الرئيسيةثقافة

فندق‭ ‬الدروز‭ .. ‬مسرح‭  ‬البولتياما‭ !!‬

فندق‭ )‬الدروج‭( ‬تم‭ ‬بناؤه‭ ‬في‭ ‬1654م‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬الوالي‭ ‬‮«‬عثمان‭ ‬باشا‭ ‬الساقزلي‮»‬‭. ‬يقع‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬سوق‭ ‬‮«‬الترك‮»‬‭ ‬رقم‭ )‬112‭( ‬وله‭ ‬مدخل‭ ‬آخر‭ ‬بسوق‭ ‬‮«‬الحرير‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أضخم‭ ‬الفنادق‭ ‬بطرابلس؛‭ ‬حيث‭ ‬به‭ ‬100‭ ‬غرفة‭.‬

أما‭ ‬تسميته‭ ‬بفندق‭ ‬‮«‬الدروز‮»‬‭ ‬فإنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬رعايا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬مبعدين‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬الشام‭ ‬في‭ ‬الفندق‭ ‬وكان‭ ‬سبب‭ ‬مجيئهم‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬طائفية‭ ‬بموطنهم‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬من‭ ‬طائفة‭ ‬‮«‬الدروز‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬نزحوا‭ ‬إلى‭ ‬طرابلس‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬الإفراج‭ ‬عنهم‭. ‬

عندما‭ ‬احتلتْ‭ ‬إيطاليا‭ ‬ليبيا‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬الفندق‭ ‬وأصبح‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬مسرح‭ ‬‮«‬البولتياما‮»‬‭ ‬أي‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬المسرح‮»‬،‭ ‬قاعة‭ ‬هذا‭ ‬المسرح‭ ‬تتسع‭ ‬لحوالي‭ ‬500‭ ‬كرسي‭ ‬وشرفة‭ ‬وبه‭ ‬مدرج‭ ‬يسع‭ ‬لحوالي‭ ‬300‭ ‬كرسي‭.‬

لقد‭ ‬طالتْ‭ ‬يد‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتغيير‭ ‬الفندق‭ ‬منذ‭ ‬العهد‭ ‬التركي‭ ‬ليتلاءم‭ ‬والعروض‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬عديد‭ ‬الفرق‭ ‬عليه‭.‬

وفي‭ ‬إشارة‭ ‬لجريدة‭ ‬‮«‬الرقيب‮»‬‭ ‬لصاحبها‭ ‬الشيخ‭ ‬محمود‭ ‬نديم‭ ‬بن‭ ‬موسى‭. ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬كبير‭ )‬افتتاح‭ ‬تياترو‭ ‬البولتياما‭ ‬من‭ ‬جديد‭( ‬كتبت‭ ‬تقول‭: ‬قرَّرتْ‭ ‬الشركة‭ ‬العمومية‭ ‬للمسارح‭ ‬بطرابلس‭ ‬إصلاح‭ ‬‮«‬تياترو‭ ‬البولتيام»ا‭ ‬الكائن‭ ‬بسوق‭ ‬الترك‭ ‬وتخصيصه‭ ‬لفرق‭ ‬الطرب‭ ‬العربية‭ ‬والشرقية‭ ‬وإعادته‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قديماً‭..‬وستجلب‭ ‬له‭ ‬الفرق‭ ‬والأفلام‭ ‬المصرية‭ ‬وأسست‭ ‬به‭ ‬قهوة‭ ‬عربية‭ ‬بها‭ ‬أنواع‭ ‬المشروبات‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬إيجار‭ ‬الليلة‭ ‬الواحدة‭ ‬بهذا‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬1936م‭ ‬‮«‬500‭ ‬ليرة‮»‬‭.‬

شهد‭ ‬هذا‭ ‬المسرح‭ ‬عروض‭ ‬أكبر‭ ‬الفرق‭ ‬المسرحية‭ ‬والموسيقية‭ ‬والاستعراضية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأماكن‭ ‬والجنسيات‭ ‬حيث‭ ‬قدمت‭ ‬فرقة‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬سلامة‭ ‬حجازي‮»‬‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬شهداء‭ ‬الغرام‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬روميو‭ ‬وجولييت‮»‬‭ ‬ومسرحية‭ ‬‮«‬هملت‮»‬‭ ‬و«عطيل‮»‬‭ ‬كذلك‭ ‬قدمت‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬أبيض‮»‬‭ ‬للتمثيل‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬المسرحية‭.‬

شهد‭ ‬كذلك‭ ‬المسرح‭ ‬زيارة‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬يوسف‭ ‬وهبي‮»‬‭ ‬وقدمت‭ ‬فرقته‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬انتقام‭ ‬المهراجا‮»‬،‭ ‬الفنانة‭ ‬الكبيرة‭ ‬‮«‬فاطمة‭ ‬رشدي‮»‬‭ ‬أحيت‭ ‬ثلاث‭ ‬ليال‭ ‬عام‭ ‬1938م‭ ‬على‭ ‬بالمسرح‭ ‬قدمت‭ ‬خلالها‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬وعدة‭ ‬أعمال‭ ‬غنائية‭ ‬والفصل‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬كيليو‭ ‬باترا‮»‬‭.‬

مسرح‭ ‬‮«‬البولتياما‮»‬‭ ‬شهد‭ ‬تغييراً‭ ‬آخر‭ ‬سنة‭ ‬1943م‭ ‬حيث‭ ‬حولته‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬النصر‭ ‬للخيالة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬عرض‭ ‬شهدت‭ ‬عديد‭ ‬العروض‭ ‬السينمائية‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬شريط‭ ‬يعرض‭ ‬به‭ ‬‮«‬انتصار‭ ‬الصحراء‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬ناطق‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬بقي‭ ‬هذا‭ ‬المسرح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تمت‭ ‬تسميته‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بـ«دار‭ ‬عرض‭ ‬النصر‮»‬‭ ‬واتخذته‭ ‬أيضاً‭ ‬بعدها‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬المالوف‭ ‬والموشحات‮»‬‭ ‬منه‭ ‬كمقر‭ ‬لها‭ ‬وقدمت‭ ‬عليه‭ ‬عديد‭ ‬العروض‭ ‬بقيادة‭ ‬الفنان‭ ‬المرحوم‭ ‬‮«‬حسن‭ ‬عريبي‮»‬‭.‬

عاد‭ ‬‮«‬البولتياما‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬مسرح‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬تستغله‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬الفرقة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتمثيل‮»‬‭ ‬كمقر‭ ‬لها‭ ‬حيث‭ ‬أجريت‭ ‬له‭ ‬بعض‭ ‬أعمال‭ ‬الصيانة‭ ‬البسيطة‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬يتطلب‭ ‬الإمكانات‭ ‬الضرورية‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬مواصلة‭ ‬دوره‭ ‬كمَعْلم‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬مدينة‭ ‬طرابلس‭ ‬وشاهد‭ ‬على‭ ‬الحراك‭ ‬الفني‭ ‬والثقافي‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الفندق‭ ‬أو‭ ‬المسرح‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬فنادق‭ ‬المدينة‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬أطولها‭ ‬عمرًا‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى