قانون ٢٠-١٠ نص على إلزامية التأمين الصحي شمول التأمين يتطلب تمويلاً مستداماً .. قدرة تنظيمية .. بنية صحية كافية
زهرة برقان

التامين الصحي الذي يعتبر الان ضرورة العصر في كل العالم
فمن حق كل موظف في مؤسسة عامة وخاصة ان يتحصل على تامين صحي بمعايير وشروط تضمن جهة العمل حقها باستقطاع جزء من راتب الموظف والاتفاق مع المستشفيات والصيدليات لعمل بطاقات تامين
بعض الجهات تتمتع بهذه الحقوق وبتوسع ويحق لها العلاج في الداخل والخارج والبعض الاخر لم تتوفر المعايير لتوفير تلك الخدمة صحيفة فبراير من خلال تحقيقها ارادت الوقوف على الشروط ونقاط الضعف في عدم تمتع البعض بهذه الخدمة الضرورية جدا في وقتنا هذا لارتفاع اسعار العيادات والأدوية وعدم تحمل المرتب الهزيل التغطية
..توجهنا إلى شركة )القافلة( للتأمين
وطرحنا سؤالنا السيد عبد المنعم الشمام خبير التأمين الصحي، ومدير إدارة تأمين الأشخاص، وتكوين الأموال بشركة «القافلة» للتأمين السؤال نفسه توجهنا به إليهما.
الفرق بين التأمين الصحي والمسؤولية الطبية
يخلط كثيرون بين مفهوم التأمين الصحي ومفهوم التأمين ضد المسؤولية الطبية، رغم أنَّ كليهما ينتمي إلى منظومة الحماية الصحية، إلا أنَّ لكل منهما طبيعة مختلفة، وأهدافًا متميزة، كما ينظمهما تشريعان مستقلان في ليبيا.
أولًا: التأمين الصحي
يُعد التأمين الصحي نظامًا وطنيًا متكاملًا لتمويل خدمات الرعاية الصحية، يقوم على مبدأ التكافل الاجتماعي؛ بحيث تُموّل تكاليف علاج الأعباء الصحية للمواطنين من خلال وثائق ومنتجات تأمينية تُسوّقها شركات التأمين التجاري، أو عبر صندوق التأمين الصحي العام.
وينظم هذا النظام القانون رقم «20» لسنة 2010 بشأن التأمين الصحي، الذي يهدف إلى ضمان حصول المواطن على تغطية صحية شاملة وعادلة، تخفف من الأعباء المالية الناتجة عن تكاليف العلاج، سواء في القطاع العام أو الخاص.
ما المقصود بالتأمين الصحي وفق الرؤية التي يتبناها صندوق التأمين الصحي العام؟
يُعرّف التأمين الصحي وفق الرؤية التي يتبناها صندوق التأمين الصحي العام بأنه نظام وطني متكامل لتوفير وتمويل خدمات الرعاية الصحية، يقوم على مبدأ التكافل الاجتماعي والتضامن الوطني؛ بحيث تُموّل الخدمات الصحية من خلال اشتراكات إلزامية تُفرض على جميع المواطنين والمقيمين في ليبيا، مع ضمان العدالة في الوصول إلى الخدمات الصحية دون أي شكل من أشكال التمييز الجغرافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
يهدف هذا النظام إلى تحقيق الحماية الصحية الشاملة عبر تحويل النظام الصحي من نموذج التمويل المباشر )الدفع من الجيب عند تلقي الخدمة( إلى نموذج تمويل مؤسسي مستدام تُدار فيه الموارد عبر صندوق وطني واحد، يقوم بالتعاقد مع مقدمي الخدمات الطبية المعتمدين، سواء من القطاع العام، أو الخاص، وفق معايير جودة وكفاءة محدَّدة.
كما يسعى الصندوق إلى بناء نظام صحي عادل يضمن استمرارية التمويل واستدامة الخدمات، بحيث لا يكون المرض سببًا في الفقر أو العجز عن تغطية التكاليف العلاجية، بل يصبح العلاج حقًّا مكفولًا لكل مواطن، تموّله الدولة بشكل مباشر، أو من خلال مساهمات الأفراد والمؤسسات.
هل يمكن للصندوق أن يضمن تغطية صحية شاملة وعادلة لكل المواطنين؟
من الناحية المبدئية، نعم، فالقانون رقم «20» لسنة 2010 بشأن نظام التأمين الصحي نص صراحة على إلزامية التأمين الصحي لجميع المواطنين والمقيمين، وعلى أنَّ الدولة تتحمل أقساط التأمين عن الفئات غير القادرة مثل الأرامل، والأيتام وذوو الدخل المحدود.
إلا أن تحقيق الشمول والعدالة على أرض الواقع يتطلب توافر مقومات عديدة، من أهمها التمويل المستدام، والقدرة الإدارية والتنظيمية، والبنية التحتية الصحية الكافية في مختلف المناطق.
حاليًا، لا يزال الصندوق في مرحلة التأسيس والتطوير المؤسسي، إذ يعمل على بناء قواعد بيانات دقيقة للمؤمن عليهم، وإنشاء نظام معلومات صحي متكامل، إضافة إلى وضع أسس التعاقد مع المصحات العامة والخاصة.
لكن ما زالتْ هناك تحديات حقيقية، أبرزها ضعف تخصيص الميزانيات اللازمة لتغطية جميع المواطنين، وعدم تفعيل الإلزام القانوني على بعض الجهات.
ومن ثم فإن الوصول إلى تغطية صحية شاملة وعادلة يتطلب إرادة سياسية واضحة، وتمويلًا مستدامًا، وآليات رقابية فعالة تضمن التطبيق المتدرج والعادل للقانون.
ما الفرق بين التأمين الصحي العام، والتأمين الصحي الخاص؟
الفرق بين التأمينين يكمن في الهدف، وآلية التمويل، ومستوى الخدمات:
التأمين الصحي العام:
هو نظام وطني تموّله الدولة، والمواطنون عبر الاشتراكات، ويهدف بالأساس إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحد الأدنى من الخدمات الصحية الأساسية لكل مواطن، بغضّ النظر عن قدرته المالية. وتشمل هذه الخدمات الرعاية الأولية، والطوارئ، والعمليات الجراحية الأساسية، وتوفير الأدوية الأساسية.
يديره صندوق التأمين الصحي العام بصفته الجهة الحكومية المخوَّلة بتنظيم وتوزيع الموارد، ويقوم بالتعاقد مع مقدمي الخدمات الطبية المعتمدين لضمان جودة الخدمة واستمراريتها.
التأمين الصحي الخاص :
تقدمه شركات تأمين تجارية تعمل في السوق وفق تراخيص من الجهات المختصة، وتغطي خدمات إضافية أو بمستويات أعلى، مثل علاج الأسنان التجميلي، والإقامة الفندقية في المصحات، والعلاج في الخارج.
هذا النَّوع من التأمين اختياري، ويعتمد على قدرة الفرد، أو المؤسسة على تحمل التكلفة، وغالبًا ما تلجأ إليه الشركات الكبرى لتوفير مزايا إضافية لموظفيها.
ويُفترض أن يكون التأمين العام هو الأساس الوطني الضامن للحق في العلاج، بينما يأتي التأمين الخاص كخيار تكميلي لمَنْ يرغب في مزيد من الخدمات.
ما الخدمات التي يشملها التأمين الصحي حاليًا؟
تشمل وثائق التأمين الصحي الأساسية، وفقًا لما نص عليه القانون واللوائح التنفيذية مجموعة من الخدمات التي تمثل العمود الفقري للرعاية الصحية، من أبرزها :
- الفحص العام والاختصاصي والعلاج الطبي.
- خدمات الرعاية الأولية وطب الأسرة ومتابعة الحالات المزمنة.
- التحاليل المخبرية والفحوصات الشعاعية.
- العمليات الجراحية الكبرى والصغرى والإيواء بالمستشفيات والمصحات.
- خدمات متابعة الحمل والولادة ورعاية الأم والطفل.
- صرف الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
- علاج الأسنان واللثة ضمن حدود محدَّدة.
إلى جانب ذلك، تتحمل الدولة مسؤولية التمويل الكامل للخدمات الوقائية مثل :
التطعيمات، وبرامج مكافحة الأوبئة، والتثقيف الصحي، باعتبارها من الخدمات العامة التي تستهدف حماية المجتمع ككل، وليس الأفراد فقط.
ويعمل الصندوق حاليًا على تطوير دليل وطني موحد للمنافع الطبية يحدَّد بوضوح نطاق التغطية والحقوق الصحية لكل فئة من المؤمن عليهم.
لماذا توجد جهات ومؤسسات في الدولة لديها تأمين صحي وأخرى لا؟
يعود هذا التفاوت إلى غياب التطبيق الموحد للقانون رقم «20» لسنة 2010، وضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية، إلى جانب تفاوت الإمكانات المالية للمؤسسات.
فبعض الجهات مثل :
الشركات النفطية، والمصارف، وقطاع الاتصالات تمتلك ميزانيات مستقلة، أو ترتبط بعقود مع شركات تأمين خاصة، ما مكنها من تغطية موظفيها بتأمين صحي متقدم، بينما تعجز جهات أخرى عن تخصيص ميزانية لهذا الغرض.
كما أن غياب آلية إلزام واضحة، أو عقوبات رادعة على الجهات التي لم تشترك في النظام الوطني ساهم في استمرار هذا التفاوت.
ويؤكد الصندوق أنَّ أحد أهدافه الرئيسة في المرحلة القادمة هو توحيد المرجعية التأمينية للجهات العامة كافة؛ بحيث لا تبقى التغطية الصحية امتيازًا لفئة دون أخرى، بل حقًّا مكفولًا لجميع العاملين في الدولة.
ما المعايير التي يتم من خلالها تحديد الجهات، أو الفئات المشمولة بالتأمين الصحي؟
وفق اللائحة التنفيذية، يعتمد الصندوق في تحديد الفئات المستهدفة على مبدأ الأولوية والتدرج في التنفيذ؛ بحيث تُعطى الأولوية للفئات التالية:
- العاملون في القطاع العام، باعتبارهم نواة النظام الإداري للدولة.
-الفئات ذات الدخل المحدود، أو المعدوم؛ حيث تتكفل الدولة بسداد أقساطهم.
- المقيمون الأجانب العاملون بعقود رسمية داخل ليبيا.
يتم التدرج في التطبيق بناءً على القدرة المالية للصندوق ومدى جاهزية البنية التحتية الصحية في كل منطقة، بما يضمن عدالة التوزيع بين المدن والمناطق.
هل توجد خطة لمنظومة تأمين صحي تشمل جميع العاملين في الدولة؟ وما أبرز التحديات؟
نعم، لدى صندوق التأمين الصحي العام خطة واضحة المعالم تهدف إلى تغطية جميع العاملين في الدولة بشكل مرحلي ومدروس.
وقد بدأ الصندوق بالفعل في تطبيق التغطية على شريحة واسعة من المتقاعدين؛ حيث تم توفير خدمات الكشف العام والمتخصّص، وصرف الأدوية الأساسية، والعمليات الصغرى، والكبرى، إضافة إلى خدمات المتابعة الدورية.
وستتجه المرحلة المقبلة نحو تغطية القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم والداخلية، والدفاع، تمهيدًا لتعميم النظام على جميع مؤسسات الدولة.
لكن رغم وضوح الرؤية، تواجه الخطة عدة تحديات رئيسة، أبرزها:
- نقص التمويل، وتأخر تخصيص الميزانيات التشغيلية.
- ضعف البنية الإدارية والتقنية اللازمة لإدارة قواعد بيانات وطنية موحدة.
- تداخل الصلاحيات بين الجهات المشرفة على القطاع الصحي.
- الوعي المؤسسي بأهمية الالتزام بالتأمين الصحي الإلزامي.
ويؤكد الصندوق أن تجاوز هذه التحديات يتطلب تعاونًا مؤسسيًا شاملاً بين وزارات المالية والصحة والعمل، إضافة إلى دعم سياسي واضح لتطبيق القانون بعدالة وفعالية.
ما رؤيتكم لمستقبل التأمين الصحي في ليبيا خلال السنوات القادمة؟
تتلخص رؤية صندوق التأمين الصحي العام في إرساء نظام وطني موحد ومستدام يضمن العدالة في الحصول على الخدمة، ويحقق الاستدامة المالية عبر إدارة رشيدة للموارد.
ويعمل الصندوق على بناء منظومة إلكترونية وطنية متكاملة تربط بين الصندوق وشركات التأمين والمرافق الصحية، بهدف تعزيز الشفافية وسرعة الإجراءات، وتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات الطبية في مختلف أنحاء البلاد.
كما يسعى إلى توحيد نظم التسعير والمنافع بين التأمين العام والخاص، بما يضمن ضبط النفقات وتحسين جودة الخدمات.
وتشمل الخطة المستقبلية إطلاق برامج شاملة لتغطية العاملين في القطاع العام، على أن يتم لاحقًا توسيع المظلة لتشمل جميع المواطنين، تحقيقًا لمبدأ «الصحة حق للجميع».
وإذا ما تحقَّق ذلك خلال السنوات المقبلة، فإن ليبيا ستكون من أوائل الدول في المنطقة التي تطبق نظام تأمين صحي وطني شامل يقوم على مبادئ العدالة، والتكافل والاستدامة.
ثانيًا: المسؤولية الطبية
أما التأمين ضد المسؤولية الطبية فهو تأمينٌ من نوع خاص، لا يتعلق بعلاج المريض، أو تغطية نفقات الرعاية الصحية، بل يهدفُ إلى تعويض المرضى المتضرَّرين من الأخطاء الطبية التي قد تقع أثناء ممارسة المهن الطبية، والطبية المساعدة.
ويتم هذا التأمين من خلال استقطاع نسبة «5%» من قيمة دخل العنصر الطبي من أطباء وممرضين وفنيين وغيرهم من الممارسين الصحيين لتجميعها كاشتراكات سنوية تُحال إلى هيئة التأمين الطبي، وهي الجهة المخوّلة قانونًا بالنظر في تعويض أي مريض متضرَّر نتيجة خطأ طبي أثناء العمليات، أو الإيواء، أو أي إجراء طبي آخر.
وينظم هذا النَّوع من التأمين القانون رقم «17» لسنة 1987 بشأن المسؤولية الطبية، الذي يضع الإطار القانوني لضمان العدالة لكل من المريض والطبيب، وحماية سمعة المهنة وضمان جودة الممارسة.