ‬لتبرعات‭ ‬لصالح‭ ‬حساب‭ ‬مصرفي‭ ‬يتبع‭ ‬مستشفى‭ ‬خيري‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭..‬فقد‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭ ‬الإقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬ذو‭ ‬القطب‭ ‬الواحد‭..‬مثل‭ ‬انسحاب‭ ‬الكاش‭ ‬أمام‭ ‬السحب‭ ‬ببطاقة‭ ‬الرصيد‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى