رأي

في حضرة أحمد اليبوري

أمين مازن

نتيجة‭ ‬لما‭ ‬أفضله‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬التلفزيوني‭ ‬فأترك‭ ‬للصدف‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬بما‭ ‬يُعرَض‭ ‬من‭ ‬البرامج،‭ ‬كان‭ ‬حظي‭ ‬في‭ ‬مساء‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬المغربية‭ ‬وحصتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمثقف‭ ‬والمناضل‭ ‬المغربي‭ ‬الكبير‭ ‬أحمد‭ ‬اليبوري،‭ ‬وهو‭ ‬يطل‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬التسعين‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬العام‭ ‬الخامس‭ ‬والثلاثين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬يكد‭ ‬ينتظم‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬إلا‭ ‬والمعركة‭ ‬الوطنية‭ ‬المناوئة‭ ‬للوصاية‭ ‬المغربية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬فُرِضَت‭ ‬قسراً‭ ‬على‭ ‬السلطنة‭ ‬المغربية،‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬قوتها،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬أمام‭ ‬الطالب‭ ‬اليبوري‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ينخرط‭ ‬بصفوف‭ ‬المناضلين‭ ‬وينضم‭ ‬سريعاً‭ ‬إلى‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬تعززت‭ ‬بعديد‭ ‬الرموز‭ ‬أمثال‭ ‬المناضل‭ ‬الكبير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬وآخرين‭ ‬من‭ ‬نظرائه‭ ‬كما‭ ‬تحدث‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬ممن‭ ‬أفاضوا‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬اليبوري‭ ‬وسيرته‭ ‬العلمية‭ ‬والنضالية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الجامعة‭ ‬والنقابات‭ ‬والأحزاب،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لليبوري‭ ‬دائماً‭ ‬خصوصيته‭ ‬بها‭ ‬عندما‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬قوة‭ ‬الرأي‭ ‬واحترامه‭ ‬كذلك‭ ‬لدى‭ ‬الغير‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬عندما‭ ‬تخلّصَ‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬الأبوية‭ ‬التي‭ ‬تُصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الطلبة‭ ‬نُسَخاً‭ ‬مكررة‭ ‬من‭ ‬أساتذتهم‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬التميز‭ ‬وبوادر‭ ‬البروز‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لظهوره‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يوجَد‭ ‬الأستاذ‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬إعطاء‭ ‬ما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يغفل‭ ‬رصد‭ ‬مستوى‭ ‬التحصيل‭ ‬وعلامات‭ ‬الاستقلالية،‭ ‬إنها‭ ‬الخاصية‭ ‬التي‭ ‬أشاد‭ ‬بها‭ ‬الذين‭ ‬جمعهم‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬مع‭ ‬اليبوري‭ ‬الأستاذ‭ ‬فالمناضل‭ ‬وقيادي‭ ‬الحزب‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة‭ ‬رئيساً‭ ‬لاتحاد‭ ‬كتاب‭ ‬المغرب،‭ ‬وكان‭ ‬رهانه‭ ‬الكبير‭ ‬والدائم‭ ‬صون‭ ‬حرية‭ ‬المثقف‭ ‬والحذر‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬طغيان‭ ‬الوصاية‭ ‬وبالذات‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬أبواب‭ ‬الحزب،‭ ‬فقد‭ ‬استطاع‭ ‬اليبوري‭ ‬كما‭ ‬أجمع‭ ‬عارفوه‭ ‬وهو‭ ‬يقود‭ ‬اتحاد‭ ‬كتاب‭ ‬المغرب‭ ‬ويتصدر‭ ‬المكتب‭ ‬التنفبذي‭ ‬لحزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإشتراكي‭  ‬فيفلح‭ ‬في‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الإتحاد‭ ‬مثالاً‭ ‬لحرية‭ ‬التحرك‭ ‬المهني،‭ ‬ولئن‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬سُرِرْتُ‭ ‬كثيراً‭ ‬بما‭ ‬استمعت‭ ‬إليه‭ ‬وشاهدته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المحفل‭ ‬فرأيتني‭ ‬مطالَباً‭ ‬بالانظمام‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬استمعت‭ ‬وشاهدت،‭ ‬ومطالباً‭ ‬ولو‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬بتحية‭ ‬الأستاذ‭ ‬اليبوري،‭ ‬إذ‭ ‬قُدِّرَ‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أقترب‭ ‬منه‭ ‬كثيراً‭ ‬وألمس‭ ‬نفيس‭ ‬شمائله‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬أو‭ ‬هنا‭ ‬بليبيا‭ ‬وهو‭ ‬يثري‭ ‬الأنشطة‭ ‬بآرائه،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬والحق‭ ‬يقال‭ ‬من‭ ‬القِلَّة‭ ‬المُصرة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬من‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يُريب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يُريب،‭ ‬وكان‭ ‬شعاره‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬للتنازلات‭ ‬رجالها‭ ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬لها‭ ‬الوجود‭ ‬فليبحث‭ ‬عن‭ ‬القادرين‭ ‬عليها‭ ‬والمستعدين‭ ‬لها،‭ ‬وسلامٌ‭ ‬على‭ ‬اليبوري‭ ‬وهنيئاً‭ ‬للأسرة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬مختتم‭ ‬البث‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬نشك‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬خير‭ ‬عون‭ ‬لما‭ ‬اتصف‭ ‬به‭ ‬طوال‭ ‬عمره‭ ‬وتعدد‭ ‬مواقعه‭ ‬من‭ ‬الزهد‭ ‬والتخلِّي‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬في‭ ‬الرغبة‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ثمن‭ ‬سوى‭ ‬التخلِّي‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬أثمن‭ ‬وأخلد‭ ‬وأبقى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬زائل،‭ ‬وكلما‭ ‬وُجِدَت‭ ‬الأسرة‭ ‬قليلة‭ ‬المطالب‭ ‬رافضة‭ ‬المظاهر‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬أعظم‭ ‬ما‭ ‬يُرزَقُ‭ ‬به‭ ‬عديد‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬طالما‭ ‬انعقد‭ ‬الإجماع‭ ‬على‭ ‬إكبارهم‭ ‬أينما‭ ‬حَلُّوا‭ ‬مثل‭ ‬أحمد‭ ‬اليبوري‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى