
مرزوق تحت شمس الصحراء الساحقة سارت القافلة للأمام ببطء وعناد احترقتْ الرمالُ مثل الجمر، وتتبعت خطى الجمال آثار طويلة زوالية عبر المحيط الذهبي. منذ رحيل مرزوق مدينة قافلة بالأزقة الصاخبة، يوسف يتبع القدماء بمزيج من التعب والعجب.
“ابتهج يا ولدي” قال له عبد الله قائد القافلة وهو يمده فوق الماء. )الصحراء ليست مجرد اختبار، إنها أيضا سيد.(.. )لو عرفت تسمعله هيعلمك تمشي من غير ما تخسر نفسك(.
في الليل، حل البرد محل الحرارة الملتهبة. تحت سماء مليئة بالنجوم، أشعل المسافرون النار.
هناك تحدث رواة القصص: تحدثوا عن الطرق القديمة التي مرت فيها القوافل المحملة بالملح والذهب، والعباقرة غير المرئيين الذين سكنوا الكثبان الرملية، والأجداد الذين نجوا من خلال شجاعتهم وتضامنهم.
بعد ثلاثة أيام من المشي ظن يوسف أنه رأى شيئاً يلمع في المسافة أولاً يفكر في سراب مثل أولئك الذين يخدعون المسافرين ولكن شيئاً فشيئاً، أصبحت الملامح واضحة: أشجار النخيل، الماء اللامع، المأوى. واحة.
حصل الرجال على صيحات من الفرح. تسارعت الإبل وكأنها أدركت الوعد بالراحة تحت أشجار التمر، يشربون رشفات طويلة، ويغسلون وجوههم ويملئون ثآليلهم. حملت الرياح رائحة الزهور والأرض الرطبة، تناقض رائع مع جفاف الكثبان الرملية.
عندما يأتي المساء يجلس يوسف بجانب النار. عجوز بلحية بيضاء غنى لحن جاد اغنية من اعماق العصور اللهب سيخفف الوجوه المتعبة ولكن سعيدة.
«تذكر يا يوسف» يقول الرجل العجوز : )احنا مش تجار فقط.. نحن أبناء الصحراء حاملين ثقافة صحراوية تعيش في حكاياتنا وأغانينا وآثارنا على بحر الرمال هذا.(.
ومع طلوع القمر ببطء، أدرك يوسف أنه لم يعد صبيًا بسيطًا.
أصبح وريثًا، عابرًا للذاكرة، مسافرًا بين أولئك الذين جعلوا قلب الصحراء السري ينبض لقرون.